الرئيسية » اراء ودراسات » ترامب والكتاب المقدّس
US President Donald Trump holds up a Bible outside of St John's Episcopal church across Lafayette Park in Washington, DC on June 1, 2020. - US President Donald Trump was due to make a televised address to the nation on Monday after days of anti-racism protests against police brutality that have erupted into violence. The White House announced that the president would make remarks imminently after he has been criticized for not publicly addressing in the crisis in recent days. (Photo by Brendan Smialowski / AFP) (Photo by BRENDAN SMIALOWSKI/AFP via Getty Images)

ترامب والكتاب المقدّس

جليس البيت الأبيض، يراقب المشهد من خلف النوافذ… في خلال الأيام الماضية، الحاضر على الشاشات لم يكن ترامب بصورته المألوفة” رئيس أعتى دولة في العالم”.

ما نقلته عدسة الكاميرات كان رجلًا آخر لم يجد أمامه من سلاح يواجه به المتظاهرين سوى” الكتاب المقدس”!

التّشبّث بالكتاب السّماويّ في مقابل الغضب الشّعبي يبدو نافرًا، دهاء ترامب لم يسعفه في التّعامل مع المحتّجين، والخطّة التي خرج بها سرعان ما ستعلن إفلاسها.

بدت صورته مثيرة للشفقة. في سيمياء الصّورة ترشح العديد من الدلالات.

ثمّة تناقض فاضح بين الكتاب المقدّس وحامِله، ثمّة هوّة سحيقة بين ما يمثّله الإنجيل من قيم الإنسانيّة والمحبّة والتّسامح والنّقاء والتّصالح، وبين ما أرساه ترامب ومَن تسلّم زمام الحكم قبله.

الصّورة تجمع المتناقضات: الشّرّ كلّه والخير كلّه، المحبّة في أبهى صورها والكراهية في أجلى مظاهرها، العدالة من جهة والظّلم من جهة ثانية.

لم يكن ترامب موفّقًا في الخروج متأبّطًا الكتاب المقدّس الذي بدا نورًا سلّط الضّوء مجدّدا على ما يختزنه حبيس البيت الأبيض من شرور في أعماقه.

هذا الصّراع بين السّلطة والشّعب، ومحاولة إقحام الدين لتبرير أفعال السلطة ليس أمرًا جديدا ولم يكن ترامب من اجترحه بل هو ديدن الحكّام على مرّ العصور، منذ ما قبل الميلاد وصولًا الى يومنا هذا.

إنّهم، كما تثبت التجارب، في كثير من الدول المشرقية والعربيّة، يلجأون إلى سلطة رجال الدين لترسيخ دعائم حكمهم وضمان انصياع المواطنين لهم، ولاسيّما البسطاء منهم.

ممّا تقدّم، يظهر أنّ الصراع يبقى قائمًا بين السّلطة الدينيّة التي غالبًا ما تحمي الفساد السياسي وتشكّل حصانة له، وبين الأصوات التي تدعو إلى فصْل الدين عن الدولة.

والسّؤال المطروح: إذا ما حاول ترامب الالتفاف حول سلطة الكنيسة والاستقواء بها هل سيتمكّن من فرْض شروطه؟

يبدو هذا الأمر مستبعدا فالشّعب الاميركي ليس شعبًا مؤدلجًا دينيًا بالكامل، على العكس تمامًا من الشّعوب في هذه البلاد حيث الآية معكوسة: المواطنون يحملون الكتب السماوية، ويتضرّعون إلى الله ليحمي الزعيم!

نازك سلمان بدير

أستاذة في الجامعة اللبنانية

اقرأ ايضا :

عن جورنال