الرئيسية » العالم والخليج » حب في زمن الحصار : من الرسم الى فن النجارة

حب في زمن الحصار : من الرسم الى فن النجارة

 

غزة- عبد الله أبو كميل

 

على أعتاب تلك المنجرة تستوقفك جدرانها المتزينة بالأيقونات الفنية الخشبية التي تدلت من أعلاها على شكل متدرّج، تقابلها رفوف قُسمت لخانات متعرجة، اصطُفّت عليها بعض القطع الأيقونيّة،  تعدّدت أشكالها واستخداماتها، وعلى جانب أحد الماكينات تصطف ألواح خشبية طويلة تنّوعت أصوُلها ما بين اللوزية والزيتونّية وشجرة السرو.

وسط ذلك المشهد الجمالي يسير الحاج هشام كحيل بخطواتٍ واثقة متجها نحو مكنةٍ خصّصت لقطع الأخشاب، وبنظراتٍ على ما يبدو أنّها رسَمت في مُحيّاها شكلاً فنياً، قَسمَ لوحاً خشبياً لعدة أجزاءٍ، وبالتنقل بإحدى القطع التي مرت بمراحل من مكنٍة لأخرى بين الحفر والتنشير والبردخة،  تكوّنت أيقونة فنّية ذات معنى عميق.

الحاج هشام كحيل (67عامًا)، من سكّان غزّة، تتمثّل مهنيّته الفّنية في عشقه لحرفة النجارة، من خلال الحفر على بعض القطع الخشبية وصناعة المقتنيات الأثاثية.

يقول كحيل: إنّه بدأ الولوج في مهنة النجارة منذ أربعين عامًا، ولا زالّ يمارسها ويحاكي  شغفة المهني من خلال النقش والحفر والرسم علّى المنحوتات الخشبية مستحبًا الاستيحاء في عمله.

وقال ل”جورنال”: “اتقنتُ تعلم النجارة بعد اجتيازي الدبلوم المهني، وتخصصت في تصميم الأشكال الفنية ذات الطابع الهندسي وتصاميم المنازل وورشات العمل، واتجهت بعد ذلك  لصناعة المقتنيات الفنية المستخدمة في الزينة، تنقلت خلال تلك المرحلة من العمل إلى عدة دول عربية وخليجية وعملت في المهنة ذاتها”.

 

 

وأكد أنّ حبه للفن والرسم هو السبب الحقيقي وراء ذلك إلى جانب متعته بإتقان استخدام بعض الأدوات اليدوية كالزميل والمطرقة الحديدية، والاندماج في نقش اللوح الخشبي الذي يترك أثرا كبيرا من المتعة في نفسه.

وحول المصدر الذي يعتمده في الحصول على أنواع الأخشاب المستخدمة  في صناعة التحف الفنية، أوضح كحيل أنّه يعتمد على الأخشاب المحلية داخل قطاع غزّة، مثل أخشاب شجرة الخروب والصنوبر وأشجار الحمضيات واللوزيات وغيرها.

وبيّن كحيل أنّ مصدر الحصول على  الأخشاب سابقًا كانّ ينقسم لثلاثة مراحل أولها، الحطاب وهو المختص بجمع الأخشاب واستيرادها من الخارج وبيعها لأصحاب المناجر، بالإضافة إلى الاخشاب المحلية التي يتم جلبها من أشجار غزّة، إلى جانب ما يتم زراعتها في  المزارع المحلية.

ولفت إلى أنّه يتم استخدام الأخشاب المستوردة من الخارج والمتخصصة في صناعة المقتنيات المنزلية، لكنّ بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة منذ العام 2007 أصبحت تلك الأخشاب نادرة  وأسعارها مرتفعة، مّما دفعه للاعتماد على الأخشاب المحلية فقط.

ومن الجدير ذكره أنّ سعر كوب الخشب كان يبلغ 2300 شيكل، بينما الآن في ظل الحصار أصبح سعره 7000 شيكل.

ومع انهماكه بترتيب بعض القطع الفنية علّل سعيه في الحفاظ على عمق المدلول الثقافي لمهنته من الاندثار وإعادة إحيائها في ظل التطور الذي يعيشه، من خلال مبادرته بإقامة ورشات ومعارض تعريفية لمهنة النجارة والمقتنيات الخشبية، والتي  تستهدف فئة الطلاب من المدارس والجامعات، إلى جانب مشاركته في عدة معارض احتفالية على المستوى المحلي.

 

 

ويشتكي كحيل مّما يعانيه باقي سكان عزّة علّ أبرزها انقطاع الكهرباء المستمر من دون انتظام لموعد مجيئها، مّما يؤدي إلى تحجم في كمية الانتاج، بالإضافة إلى نقص في بعض أنواع الأخشاب المستوردة بسبب الحصار المفروض على غزّة.

ويوضح ان “انقطاع الكهرباء معظم الوقت تؤثر على مصداقيتي امام الزبائن، لعدم تمكّني من تسليم الأعمال في الوقت المحدد، كما أنّها تقلص حجم الأبداع في المشغولات الخشبية، لا سيما أنّها تعتمد على التنفيذ المباشر فور أن أستوحى الفكرة”.

 

 

 

 

 

عن جورنال