ثمة أمل

في خضمّ كلّ ما يحصل من مواجهات خارجيّة وداخليّة، وعلى الرّغم من الحصار الاقتصادي ومن الضّائقة المالية ومن الأزمات النّفسيّة التي تعصف بالعديد من النّاس وتنعكس سلبًا على آدائهم اتجاه أنفسهم واتجاه المجتمع، يبقى في مكان ما شعلة تأبى أن تنطفئ.

شعلة تعاند كلّ ما يحيط بها من أعاصير. ثمّة جذوة كامنة في أعماق الكثيرين والتّائهين والمشرّدين والضّائعين حتّى أولئك الذين لم يعد لهم مأوى، وأولئك الذين فقدوا أحبتهم بسبب كورونا أو بسبب الانتحار، أولئك الذين تخلّوا عن الحياة ورحلوا.

أمام كلّ ما يحصل ثمّة ما يدفعنا إلى التّمسّك بالحياة مهما عظم الدّمار والخراب ومهما تراكم الوجع، ومهما امتدّت الحرائق فهي لن تدوم. سنّة الكون هي المقاومة في سبيل الحياة.

لا مفرّ من الصّمود مهما كانت التّضحيات جسامًا، ولقد أثبت الإنسان في مراحل عديدة وفي تجارب مريرة أنّه قادر على تجاوزها، لكن لا بدّ من التّسلّح بالإيمان والثّبات وقوّة العزيمة.

يخبرنا مسار الأحداث على مرّ التّاريخ عن مآل مثل هذه الأزمات، على الرّغم من أنّ النّموذج اللبناني فريد في تركيبته” المعوّجّة”، لكن إذا ما نظرنا إلى الأزمة على رسم بيانيّ سنرى أنّها ارتفعت إلى أن شارفت بلوغ قمّة الانفجار، ولكنّها ستهبط تدريجيًّا لا محالة، وإنّ الأمر يتطلّب وقتًا، وهذا الوقت سيكون عسيرًا تخطّيه على غالبيّة المواطنين.

الوحدة والتّكافل والتّعاون من الأمور التي تساعد على التّخفيف من حدّة الأزمة، كذلك الشّعور مع الآخر، محاولة التّخفيف من ألمه حتّى ولو كان جرحنا أشدّ نزفًا من جرحه، فنحن نلملم جراح بعضنا البعض الآخر.

ثمّة ابتسامات تشفي أرواحًا تائهة،

ثمّة أيدٍ تقود خطى متعثّرة،

ثمّة كلمات تشفي نظرات كسيحة،

ثمّة ملامح تستجمع طاقة منهكة، تعيد نسْج الكون، تمحو دخانًا ملأ الفضاء لتغزل منه خيمةَ سكينة.

لا طريق للنّجاة، ولا أمل بالخلاص سوى بالعمل المقرون بالمحبّة، المترفّع عن كلّ مصلحة، العمل في سبيل مصلحة الجماعة في بلد أضاع فيه السّاسة حقوق المواطن.

لكن، لا أحد يستطيع أن يسلب الآخر حقّه في الفرح، في المواجهة، في البقاء…

نازك بدير

أستاذة في الجامعة اللبنانيّة

عن جورنال