الرئيسية » العراق » محاولة تشهير “بارزانية” لتقويض المحكمة الاتحادية العليا في العراق

محاولة تشهير “بارزانية” لتقويض المحكمة الاتحادية العليا في العراق

في مواقف تطرح تساؤلات حول مدى التزام القيادة السياسية في اقليم كردستان باحترام سلطات ومؤسسات الدولة العراقية الاتحادية، بما في ذلك القضاء، شن الزعيم الكردي مسعود بارزاني هجوما غير مسبوق على المحكمة الاتحادية العليا متهما اياها بانها تنفذ “اجندة مشبوهة” وحلت مكان “محكمة الثورة” التي كانت قائمة خلال عهد صدام حسين، وذلك فيما قام رئيس الاقليم نيجيرفان بارزاني بزيارة غير معلنة مسبقا الى انقرة، بعد ساعات على صدور قرار من المحكمة الاتحادية بعدم جواز القرارات الصادرة من الحكومة السابقة فيما يتعلق بارسال الاموال الى الاقليم.

وسام عبدالله

وكانت المحكمة الاتحادية العليا، احد الاركان الرئيسية للدولة العراقية، اصدرت حكما الاربعاء يقضي بإلغاء جميع القرارات الحكومية المتعلقة بتحويل أموال إلى موظفي إقليم كردستان، قائلة إن حكمها صدر بعدم صحة القرارات الصادرة من قبل مجلس الوزارء في عامي 2021 و2022 (خلال عهد مصطفى الكاظمي) بشان تحويل الاموال للإقليم.

وفي حزيران/يونيو 2021، قرر الكاظمي صرف 200 مليار دينار (138 مليون دولار) كسلفة شهرية مخصصة لدفع رواتب موظفي الاقليم. لكن النائب العراقي مصطفى السند رفع دعوى طالبا فيها إلغاء هذه القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء العراقي في عهد الكاظمي وبدأت بتطبيقها، بينما أعلنت الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني إرسالها دفعة بقيمة 400 مليار دينار في كانون الاول/ديسمبر الماضي. وقال السند بعد صور الحكم، ان قرار المحكمة الاتحادية سيكون “معياراً ومرجعاً قانونياً لجميع الحكومات اللاحقة ومن ضمنها الحكومة الحالية في عدم دستورية تحويل الأموال إلى الإقليم”.

واعلنت المحكمة الاتحادية العليا في بيانها، انها “قررت الحكم بعدم صحة القرارات الصادرة من قبل مجلس الوزراء، في 15/6/2021 وما بعدها “، وأن الحكم ” باتاً وملزماً للسلطات كافة”.

يذكر ان حكومة اقليم كردستان لم تلتزم حتى الان بتسليم الاموال التي تجنيها من مبيعات النفط من مناطق الاقليم، الى الخزينة المركزية في بغداد، وهو اجراء كان متفقا عليه، اذ يفترض ان تقوم الحكومة بعدها بارسال الاموال الى حكومة الاقليم لدفع الرواتب. وظلت حكومة الاقليم حتى الان تبيع النفط خارج سلطة الحكومة المركزية في بغداد وخارج شركة سومو المسؤولة عن تصدير النفط من العراق.

ومعلوم ان الخلاف بين الحكومة في اربيل وبين الحكومة الاتحادية في بغداد ما زال قائما حول تقاسم عوائد النفط وصلاحية السلطات في الاقليم فيما يتعلق ببيع مصادر الطاقة الى خارج العراق دون تسليم عوائدها الى بغداد. وتقول حكومة اربيل انه من دون حصتها هذه من الاموال المفترض ارسالها من بغداد، لن تتمكن من توفير الرواتب كاملة لمئات الاف الاشخاص من موظفي الادارات في مناطق الاقليم، علما بانها تؤمن جزءا من هذه الرواتب من خلال ايرادات مالية تجنيها من الاقليم نفسه.

يذكر انه بحسب وزارة المالية والاقتصاد في الاقليم، فان الرواتب الشهرية الإجمالية لموظفي الاقليم تبلغ نحو 616 مليون دولار، ويتم تأمينها كالتالي: مبيعات النفط 350 مليون دولار، ايرادات داخلية 128 مليون دولار، بالاضافة الى الأموال التي ترسلها الحكومة الاتحادية (200 مليار دينار) 138 مليون دولار.

وردا على قرار المحكمة الاتحادية، أصدر مسعود بارزاني، بيانا عبر هاجم فيه موقف المحكمة الاتحادية، واصفا اياه بانه “عدائي”، و”مثير للاستغراب”، مضيفا انه “كلما سادت أجواء إيجابية بين الإقليم وبغداد وسَنَحت الفرصة لمعالجة المشكلات، فإن المحكمة الاتحادية تقوم فوراً بزعزعة هذه الفرصة وتجهض الفرصة بإصدار قرار عدائي، وباتت سبباً لتعقيد الخلافات، ويبدو أنها تنفذ أجندة مشبوهة وتحل محل محكمة الثورة في النظام السابق”.

اما نيجيرفان بارزاني، فقد حط في انقرة فجأة حيث يتمتع حزبه الديمقراطي الكوردستاني بعلاقات تنسيق ومصالح اقتصادية واسعة مع الاتراك، حيث استقبله الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، وبحث معه علاقات اربيل وبغداد ومفاوضات حل المشاكل بينها وفرص التعاون بين الاقليم والعراق مع تركيا بشأن ملف الطاقة. وذكر بيان مشترك ان الطرفين اكدا على الرغبة في تطوير العلاقات بين الاقليم وتركيا في كل المجالات وخاصة في المجالين التجاري والاقتصادي والاستفادة من الفرص المتوفرة في توسيع التعاون المشترك في مجال الطاقة وأن يكون لها دور فعال في تلبية الحاجات حول العالم خاصة في أوروبا فيما  يخص الطاقة والغاز الطبيعي.

وكان مدير الشركة الوطنية لتسويق النفط “سومو” علاء الياسري، اعلن ان اقليم كردستان يصدر 430 ألف برميل يومياً عن طريق ميناء جيهان التركي، وان موازنة 2021 تلزم حكومة الإقليم بتسليم 250 ألف برميل، إضافة إلى 50 % من واردات المنافذ الحدودية.

وقدر حجم الموازنة العراقية للعام 2021 بحوالى 90 مليار دولار، ويحصل الاقليم على 12.67 % من أرقام هذه الموازنة، بعد أن تُحذف منها المصاريف السيادية، وحصل الاقليم بالتالي على قرابة 8 مليارات دولار خلال هذه السنة. ويتحتم على الاقليم بإنانتاجتاج 460 ألف برميل يومياً لصالح الحكومة المركزية، يستخدم منها 210 آلاف برميل لصالح عمليات الانتاج والنقل والاستهلال المحلي في الإقليم، بينما يسلم الباقي أي 250 ألف برميل للسلطة المركزية، ومعها نصف الموارد الحدودية التي تحصّلها حكومة الإقليم من عمليات الجمارك.

قرار إيقاف المبالغ المالية ليس القضية الوحيدة أمام المحكمة العليا فيما يتعلق باقليم كردستان، فأمام المحكمة دعاوى أخرى، الأولى ستعقد في 30 كانون الثاني/يناير الحالي، للنظر في الدعوى المرتبطة بالأموال التي تجبى عن البطاقة التموينية، والتي رفعتها الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية التابعة للحكومة الاتحادية ضد وزير التجارة والصناعة ومدير عام التجارة في إقليم كردستان، مطالبة بتسليمها الأموال التي تمت جبايتها من مواطني الإقليم عن تسلم حصتهم التموينية طوال الفترة الممتدة من كانون الأول 2004 حتى 30 أيلول/سبتمبر 2021.

أما الثانية، المقرر عقدها في 31 كانون الثاني/يناير، فقد رفعتها رئيسة كتلة الجيل الجديد في مجلس النواب العراقي، سروة عبد الواحد، بعد توحيد ثلاث دعاوى أخرى، طلبت إبطال القانون رقم (12) الصادر في (9 تشرين الأول/اكتوبر 2022) عن برلمان كردستان، والقاضي بتمديد عمر البرلمان سنة واحدة، كونه يتعارض مع مواد من الدستور العراقي.

تتأرجح العلاقة بين بغداد وإربيل، نتيجة تشابك الملفات وتعقيدها، إن كان فيما يتعلق بآلية تصدير النفط من الاقليم، حيث تسعى حكومة اربيل الى انتزاع موارد مالية اكبر من الحكومة الاتحادية، او فيما يتعلق بالتنسيق الامني بينهما، لتضاف إليها مواقف القيادات الكوردية التصعيدية الجديدة ازاء قرار المحكمة الاتحادية العليا.

عن جورنال