يقول تشارلي شابلن احد الشخصيات التاريخية للفن في حقبة ما يعرف بالسينما الصامتة : “الكلمات رخيصة، اكبر شي تستطيع قوله هو فيل”.
من مدينة الجهراء، أقصى المدن شمال الكويت، اكتسب فهد الشليمي شعبية كبيرة في فعاليات المجتمع الكويتي جعلت منه أحد أكثر الوجوه المألوفة بسبب كثرة تواجده على شاشات التلفزيون خلال السنوات الثلاث الماضية.
وكما ان هناك تجار حرب على الارض، هنالك تجار حرب من خلف الشاشات. يقول منتقدون ان هذا ما اتقنه الشليمي بافراط منذ اندلاع حرب اليمن او ما سماه التحالف السعودي الاماراتي ب”عاصفة الحزم”، فالضابط السابق في الجيش الكويتي نجح في وقت قياسي بأن يكون الرجل الاكثر ظهورا على الفضائيات بمختلف توجهاتها سواء عبر “الجزيرة” او “العربية” او “سكاي نيوز عربي” او حتى قناة “الميادين” التي تتخذ نهجا مخالفا لفكر الشليمي ليس حول حرب اليمن وحسب، بل حول مختلف قضايا المنطقة.
لم يأت الرجل بشيء جديد خلال ظهوره المكثف سوى تعزيز البروباغندا التقليدية المعادية لسياسة ايران وسوريا و”حزب الله” وجماعة “انصار الله” اليمنية، حتى ان ما يعرف من مضيفيه بـ”الخبير الاستراتيجي” قدم تحليلات عسكرية خاطئة.
فمثلا، طوال الحرب اليمنية بسط للمشاهدين غمار المعارك المعقدة المستمرة منذ أكثر من ٣ سنوات وحتى الان من دون تحقيق نصر مهم للتحالف السعودي، ولعل اكثر التحليلات الخاطئة التي قدمها الشليمي كان بعد ٣ اشهر على انطلاق الحرب اليمنية عندما قال ان “عاصفة الحزم” فاجأت الايرانيين وسترتد تبعاتها على سوريا والمفاوضات النووية مع دول ٥+١ لكن شيئا من هذا لم يحدث بعد سنوات على هذا التصريح، بل على العكس تماما استمرت المقاومة اليمنية بالعمل العسكري الضخم واصبحت الدولة السورية على بعد قوسين او ادنى من اتمام سيطرتها على كافة اراضيها من قبضة المسلحين والارهابيين. اما الاتفاق النووي فبعد ان وقع بين الاطراف المتفاوضة أحدث شرخا كبيرا في العلاقات بين المجموعة الاوروبية والولايات المتحدة التي انسحب رئيسها دونالد ترامب منه.
لكن تطورا كبيرا على المشهد الخليجي جراء ازمة مقاطعة قطر من قبل الامارات والسعودية والبحرين، جعلت الشليمي امام قفزة كبيرة لم يكن يحلم بها حتى وقت قريب عندما صار رقما اعلاميا مهما على صعيد الدائرة المقربة لولي عهد ابوظبي محمد بن زايد، مما جعله يركز مؤخرا خلال ظهوره التلفزيوني الاخير على انتقاد قطر وجماعة “الاخوان المسلمين” منتقلا بذلك بخفة، من التحليل الاستراتيجي العسكري الى التحليل السياسي بنفس السطحية التي عرف بها.
الطموح النيابي للشليمي بالحصول على كرسي البرلمان عن الدائرة الانتخابية الرابعة والتي تضم الجهراء وبعض المناطق الاخرى، قابلته انتكاسة كبيرة تمثلت في قضية الشهادات العليا المزورة التي برزت في الكويت مؤخرا، وكان الشليمي نفسه أحد المشكوك بهم بالحصول على درجة الدكتوراه بطريقة غير قانونية كويتيا.
صحيح ان الشليمي حاول نفي هذه الشكوك بشدة من دون ان يقدم دليلا ماديا على سلامة موقفه من هذه القضية التي باشرت النيابة العامة في الكويت استدعاء اصحاب الشهادات “المضروبة” وسط تكهنات غير موثقة عن قرب مثوله امامها.
ويواجه الشليمي في معركة الانتخابات التي يسعى لخوض غمارها منافسين من قبيلته الظفير وابرزهم النائب الحالي ثامر السويط وابن عمه النائب السابق خالد الشليمي.
في الازمة الدبلوماسية الحالية بين كندا والسعودية، لم يأت الشليمي بأي شيء جديد عن ما عرف به سابقا. فبعد ان هلل وكبر من الموقف السعودي بقطع العلاقات مع اوتاوا تبجح على الشاشة الصغيرة وهو يقول: في كندا اعلى نسبة اضطهاد للنساء في العالم، فأين منظمات حقوق الانسان منها!!
نسي الشليمي، او تناسى، ان الاستوديو الذي كان ضيفا فيه، يقع في الاراضي السعودية التي اعتقلت عددا من نساء المجتمع المدني اللواتي يطالبن بانهاء ما يعرف بولاية الرجل على المرآة .
مع التطور التكنولوجي في مجال الاعلام، بات التضليل هو أرخص ما يمكن ممارسته عبر الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي. كتب معقلون على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الاسابيع الماضية الكثير من عبارات السخرية حول الشليمي، لا حول تحليلاته فقط، وانما حول اسلوبه الفج في طرح افكار، ابعد ما يكون عمن يفترض به انه يحمل صفة “الدكتور والخبير الاستراتيجي”.
“فهد الشليمي” ليس اسما.. انها ظاهرة اعلامية فاقعة منتشرة على مساحات الوطن.
اقرأ ايضا https://journal-lb.com/article/2694
(جورنال)