الرئيسية » اراء ودراسات » حوار مع الدكتور محمد حجيج: أنا هاجرت .. وهذا واقع الصحة في لبنان

حوار مع الدكتور محمد حجيج: أنا هاجرت .. وهذا واقع الصحة في لبنان

من اخطر مظاهر الازمات المعيشية التي ضربت الشريحة الاكبر من اللبنانيين خلال السنوات الثلاث الماضية، التدهور الحاد الذي اصاب القطاع الصحي عموما، ما يعني المساس بسلامتهم وحياتهم بشكل مباشر.

والى جانب ظواهر تردي الخدمة الصحية، مع هجرة مئات الاطباء والممرضين، الى الخارج، وهو ما كان ترافق ايضا مع مرحلة انتشار وباء كورونا، فان العديد من المؤسسات والمراكز الصحية اغلقت ابوابها وتوقفت عن العمل، وهو انحدار لم تسلم منه المستشفيات التي كانت في يوم من الايام، احد وجوه البلد المشرقة، والمستقطبة للمرضى من مختلف الاقطار العربية بسبب جودة خدماتها الصحية.

قبل ايام، اجرت “الدولة للمعلومات” دراسة قالت فيها إزاء ارتفاع نسبة الاستيراد في العام 2022 إلى مستوى متقارب مع  نسبته في الأعوام التي سبقت الأزمة، نجد أنّ الدّواء قد سجّل تراجعاً ملحوظاً، فقد وصلت قيمة استيراده إلى 343.2  مليون دولار هذا العام بعد أن كانت 964.6 مليون دولار في العام 2018، أي مع تراجع مقداره 621.4 مليون دولار ما نسبته 64.4%.

وتابع “الدولية للمعلومات” انه لجهة الكميّات، فقد تراجعت من 10,129 طناً إلى 6,171 طناً (2018 و2022 تباعاً) أي أنّها سجّلت تراجعاًت بقيمة 4,048 طناً نسبته 39.6%.

ولفتت الى ان هناك عدة اسباب وراء ذلك، من بينها عدم القدرة على دفع ثمن الدّواء خاصّة لدى فئات كبيرة من اللّبنانيّين وهذا ما يهدّد صحتهم، واعتماد أصناف (من الدّواء) أقلّ سعراً، وزيادة الاعتماد على الأدوية المصنّعة محلياً لتدنّي أسعارها، وأيضاً جودتها والتي زاد انتاجها.

وبالاضافة الى ذلك، اشارت في دراسة اخرى الى تزايد اعداد اللبنانيين الذين لا يمتلكون القدرة على تحمّل تكلفة الاستشفاء في المستشفيات، سواء على نفقتهم الخاصّة أو على نفقة وزارة الصحّة العامّة أو الجهّات الضامنة.

وبعدما خسرت الليرة بانهيارها السريع، قيمتها امام الدولار، تضررت رواتب اللبنانيين في ظل احد اسوأ ازمات العالم منذ اكثر من 100 سنة، بحسب البنك الدولي، وجعلهم ذلك اكثر انكشافا امام المرض والعجز على تلقي الطبابة الملائمة.

وحاور “جورنال” الدكتور محمد حجيج، المتخصص بالجراحة العامة وجراحة الكبد والبنكرياس، حول الاوضاع التي اصابت القطاع الطبي في لبنان.

وردا على سؤال عما اذا كان قطاع الاستشفاء قد تخطى مرحلة الخطر الاكبر واصبح اكثر استقرارا، قال الدكتور حجيج ان “الاستشفاء ما زال في مرحلة دقيقة حيث العديد من الاطباء – وغيرهم من موظفي القطاع الصحي- ما زالوا يهاجرون حيث لا يتوفر الاستقرار حتى الان، وطالما ان الوضع الاقتصادي غير مستقر، سيبقى القطاع الصحي في وضع غير مستقر”.

وحول تراجع قدرة اللبنانيين على الحصول الاستشفاء، قال الدكتور حجيج ان “قدرة اللبناني على دفع فواتير وتحمل تكاليف المستشفيات قد تدهورت. وهذا بالتالي يؤدي الى تضرر مباشر وحتى بالنسبة الى الطبيب الذي عليه فواتير ودفعات حياتية يومية بالدولار”.

وردا على سؤال حول واقع تدهور المستشفيات، قال الدكتور حجيج “ان هجرة المئات من الاطباء الاكفاء من لبنان، ادى الى تفريغ المستشفيات والقطاع الصحي من هذه الكفاءات، وهذا يؤدي الى تراجع المستوى الطبي”.

وقال الدكتور حجيج “ان هجرة المئات من الاطباء والحرفيين الى خارج لبنان هو مؤشر على ان القطاع الطبي ما زال يتدهور وليس بحالة مستقرة. انا شخصيا هاجرت واصطحبت معي 15 طبيبا لبنانيا الى افريقيا”.

ولفت الدكتور حجيج الى “تراجع نسبة استيراد الادوية، ونوعية الادوية بشكل ملحوظ، وهو ما يؤدي الى ازمة في ايجاد الادوية المناسبة وتراجع مستوى نوعية الادوية بعدما كان لبنان بالسابق مقصدا لدول عربية كالعراق الى شراء العديد من الادوية وهذا ادى الى عرقلة هذه السياحة الطبية”.

وحول لجوء العديد من اللبنانيين الى ادوية اقل كلفة او الحصول عليها من دول اخرى، قال الدكتور حجيج ان “رفع الدعم عن الادوية ادى الى اللجوء الى الادوية الرخيصة وحتى الغير معروفة، وادى الى نشوء السوق السوداء مما ادى الى تراجع القدرة على شراء الادوية المناسبة والى تدهور صحة الكثيرين لانهم غير قادرين على تحمل تكلفة السوق السوداء او اللجوء الى ادوية غير معروفة المصدر فقط لرخص سعرها”.

وفيما يتعلق بأدوية السرطان، قال الدكتور حجيج انه بسبب عدم توفر الادوية السرطانية بجميع انواعها، اصبح هناك الالاف من المرضى ممن تاخرت علاجاتهم ومنهم ما ذهب الى بلاد مجاورة للحصول على تلك الادوية. واضاف قائلا ان “كل ذلك ادى الى التقصير في العلاج وعدم الحصول على العلاجات في وقتها المناسب”.

عن جورنال