الرئيسية » Uncategorized » عن الخليفة اللغز للبغدادي .. وعودة “داعش”

عن الخليفة اللغز للبغدادي .. وعودة “داعش”

منذ تعيينه زعيما لتنظيم “داعش” في 31 تشرين اول 2019، لم يظهر ابو ابراهيم الهاشمي القرشي على الملا، ولم يدل بتصريحات علنية، ما يعزز الغموض والالتباس، لا ذلك الذي يحيط به وحده وبحقيقة شخصيته، وانما ايضا بالتنظيم الارهابي نفسه الذي دخل مرحلة مجهولة بعد الاعلان الاميركي عن مقتل زعيمه ابو بكر البغدادي.

خليل حرب

+++++++++++++++++++++++++++++++++++++

وفي الاعلان عن تعيين ابو ابراهيم القرشي، لم يقدم تنظيم “داعش” اية تفاصيل متعلقة بخليفة البغدادي، والذي صدر بعد اربعة ايام فقط على اغتيال البغدادي نفسه في غارة اميركية في احدى القرى قرب محافظة ادلب السورية، بالقرب من الحدود مع تركيا في 27 تشرين الاول 2019.

وصدر الاعلان عن ما يسمى “مجلس الشورى” للتنظيم في تسجيل صوتي اذاعه حساب عبر “تلغرام” توعد فيه ايضا بالثار لمقتل البغدادي. لكن البيان الصوتي المقتضب لم يعط اية معلومات حول ابوابراهيم القرشي، ما يبقي التساؤل قائما حول قدرته على تولي امور زعامة ابرز التنظيمات الارهابية في العالم والذي استخدم لتدمير مقدرات العراق وسوريا، ويتمدد في اماكن اخرى من العالم، من اليمن ومصر وليبيا ونيجيريا وصولا الى جنوب شرق اسيا. 

ويقول خبراء انه من الطبيعي الا يظهر ابوابراهيم القرشي في مرحلة ما بعد اغتيال البغدادي، لمخاوف امنية، وفي ظل انهيار قبضة “داعش” في سوريا والعراق، ومع اضطرار التنظيم الى الانكماش للتاقلم مع الظروف الميدانية والامنية الجديدة، وربما محاولة تنظيم صفوف فلول التنظيم ما بين البلدين.

وبينما يقول خبراء امنيون ان “داعش” يعمل على تعديل استراتيجياته لاسباب عدة من بينها بالاضافة الى اغتيال البغدادي، سقوط معقل “الخلافة” المزعومة في الموصل العراقية والرقة السورية، وفقدان معاقله كلها في سوريا، على الرغم من استمرار وجود خلايا له في اكثر من منطقة سورية وعراقية، مع خيوط تمويل مرجحة من داخل تركيا وغيرها.

وعلى الرغم من علامات التعجب الكبرى التي صدرت من دمشق وموسكو وطهران حول حقيقة الاعلان الاميركي عن مقتل البغدادي، الا ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب كان حريصا على توصيف العملية العسكرية التي يفترض انها اودت بحياته قائلا في اكثر من تغريدة وتصريح صحافي ان زعيم “داعش”، “مات ميتة الكلاب والجبناء” وهو يفر من جنود القوات الخاصة التي داهمت مقره السري في ادلب، الى ان فجر نفسه داخل نفق.

وفي حين ان رئيس هيئة الاركان الاميركية، مارك ميلي قال حول ابو ابراهيم القرشي، “تتوفر لدينا كمية كبيرة من المعلومات حول هوية هذا الشخص… سنراقبه، وسنبدا باصطياده”، الا هناك العديد من الشكوك حول حقيقة هوية القرشي، خصوصا ان الاعتقاد الشائع كان يشير الى ان شخصا اخر يدعى عبدالله قرداش، هو الرجل الاول في التنظيم بعد البغدادي الذي كان اشار اليه على انه خليفته المحتمل في بيان وزعه في شهر اب 2019.

ومن المعروف ان قرداش هذا تشارك سجن بوكا الاميركي في العراق مع البغدادي واصبحا مقربين منذ 16 سنة. ولم تعرف ظروف خروجهما من السجن الاميركي. وكان قرداش ضابطا سابقا في الجيش العراقي والتحق لاحقا بالتنظيمات الارهابية، الى ان اصبح الذراع اليمنى للبغدادي، وصعد في صفوف “داعش” الى ان اصبح بمنزلة “وزير الدفاع”.

ولهذا يطرح العديد من الخبراء الشكوك حول كيفية تولي ابوابراهيم القرشي زعامة التنظيم بدلا من قرداش، المتمتع بخبرة طويلة في صفوف التنظيم. لا بل ان تقارير استخبارات غربية لا تستبعد احتمال ان يكون القرشي الذي لم يكن معروفا من قبل، هو نفسه قرداش، وذلك بغرض التمويه والتضليل.

وقرداش هذا عراقي تركماني، واسمه الحقيقي هو حاجي عبدالله العفري، في حين ان اسم القرشي يحمل بعدا دينيا معينا يربطه بقبيلة قريش والنبي محمد، وهو بحسب ما يعتقد يتحدر من قضاء تلعفر في شمال العراق.

ومما يعزز الشكوك ان وكالة اعماق، وهي الذراع الاعلامية لتنظيم “داعش”، كانت قد اشارت في اب 2019، الى ان البغدادي رشح قرداش ليتولى “رعاية شؤون المسلمين”، خصوصا انه سبق له ان شغل منصب “الشرعي العام” لتنظيم “القاعدة”، التنظيم الام الذي انبثقت منه “داعش”.

مجلة “نيوزويك” الاميركية كانت ايضا من جهتها نقلت عن مسؤول استخباراتي  اقليمي قوله ان قرداش يتولى المهمات القيادية في التنظيم بعدما توارى البغدادي طويلا عن الانظار.

ومما توفر حوله من معلومات، فان قرداش هذا اتسم بالتشدد والتسلط والقسوة، وكان من اوائل مستقبلي البغدادي عندما سقطت الموصل بقبضة “داعش”.

ولزيادة تعقيدات اللغز الداعشي، تقول مصادر اميركية ان ابوابراهيم القرشي الذي كان احد قادة “القاعدة” وقاتل ضد الاميركيين في العراق، كان يلقب باسم “الحاج ابوعبدالله”، وانه يحمل اسما اخر هو امير محمد سعيد عبدالرحمن المولى، وهو متورط ايضا في جرائم الابادة التي طالت الاقلية الايزيدية في العراق خلال العام 2014. 

وبهذا المعنى، فاننا اما امام رجل واحد بهويتين مختلفتين، او رجلين  مختلفين، لكن “داعش” صار شديد الحذر للدرجة التي تجعله يلوذ بالصمت فيما هذه الحيرة قائمة في انحاء العالم منذ شهور حول الزعيم الحقيقي لتنظيم “داعش”.

ما بعد البغدادي

علق احد انصار تنظيم ما يسمى “هيئة تحرير الشام” المعادية لتنظيم “داعش”، ساخرا على تطبيق “تليغرام”: “مجلس شورى وهمي عين خليفة غير معروف للحكم عبر حسابات مجهولة الهوية على تليغرام وتويتر وربما يجلس المتحدث باسمها في نيويورك او ابو ظبي للسيطرة على ادمغة السذج”.

ومهما يكن، تشير ملامح المشهدين السوري والعراقي مع الاندحار الكبير ل”داعش” الى ان التنظيم الارهابي يتجه اكثر الى نمط عمل العصابات السرية، لكنه سيستفيد كثيرا من تدهور الاوضاع الاجتماعية والامنية في العراق، والتدخل العسكري التركي الذي زعزع القبضة الامنية في المناطق التي كان يسيطر عليها المسلحون الاكراد. 

An aerial view taken on on October 27, 2019 shows the site that was hit by helicopter gunfire which reportedly killed nine people near the northwestern Syrian village of Barisha in the Idlib province along the border with Turkey, where “groups linked to the Islamic State (IS) group” were present, according to a Britain-based war monitor with sources inside Syria. The helicopters targeted a home and a car on the outskirts of Barisha, the Syrian Observatory for Human Rights said, after US media said IS leader Abu Bakr al-Baghdadi was believed to be dead following a US military raid in the same province. Observatory chief Rami Abdel Rahman said the helicopters likely belonged to the US-led military coalition that has been fighting the extremist group in Syria. / AFP / Omar HAJ KADOUR

وفي ضوء ذلك، بالاضافة الى مقتل البغدادي، فقد يلجا التنظيم الى تنفيذ هجوم ارهابي كبير لمحاولة اثبات انه ما زال قويا والنجاح في استقطاب عناصر جديدة الى صفوفه.

وبحسب وزارة الدفاع الاميركية، لا يزال ل”داعش”، ما بين 14 و18 الف عنصر نشط في العراق وسوريا. وتعتبر المسؤولة السابقة في البنتاغون دانا ستراول انه “كما ان مقتل بن لادن لم يؤد الى نهاية تنظيم القاعدة، اتوقع الا يكون التخلص من البغدادي نهاية لداعش”.

وبرغم هذا التقديرات، فان من المتوقع ايضا ان يشهد التنظيم صراع اجنحة في داخله تشتت قواته وصفوفه، فالى جانب ابوابراهيم القرشي، هناك رؤوس لا تقل تطرفا وقوة، من بينها ابو عثمان التونسي وابو صالح الجزراوي، وهو سعودي الجنسية. لكن لانهما ليسا من العراق او سوريا، على غرار غالبية عناصر “داعش”، فان ذلك قد يقود الى انشقاقات داخله.

وتنقل وكالة “رويترز” عن محللين قولهم ان مسالة تاثير خسارة الزعيم على قدرات التنظيم يبقى امرا خلافيا وحتى ان واجه التنظيم صعوبات في نقل زمام القيادة فسيظل فكر الكراهية الطائفية الاساسي الذي يروج له، جذابا للكثيرين.

“كايلا مولر”: هكذا قتل البغدادي
البغدادي ربما لم يقتل !

عن جورنال