الرئيسية » العالم والخليج » “نيوزويك”: “تسونامي النفايات” في لبنان

“نيوزويك”: “تسونامي النفايات” في لبنان

نشرت مجلة “نيوزويك” الأميركية الصادرة بالعربي، تحقيقا إستقصائيا موسعا اجراه الزميل مصطفى رعد، يكشف معلومات سرّية ووثائق خاصة تُثبت سُمّية المواد المدفونة في مكب نفايات برج حمّود، والتي تُهدد بيئة لبنان والبحر الأبيض المتوسط.

التحقيق الذي نشر كغلاف للمجلة الأميركية، يقول “لم يكن اللبنانيون يدركون أنهم سيصلون إلى يومٍ يتحوّل فيه بلد “الجنة على الأرض وريفييرا الشرق” إلى مُصدّر للنفايات من خلال بحره، بعدما شكّل لبنان في العقود الماضية، منارة بيئية وسياحية على الخاصرة الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، وكان قبلة المصطافين العرب والأجانب الباحثين عن الراحة بين ربوع المناظر الطبيعية جبلاً وبحراً، بعيداً عن قسوة الصحاري الموجودة في البلدان العربية المجاورة.

ويتابع التحقيق الذي تنشر “جورنال” مقتطفات منه نظرا لما يتضمنه من معلومات خاصة ومهمة تؤثر على حياة ملايين اللبنانيين، “إلا أن لبنان غرق فعلياً في النفايات بعدما قامت الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ بدء “أزمة الزبالة” في 17 تموز/يوليو العام 2015، بتلويث جزء من البحر والبر وحتى المياه الجوفية، فيما يتقاسم نافذون الغنائم المالية الناجمة عن المجازر البيئية المُرتكبة.

وأوضح التحقيق ان “القصة بدأت عندما أغلق أهالي منطقة الناعمة جنوب بيروت في 17 تموز/يوليو العام 2015 المطمر الذي استقبل نفايات بيروت لأكثر من 17 عاماً، الأمر الذي أدى إلى طمر النفايات ورميها في الطبيعة والأماكن العامّة، على الطرقات وقنوات الأنهار والبحر، والوديان والمناطق الحرجية، بالإضافة إلى حرقها، الأمر الذي أدى إلى اطلاق انبعاثات سامّة في الجو، وتدهور الحالة البيئية للأراضي، وانتشار الروائح المقززة وتلويث التربة والهواء والمياه الجوفية التي تسربت إليها عصارة النفايات. كما وساهم ذلك بتدمير العديد من المحاصيل الزراعية، عدا عن انتشار للحشرات بشكل كبير”.

أما الشواطىء التي لطالما تغنّى اللبنانيون بها، فقد بات العديد منها مرتعاً للقاذورات ومياه المجاري الآسنة مما ساهم في تلويث البحر الأبيض المتوسط، واحداث ضرر اقتصادي كبير.

ويتابع “لم يسلم جورج (اسم مستعار) وزملائه من الصيادين في مرفأ الدورة شمال بيروت من البحر الذي صار مقبرة للحياة البحرية بعد البدء مؤخراً في أعمال تكسير جبل النفايات في المنطقة والشهير بإسم “مكب برج حمود” الملاصق لمرفأ العاصمة البحري منذ أكثر منذ ثلاثة عقود”.

الصياد الأربعيني، إبن البحر، والذي قضى عمره في مهنة صيد السمك منذ كان مراهقاً، لم يعد يجد سمكةً واحدةً على قيد الحياة في المحيط البحري لمنطقة الدورة وبرج حمود، بل بات يبحث عنها شمالاً نحو طبرجا أو جنوباً نحو الرملة البيضاء، قاطعاً آلاف الأمتار لكي يُقدّم لعائلته في نهاية اليوم طبقاً من السمك خالٍ من الأمراض.

لا يجتمع في شباك جورج إلا النفايات على أشكالها وأحجامها في أثناء رحلة صيده اليومية. يقول جورج الذي شاهد بأم عينه وزير البيئة طارق الخطيب يدخل إلى مطمر برج حمود ليُطلق بعض المواقف، إن “الوزير لم يتحمل التواجد في محيط المكب لأكثر من 7 دقائق بسبب الروائح المنبعثة من المكب، ومشاهدته للسمك الميت ولأنواع الملوثات الموجودة في المياه، بينما نعيش نحن هنا منذ أكثر من 30 عاماً متحملين جميع هذه الروائح”.

 

قبل أكثر من ثلاثين عاماً زرعت الحرب الأهلية اللبنانية مكباً عشوائياً على ساحل المتن الشمالي في منطقة برج حمود، وأصبح المكب على مرّ السنوات جبلاً كبيراً وصل ارتفاعه إلى 47 متراً وينتشر على مساحة 160 ألف متر مربع، ويحتوي على 3.5 مليون متر مكعب من النفايات المُكدّسة، من دون أن تُعرف طبيعتها. تمّ اشغال المكب خلال سنوات الحرب، وذلك لاستقبال النفايات والردميات من دون فرزها وطُمرت أنواع عدّة منها ومن ثم أُغلق بموجب قرار حكومي في العام 1997.

يقول رئيس الحركة البيئية اللبنانية، بول أبي راشد في حديث مع “نيوزويك الشرق الأوسط” إن “مشكلة البيئة البحرية بدأت في أثناء الحرب الأهلية انطلاقاً من مكب النورمندي وبرج حمود، واُستكملت وصولاً إلى صيدا وطرابلس”.

الهدف من وراء ذلك بحسب أبي راشد هو اكتساب أمراء الحرب على اختلاف طوائفهم، فرصة طمر البحر للحصول على مساحات من الأراضي يستطيعون من خلالها أن ينشؤوا مشروعات اقتصادية تدرّ الأموال عليهم.

كلام أبي راشد يؤكده مصدر حكومي (رفض ذكر اسمه) كشف ل”نيوزويك الشرق الأوسط”، إن هناك مُخططاً على كامل الخط الساحلي يقضي بإنشاء عدد من المكبات على البحر لطمره لاحقاً، متذرعاً بأن معظم اللبنانيين لا يريدون الموافقة على تخصيص أراضٍ بالقرب من منازلهم لإنشاء معامل لفرز النفايات، وهذا الأمر يُعزز بالنسبة إليه، فكرة طمر البحر لقاء حوافز تُقدّمها الدولة إلى البلديات، وهي الحصول على مساحات معينة من الأراضي المطمورة في البحر، وذلك لطمس صوت الناس في المطالبة بحقهم في بيئة نظيفة مقابل تجميل المدينة.

هذا الأمر تُظهره الخرائط التي أعدها مجلس الانماء والاعمار عن المكبات الموجودة على الخط الساحلي. تظهر إحدى الخرائط التي حصلت عليها “نيوزويك الشرق الأوسط”، أن بلدية برج حمود ستحصل خلال سنوات على أرض تبلغ مساحتها 97400 متر مربع لإقامة منتزه وحديقة عامّة قرب جبل النفايات الذي سيتحوّل إلى مركز مؤقت للطمر الصحي (بمساحة 126400 متر مربع) وإلى جانب المشروع محطة لمعالجة المياه المبتذلة لمناطق المتن الجنوبي ستقام خلال 4 سنوات (بمساحة 65 ألف متر مربع)، بينما ستحصل بلدية الجديدة، البوشرية والسد في الجهة المقابلة لبرج حمود على مركز مؤقت للطمر الصحي (بمساحة 122700 متر مربع)، إضافة إلى أملاك عامّة (بمساحة 119500 متر مربع) ستستفيد منها بلدية الجديدة، البوشرية والسد لإقامة مشروعات اقتصادية عليها.

لم يقتصر التلوث الحاصل على رمي النفايات في البحر، لا بل تعداها إلى وجود ترسبات نفطية في بحر برج حمود والجديدة.

 

بالإمكان الاطلاع على كامل التحقيق الاستقصائي على الرابط التالي ل”نيوزويك الشرق الأوسط”

http://ar.newsweekme.com/%D8%AA%D8%B3%D9%88%D9%86%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86

 

(جورنال)

 

عن جورنال