كتب اسماعيل حيدر
نحن في زمن كورونا.. لا يجوز الحديث عن غير الوباء الذي بدل المعالم ودخل الى كل بلد وعطل فيه الحركة وصولا الى الألعاب الرياضية برمتها.
في هذا الوقت بالذات لا بد من إسترجاع ما في الذاكرة .. من منكم غير مدمن على الساحرة المستديرة، تلك المعشوقة التي تأسر الالباب وتشد العقول وتبعث الاهات، هي كرة القدم شئنا أم أبينا بشكلها وأرضها وجمهورها، بالابداعات الفنية وطريقة الترويض، واللمحة والايقاع، والجري السريع، واسر العقول والقلوب.
تشدك عصبيتك لها، فتصارع أفكارك ، تنسى عالمك أمام ركلة حرة أو تسديدة صماء، .. تنتشي مع الفوز وتخرسك الخسارة، فاما ان تخرج وعلى محياك الإبتسامة والإغتباط، او تصبح مقطب الحاجبين.
لا نتكلم عن كرتنا المحلية، نتحدث عن العبقرية والمتانة عن الزمن الجميل، عن العمالقة والأباطرة، هناك العظمة والكبرياء، والايقاع المثالي، واللمسة السحرية.. والفن النبيل، وهنا الاجحاف والبخل، والتهكم والضياع.
مهارة فإيقاع ، فتمرير فتسديد، فلقاء مع الشباك.
كي تنعش كرة القدم الذاكرة، لا بد ان نسترجع ايام المبدعين والاساطير، نتذكربيليه وتستاو وريفيلينيو وزيكو وغيرهم من البرازيل وريفا وفاكيتي وباولو روسي ودينو زوف من ايطاليا وبوبي مور وبوبي تشارلتون وجيرارد من انكلترا والهولندي الطائر كرويف والفرنسي الفنان ميشال بلاتيني ثم زين الدين زيدان.
تاسرنا مباريات دوري الأبطال، يأخذك الجمهور والمدرجات في الملاعب الأوروبية ليعوضوا مرارة الملاعب اللبنانية، إبداعات لفرق متنوعة الأساليب ولديها كل المتعة والإيقاع.
حرمنا الوباء من المتابعة، باتت الملاعب مهجورة بشكل مدقع، واصبحت المدرجات بدون ضجيج و حياة.
إختفت المنافسة وطارت المراهنات وكأن الدنيا بلا مقومات.
عندنا حتى في ايام الملاعب كانت المنافسة “مهيضة الجناح” وغير قادرة على اشباع الرغبات التي نحتاج اليها، فاللعبة في لبنان وفي المشرق العربي أصبحت فارغة من اصولها وتقنياتها، وباتت هابطة فنيا الى درجة الابتذال الذي يقودنا الى المجهول .
نحن في لبنان لانشعر بهذا الكم الكبيرمن الإبداع ولو أننا على الصعيد المحلي خرجنا من الإنكماش والتقوقع لننافس ولو بالقدر البسيط عالميا، وقد يكون ذلك بفضل مجهودات خاصة ساهمت في تغيير النمط العام للعبة برمتها وساعدت على تأهيل وتحضير المنتخبات.
لا يجوز ان تبقى كرة القدم اسيرة التشنجات الطائفية، يجب عليها ان تخرج من ازمة العصبية التي تكتم أنفاسها، فالنجمة على سبيل المثال يبقى للتاريخ ولجميع اللبنانيين دون استثناء، ويجب ان يظل العهد منفتحا على الطوائف برمتها، لأنه عندما يقدم كرة جميلة ينال اعجاب كل اللبنانيين وليس الجمهور المحسوب على فئة معينة فقط.
كذلك الراسينغ والأنصار والصفاء، كل هؤلاء وغيرهم باتوا يمثلون شريحة واسعة لها طبعها وتطبعها.
رائعة كرة القدم ونحن نشاهدها من خلف شاشاتنا تنعش فينا الذاكرة يستعرض فيها الأوروبيون ويبدع النجوم، ومسكينة ونحن نشاهدها على ارضنا بدون قابلية او انشداد، وكأن زمن الاباطرة ولى، واصبح المشهد هزيلا .
يمنعنا كورونا من إشباع رغباتنا ، بتنا نبحث عن مباريات مسجلة وقديمة لا تفي بالغرض، ضربت هذه الصاعقة الملاعب في كل أنحاء العالم وحرمتنا من الإثارة والمتعة.
على امل ان ينتهي هذا الوباء.. وتعود الكرة لتنعش ذاكرتنا الميتة و تخرجنا من حالة التزمت.. والانفلات العصبي والطائفي سنبقى على الوعد.. وان لناظره قريب…
اسماعيل حيدر
صحافي وناقد رياضي