الرئيسية » اراء ودراسات » ‎ كورونا على طريق الحرير، دونالد ترامب، جلادٌ أم ضحية؟

‎ كورونا على طريق الحرير، دونالد ترامب، جلادٌ أم ضحية؟

كتب د.طارق عبود

بعيدًا من نظرية المؤامرة، وبعيدًا من التفكير بسذاجة أيضًا؛ فإنّ لا شيء يحصل على هذه الأرض صدفة، ولا سيما إذا تكلمنا على حدث كبير له تأثير شديد على الاقتصاد العالمي، ومجموعة الشركات الأكبر في العالم، وعلى الاقتصاد الصيني بالتحديد. نحن نتكلم اليوم على خسائر بآلاف مليارات الدولارات خلال شهر واحد، بسبب فايروس من نوع (إنفلونزا).

‎لقد انخفضت الأسهم في البورصة الخليجية بشكل دراماتيكي هذا الصباح، وفقدت الأسواق العالمية أكثر من خمسة تريليونات دولار (يعني 5000 مليار دولار)من قيمتها الأسبوع الماضي.

وقالت وكالة بلومبرغ إنّ أغنى أثرياء العالم فقدوا 444 مليار دولار في أسبوع. وأشارت إلى أن الثروة الإجمالية لأغنى 500 شخص في العالم، تقلصت بواقع 444 مليار دولار بسبب الانخفاض الكبير في مؤشرات البورصات العالمية، على خلفية انتشار فيروس كورونا.

‎ووفقا للوكالة، تعرض لأكبر الخسائر رئيس شركة Amazon جيف بيزوس، ومؤسس شركة “مايكروسوفت” بيل غيتس، ومدير عام مجموعة LVMH الفرنسية برنارد أرنو، حيث بلغ إجمالي خسائرهم حوالي 30 مليار دولار.

‎وخسر رئيس شركة “تسلا” إيلون موسك، الذي يحتل المرتبة 25 في تصنيف أغنى أغنياء العالم تسعة مليارات دولار هذا الأسبوع بعد انخفاض سعر أسهم الشركة.

‎ووفقا لصحيفة “وول ستريت جورنال”، أصبح الأسبوع الحالي، الأسوأ بالنسبة لسوق الأسهم الأمريكية منذ الأزمة المالية لعام 2008..

‎ لذا، ينشغل العالم منذ أكثر من شهر بحدث وحيد، هو فيروس الكورونا، وانتشاره في أربع رياح الأرض، ولكن تمركزه بشكل رئيس في دولتين آسيوتين،هما الصين وإيران، اللتين تشهدان أكبر نسبة وفيات بين الدول التي زارها الفايروس القاتل، يثير الريبة والتساؤلات، إضافة إلى انضمام دولة ثالثة ضربها الفايروس فيها بشكل أوسع من غيرها، وهي إيطاليا..

السينما وعدوى أفلام الفايروسات

‎ 

قاربت السينما الأميركية هذا الموضوع بعدد وافرٍ من الأفلام، وربما يعكس فيلم “العدوى” الصادر في العام 2011 للمخرج الأميركي ستيفن سودربيرغ وبطولة مات دايمون، وكايت وينسلت ولورنس فيشبورن الواقع الذي نعيشه حاليًا..

‎تدور أحداث الفيلم حول الوضع الذي يتخبط فيه العالم اليوم، حيث يصوّر الفيلم وصول فيروس شديد العدوى ومميت إلى الولايات المتحدة من هونغ كونغ، ما يدفع العلماء إلى العمل ليلا ونهارا لتطوير لقاح ضد هذا الفايروس. ولكن مع تكاثر الإصابات من دون بروز أي علاج في الأفق، ينفرط عقد النظام الاجتماعي، وتنتشر حالات النهب للمتاجر والمنازل انتشارًا واسع النطاق. يُنقَلُ الرئيسُ الأميركيُ إلى ملجأٍ تحت الأرض، بينما تعاني خدمات الطوارئ من نقص في الموظفين، ولم تعد تستجيب. في مركز السيطرة على الأمراض، يحدّد الدكتور جينيفر إيهلي أنّ الفيروس عبارة عن مزيج من المواد الوراثية من فيروسات الخنازير والخفافيش.

حرب الأفيون

 (بالإذن من الصديق خليل حرب) عبر التاريخ تعددّت أنواع الحروب وتنوّعت، وحاولت  الأمبراطوريات والدول الكبرى السيطرة على الخصوم وتطويعهم والفوز عليهم بشتّى الوسائل.

‎والحرب الببيولوجية أيضًا هي نفسها الحرب الجرثومية، وهي تصنّف ضمن أسلحة الدمار الشامل، ولا تقلّ خطورة وتدميرًا وفتكًا عن الحرب النووية، ولكنها تختلف كونها أقل كلفةً وأكثر تمويهًا، ويستطيع الفاعل التفلّت منها، وتهربه من تحمل مسؤوليتها.

‎ في “حرب الأفيون الأولى” قبل أقل من قرنين، التي خاضتها بريطانيا لإجبار الصين على فتح أسواقها أمام الأفيون. ارتكبت مجازر مروعة بحق الصينيين لمقاومتهم. في الأساس، لم تكن الصين راغبة في فتح أسواقها بالكامل أمام البضائع البريطانية. الأفيون كان خدعة تجارية بريطانية لتقليص الفجوة في الميزان التجاري بينهما، واسترداد عملات الفضّة التي كان يدفعها البريطانيون لشراء الشاي والحرير والبورسلان من التجار الصينيين. لكن النتيجة كانت مفجعة. أدمن عشرات الملايين من الصينيين الأفيون بسبب سياسات “شركة الهند الشرقية البريطانية” التي أشرفت على تطبيق الخديعة التجارية، على الرغم من الحظر الذي فرضه الامبراطور الصيني يونغ تشينغ. والنتيجة كانت كارثية أيضًا، وانتهت بخضوع الصينيينن عبر فتح موانئ جديدة أمام التجارة الدولية، وتحديد الأفيون كسلعة يُسمح استيرادها،إضافة إلى تسهيل دخول المسيحيين إلى الأراضي الصينية.

كورونا كسلاح سياسي

‎ لقد دخلت السياسة من الباب الواسع للاستثمار في المرض، وكل الكلام عن تضامن إنساني بين الشعوب لم يجد أرضية عند الأميركيين الذي صرح وزير خارجيتهم مايك بومبيو في مؤتمر ميونيخ للأمن، أنّ إيران تخفي عدد الإصابات في فيروس الكورونا، ما أثار ريبة الكثيرين وشكوكهم، ويدلي وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر بدلوه حين كشف عن أن الصين وإيران هما عدوتا أميركا الرئيسيتان.!! في هذا التوقيت بالذات. في هذا السياق  نشر عددٌ من وسائل الإعلام الروسية تقارير تكشف عن “خطط المخابرات المركزية السرية” وعن “جرائم” الولايات المتحدة واستخدامها السلاح البيولوجي المحرّم دوليًا، لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، وعن إمكانية وجود مؤامرة ما في موضوع انتشار فايروس كورونا، ما أثار حفيظة الأميركيين.

‎استضافت القناة الروسية الأولى أيضًا عددًا من الضيوف، منهم إيغور نيكولين العضو السابق في اللجنة الدولية الخاصة بالسلاح البيولوجي الذي كشف عن وجود خمسة وعشرين مختبرًا أميركيًا سريًا لإنتاج الأسلحة الجرثومية تحيط بالصين، مؤكّدًا أنّ فيروس كورونا استخدم كسلاح جرثومي أميركي، يستهدف دولًا معينة. ودخل الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو على خط الأزمة فقال إنّ فيروس كورونا قد يكون سلاحًا بيولوجيًا استخدم ضد الصين، فيما صرحت النائبة في الكنيست الإسرائيلي أورلي ليڤي إنّ علينا أن نعترف أن الكورورنا انتشر لأنه أنتج كسلاح بيولوجي. أما الرئيس الإيراني السابق “محمود أحمدي نجاد فقد أرسل رسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة يقول فيها إنّ فايروس كورونا المستجد هو سلاح بيولوجي جديد تستخدمه القوى العالمية الكبرى للحفاظ على تفوّقها السياسي والاقتصادي، وهو أكثر تدميرًا ورعبًا ووحشية من باقي الأسلحة النووية والكيماوية ..

دونالد ترامب، قاتلٌ أم ضحية؟

‎لا يخفى على أحد أنّ الرئيس دونالد ترامب وصل إلى البيت الأبيض من دون موافقة “جماعة واشنطن” كما أطلق عليهم في خطاب التنصيب في العام 2016، وأحد الاحتمالات أن يكون ما يحدث يحصل من خلف ظهره، لأنّ كل المؤشرات تدل على أنه باقٍ في البيت الأبيض لولاية ثانية، لما حققه على المستوى الداخلي من طفرة اقتصادية واضحة، انعكست ارتياحًا على المستوى الشعبي الأميركي الذي يهمّه الموضوع المعيشي الاقتصادي بالدرجة الأولى، وأنّ خصومه الديمقراطيين لا يمتلكون لا الكاريزما ولا الخطاب الذي يستطيعون من خلاله إقناع الشارع الأميركي بانتخابهم، لذا فإنّ أي تغيير في ترتيب الأوليّات الداخلية الأميركية سيؤثّر بطريقة مباشرة على تصويت الأميركيين. وما تحدّثت عنه الصحافة الأميركية هذا الأسبوع عن تأثيرات فيروس كورونا السلبية أيضًا على نمو الاقتصاد الأميركي، يعني أنّ حظوظ دونالد ترامب قد تصبح ضعيفة في الانتخابات بعد سبعة أشهر، ولا سيما أنّ الناخب الأميركي يتأثر بما يعلق في ذهنه في السنة الأخيرة قبل الانتخابات.

‎في النهاية ثمّة قطبة مخفية، لم يستطع أحد أن يكتشفها بعد، ولكنّ السؤال الأكثر إلحاحًا اليوم يُطرَح على الشكل التالي: من هو المستفيد من هذه الكارثة العالمية؟ المقررون في الدولة العميقة الأميركية،أم الشركات،أم وكالة الاستخبارات الأميركية؟ أم أنّ هناك أطرافًا أخرى غير معروفة؟ أسئلة ستحتاج وقتًا كي يستطيع العالم الإجابة عليه.

*كاتب وباحث في الشؤون الدولية

عن جورنال