الرئيسية » اراء ودراسات » “الحريري الرابع” وحكومات التعثر

“الحريري الرابع” وحكومات التعثر

دخول جنة الحكومات في لبنان أسهل من جحيم الخروج منها. هذا اقله بالنسبة الى سعد الحريري الذي وجد نفسه في لحظة مباغتة، قبل نحو 15 سنة، في صدارة المشهد السياسي اللبناني.

دخل الحريري النادي السياسي في العام 2005، من أوسع أبوابه. لكنه انتظر حتى حزيران العام 2009، لتلوح أمامه الفرصة الأولى لتشكيل حكومة. عانت حكومته الاولى كثيرا قبل خروجها الى النور في تشرين الثاني/نوفمبر 2009، لكنها لم تدم سوى عامين.

معادلات تفجير خارجية، تفاعلت مع التوتر السياسي الداخلي. نار المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري، كانت تستعر من خلال اصدار القرار الظني. وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل، كانوا في المقابل، يضغطون من أجل فتح ملف “شهود الزور” في القضية للتحقيق معهم ومحاكمتهم.

وبينما كان الحريري يستريح على وسادة الرفض، استقال وزراء  تكتل الإصلاح والتغيير وحركة أمل وحزب الله، فترنحت حكومته على أغلبية وزير وحيد: عدنان السيد حسين.

الرئيس الاميركي وقتها باراك أوباما أبلغ الحريري بسقوط حكومته بعدما فقدت النصاب الدستوري، خلال اجتماعه معه، اذ قدم عدنان السيد حسين استقالته في بيروت، بينما كان الحريري في واشنطن يهم بدخول البيت الابيض في كانون الثاني/ ديسمبر العام 2011.

كان هذا شكل السقوط الاول. انتظر بعدها الحريري حتى اواخر العام 2016 ليشكل حكومة بتكليف من الرئيس عون. ولم يمض سوى عام على حكومته الثانية، حتى قدم استقالته تلفزيونيا، خلال زيارة الى السعودية في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر العام 2017. 

أهتز لبنان من اقصاده الى اقصاه. الرئيس عون اكد ان الحريري تعرض الى “الخطف”. أشاع احتجازه في الرياض اجواء تضامنية واسعة معه في لبنان.  صحيح انه تراجع عن استقالته بعد عودته الى بيروت، لكنه بعدها بنحو ستة شهور خرج مثخنا بجراح خسارة عدد كبير من المقاعد في المجلس النيابي.

وبرغم ذلك، أعيد تكليفه لتشكيل حكومة جديدة، لكن “الحريري الثالث”، تأخر تسعة شهور لانجازها.

والآن، تحت وطأة احتجاجات داخلية وانهيار اقتصادي ومتطلبات مؤتمر “سيدر” وأفول رهانات سياسية عديدة على تحولات اقليمية كبرى، وئدت الحكومة وهي لما تزل في شهرها العاشر.

يتساءل اللبنانيون: أيكون ل”الحريري الرابع” مكان مجددا في الحياة السياسية، وهل سيشكل حكومة مرة أخرى؟ واذا أعطي فرصة جديدة، كم ستعمر هذه المرة؟  

خليل حرب

عن خليل حرب

خليل حرب، صحافي لبناني، مدير تحرير في جريدة "السفير" سابقا. يشغل اليوم منصب رئيس تحرير موقع "جورنال".