يعتبر بدر شاكر السيّاب من أهم الأدباء العراقيين والعرب، لما تركه من تطور في مسار القصيدة العربية، بالشكل والمضون. ولأهميته في تاريخ العراق الثقافي، أعلنت الحكومة العراقية اليوم عن إعادة تأهيل وترميم بيته في محافظة البصرة، بعد تعرض المنزل قبل أيام إلى انهيار أجزاء من غرفه.
وسام عبدالله
وأصدر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بيانا، قال فيه ” تأكيداً للمكانة الرمزية الكبيرة التي يحظى بها الشاعر بدر شاكر السيّاب عراقياً وعربياً، بوصفه رائد حركة التجديد في الشعر العربي المعاصر، وجّه رئيس الوزراء، بإعادة تأهيل وترميم بيت الشاعر السياب، الذي تعرض مؤخراً إلى أضرار وبعض الانهيارات “. وأكد السوداني حسب البيان أن “الشاعر الراحل بدر شاكر السياب يعد رمزاً شعرياً كبيراً، وأيقونة عراقية نفخر بها، وأن من واجب الحكومة الحفاظ على كامل إرثه، ومنها منزله في البصرة الذي يُقبل محبوه لزيارته من داخل العراق وخارجه”.
وتعود فكرة تأهيل المنزل إلى فترة الثمانينات، ولكن نتيجة الحروب والازمات المتتالية تم تأجليه، مثل الحرب العراقية الايرانية، ومن ثم غزو العراق عام 2003. وكانت الحكومة العراقية عام 2012 أعلنت عن تخصيص قرابة الـ 500 مليون دينار عراقي لإعادة بناء البيت الذي ولد فيه بدر شاكر السياب وتحويله إلى متحف ومنتدى يحمله اسمه، والبيت يعود تاريخ بناءه إلى العام 1800 ويعتبر من المباني الأثرية.
ولد بدر شاكر السيّاب في العام 1926، ويقع بيت السياب في قرية جيكور في قضاء أبي الخصيب بمحافظة البصرة، والتي انطلقت منها أولى محاولاته الشعرية في مدرسته الإبتدائية بعمر الثانية عشرة، ويصف السياب تلك القصيدة، بأنها كانت صحيحة من ناحية الوزن ولكنها كانت مليئة بالأخطاء النحوية.
وعلى الرغم من حياته القصيرة ووفاته بعمر 38 عاما، اعتبر السيّاب رائدا في حركة التجديد الادب العربي وأحد مؤسسي الشعر الحر، فاستطاع المحافظة على اللغة العربية الفصحى والسليمة وفي ذات الوقت جعل القصيدة العربية تواكب التطور العالمي في الشعر، ويأتي ذلك نتيجة دراسته ومواكبته لمختلف أنواع الأدب، إن كان عربيا، وإعجابه بالمتنبي والمعرّي والجاحظ وأبي تمام، ومن خلال سنوات دراسته في بغداد بدراسته الأدب الإنجليزي وتأثر به، إضافة للأدب الأمريكي والتراث الفكري العالمي.
وتعتبر قصائده أولى قصائد الشعر الحر، ومنها “أغنية قديمة” و” في السوق القديم” و”هل كان حبا”، وأصدر عشرة دواوين، منها ” شناشيل ابنة الجلبي 1964″ و”المومس العمياء 1954″ و”المعبد الغريق 1962″ و “أزهار وأساطير 1950″، وفاز ديوانه “أنشودة المطر 1960” بمسابقة شعرية أقامتها مجلة “شعر” اللبنانية والتي كانت تضم نخبة من الأدباء العرب.
لم تنفصل قصيدة السياب عن حياته العائلية ومواقفه السياسية، ففي بدايات الأربعينيات، بدأ حضوره الشعري، وظهور افكاره وميله الشيوعي حينها، وفي الخمسينيات اجتاحت المظاهرات العاصمة بغداد، وكان السيّاب من ضمن المشاركين فيها، والتي لحقتها حملة اعتقالات، اعتقل فيها عدد من أصدقائه، فاضطر إلى الهرب باتجاه البصرة. ونتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة، عمل موظفا في مديرية الاستيراد والتصدير العامة مع عمل إضافي في جريدة ” الشعب”. وتوفي في العام 1964 في الكويت، بعد إصابته بمرض عضال أفقده القدرة على المشي، لتنقل جثته وتدفن في محافظته البصرة.