الرئيسية » اراء ودراسات » هل تؤذن نهاية الازمة السورية، باندلاع أزمة في لبنان؟

هل تؤذن نهاية الازمة السورية، باندلاع أزمة في لبنان؟

 

جمال واكيم

 

سوريا قاب قوسين أو أدنى من التوجه نحو نهاية الحرب التي اندلعت على اراضيها منذ نحو سبع سنوات. هذا ما أعلنه القادة الروس والسوريون على حد سواء وما يتفق معه معظم المراقبين. فالجيش السوري استطاع كسر كل المحاولات الاميركية لفرض خطوط حمر عليه، وتمكن من السيطرة على معظم جنوب وشرق وغرب سوريا ولم يبق له الا تحرير منطقتي ادلب والجزيرة. ورغم محاولات الاميركيين منعه من عبور الفرات الى المناطق الشمالية الشرقية، الا ان القوات السورية وحلفاؤها تمكنوا من العبور في منطقة دير الزور ما اضعف احتمال قيام كيان كردي منفصل في شمال نهر الفرات.

 

التحول في النظام الدولي

 

ما الذي يعنيه انتهاء الأزمة السورية؟ للاجابة على هذا السؤال يجب الاجابة عن سؤال آخر: ما الذي عناه اندلاع الحرب في سوريا؟ لقد كان هذا نتيجة التحولات في توازنات النظام الدولي وانتقاله من نظام احادي القطبية الى نظام متعدد الاقطاب. فسوريا جزء من بلاد الشام الممتدة من كيليكيا في جنوب تركيا الى سيناء ومن الفرات شرقا الى البحر المتوسط غربا. وبحكم أن هذه المنطقة هي في حقيقتها قلب منطقة الشرق الاوسط حيث تتقاطع ثلاث قارات هي اسيا وافريقيا واوروبا. وبالتالي فإنه منذ فجر التاريخ كانت منطقة الشرق الاوسط تتعرض لحالة عدم استقرار عندما يتعرض النظام الدولي لحالة عدم استقرار نتيجة التحولات في توازناته. وكانت بلاد الشام هي الساحة التي تشهد الصراع بين القوى الكبرى التي تكون تسعى لايجاد توازن جديد لنظام دولي جديد. هذا كان الحال منذ ايام الاكاديين والبابليين والاشوريين والكلدانيين والفراعنة والفرس والرومان وكل القوى التي جاءت بعدهم وصولا الى يومنا هذا.

إذن أن تنتهي الأزمة السورية يعني أن تنتهي عملية الانتقال في النظام الدولي من نظام أحادي القطبية الى نظام متعدد الاقطاب. وأن تنتهي الأزمة السورية بانتصار الجيش السوري بدعم من حلفائه الروس والايرانيين في مقابل فشل القوى التي تقاتل ضد سوريا بدعم من الاميركيين وحلفائهم يعني أن تفشل المشاريع الاميركية في ابقاء النظام الدولي تحت هيمنة الولايات المتحدة وأن تنجح روسيا والصين وايران في فرض نظام دولي متعدد الاقطاب يكون لها حصص فيه. وبالتالي فإن ما جرى على الساحة السورية كان حوارا بالحديد والنار والدم بين القوى الكبرى لرسم الخطوط العامة لهذا النظام الدولي الجديد. وان كان ذلك قد تم الى حد بعيد الا أن القوى الكبرى بحاجة الى مزيد من الوقت لاستكمال رسم الخطوط العامة ما يجعل الازمة السورية بحاجة الى مزيد من الوقت لتنتهي.

 

لبنان، حيث تصاغ التفاصيل؟

 

اضافة الى ذلك فإن هذا النظام الدولي، بحاجة ليكتمل، إلى صياغة التفاصيل، والكثيرون يحذرون من أن الشيطان يكمن في التفاصيل. وإن كان رسم الخطوط العامة للنظام الدولي قد احتاج إلى نحو سبع سنوات وإلى ساحة كبرى هي الساحة السورية، اضافة الى الساحة العراقية، فإن صياغة التفاصيل سيحتاج الى ساحات اصغر من الساحة السورية، وإلى وقت أقل. واللافت في الامر إلى أن الساحة اللبنانية قد تكون الاكثر ترجيحا لتكون ساحة رسم التفاصيل هذه. فلبنان يشكل جزءا من بلاد الشام من الناحية الجغرافية والجيوسياسية، وهو يعاني من شرذمة سياسية منذ قيامه. اضافة الى ذلك فهو شكل دائما منطلقا للتأثير في سوريا، علما أن جميع الانقلابات التي حصلت في دمشق خلال الخمسينات والستينات من القرن الماضي تم التحضير لها في بيروت. وقد يكون حريق في لبنان مفيدا بالنسبة للأميركيين وحلفائهم لابقاء خاصرة نازفة لسوريا حتى اكتمال عملية التفاوض بين القوى الكبرى. اضافة الى ذلك فإن حمام دم في لبنان قد يكون مفيدا لاسرائيل حتى تتخلص من الخطر الذي يمثله “حزب الله” بالنسبة لها. وما يمكن ان يسهل ذلك عدم وعي معظم المسؤولين اللبنانيين للمخاطر التي تحدق بلبنان. فهل تكون الساحة اللبنانية هي الميدان الذي ترسم فيه تفاصيل النظام الدولي، بعدما رسمت خطوطه العامة في الساحة السورية؟

عن جورنال