الرئيسية » Uncategorized » لبنان على حافة الهاوية : الفيروس لم يهزم ولم نربح

لبنان على حافة الهاوية : الفيروس لم يهزم ولم نربح

لبنان على حافة الهاوية صحيا. واذا لم تتكاتف كل الجهات، على المستويين الحكومي والشعبي سوية، فان الاحتمالات القادمة ستكون اكثر خطورة، و”السيناريو الايطالي” الذي تخوف منه كثيرون، وصله اللبنانيون، فيما صارت الخشية ان نذهب الى قعر اعمق، ما لم نتدارك ذلك.

خليل حرب

++++++++++++++++++++++++++++

في اذار 2020، عندما ظهر فيروس كورونا في ايطاليا، سرعان ما سجلت ارقام اصابات تخطت الستة الاف يوميا، وهو بلد تقطنه اكثر من 60 مليون نسمة، وبرغم ذلك اعتبر الامر بمثابة كارثة استثنائية، وصار الحديث عن “النموذج الايطالي” يضرب كمثل للترهيب مما سياتي لو لم يتخذ اللبنانيون كل ما يلزم لتجنب الانهيار.

وفي 15 كانون الثاني 2021، سجل لبنان اعلى رقم حتى الان حيث وصلت الاصابات الى 6154 اصابة، وهو بلد لا يشكل سكانه سوى اقل من 10 في المئة من عدد سكان ايطاليا.

ومثلما فعل انفجار مرفا بيروت في اب الماضي فعله في نشر الفيروس بسبب انفلات قاعدة التباعد الاجتماعي قسريا، فعلت فترة الاعياد وسهرات راس السنة الجديدة فعلها كما تظهر الارقام الرسمية حيث ان ما قبل 31 كانون الاول 2020، لم يعد كما بعده بالنسبة الى عدد الاصابات التي راحت تقفز كل يوم متخطية الثلاثة الاف والاربعة الاف بل والستة الاف.

وكان من البديهي ان يدخل لبنان فجر الخميس 14 كانون الثاني، مرحلة جديدة من  الاغلاق الشامل، وسط تقديرات طبية بان نسبة الاصابات في البلد وصلت الى المحظور، حيث رسميا هناك حوالى 260 الف اصابة ووفيات اقتربوا من حاجز الالفين.

لكن الخطر لا يكمن هنا فقط، ان الارتفاع الكبير الذي جرى في ما بعد كارثة راس السنة، جعل المستشفيات تفيض بمرضاها وتوصد الابواب احيانا في وجوه من يلجا اليها لان لا اسرة كافية متوفرة، ولا اجهزة تنفس تساعد من تدهورت احوالهم ولا غرف العناية الفائقة قادرة على استيعاب المزيد.

وعلى سبيل المثال ايضا، فقد وصلت اصابات كورونا في لبنان في احصائية وزارة الصحة عشية بدء الاغلاق الشامل، الى 4988 حالة و35 حالة وفاة خلال 24 ساعة، بينما سجل 3144 اصابة و53 حالة وفاة بعد اربعة ايام على بداية الاغلاق، في حين سجل في كانون الثاني، اي قبل الاغلاق باسبوع، 5440 اصابة و17 حالة وفاة.

وليكتمل المشهد الماساوي، اعلن لبنان في 25 كانون الاول الماضي، تسجيل الحالة الاولى من السلالة الجديدة من فيروس كورونا، عبر رحلة جوية اتية من بريطانيا، في حين حذرت منظمة الصحة العالمية من ان السنة الثانية من كورونا ستكون اصعب من التي سبقتها بسبب “بعض ديناميكيات انتقال المرض”.

وتحققت المخاوف التي عبرت عنها المنظمة الصحة العالمية عندما قالت المديرة الفنية لبرنامج الطوارئ في المنظمة ماريا فان كيرخوف، ان “بعض الدول ستشهد بعد انتهاء فترة الاعياد تدهورا كبيرا للاوضاع قبل ان يبدا تحسنها”.

وكان المجلس الاعلى للدفاع الذي اجتمع في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، اعلن “حالة الطوارئ الصحية لمواجهة خطورة تفشي وباء كورونا”، كما طلب من “الأجهزة الامنية والجهات القضائية التشدد في تطبيق القوانين التي تعاقب المستشفيات عند عدم استقبال الحالات الطارئة بما فيها حالات الكورونا، كما وتعاقب عن عدم الالتزام باجراءات وتدابير الوقاية والسلامة العامة وتسطير محاضر المخالفات اللازمة بحق من يخالف تلك التدابير المؤدية الى انتشار وبائي”.

وامام هذا الوضع، لم يعد الحديث عن انهيار القطاع الصحي تحت وطاة الضغوط كلاما عبثيا، وصار الاغلاق الشامل الخطوة البديهية من جانب الدولة، لكنها تظل محاولة معرضة للفشل اذا لم يلتزم المواطنون بما هو متوجب عليهم من تباعد وحجر وكمامات وحرص، لان ذلك سيكون بمثابة الامل الاخير للبنان واللبنانيين. 

وفي ظل هذه التحديات، حاورت الامن العام الدكتور محمد الساحلي، اخصائي تخدير وانعاش، رئيس مجلس ادارة مستشفى ميدلاند في زامبيا، وممثل الاتحاد الافريقي للرعاية الصحية، وسالته عن هزيمة او انتصار الموجة الثانية من كورونا في لبنان، فقال “اعتقد من الخطا الاعتقاد بانه باستطاعة احد هزيمة فيروس كورونا. علينا التكيف مع الفيروس وليس في ذلك لا عيب و لا استسلام. اجيال مرت وكانت عرضة لاوبئة بعضها اقسى واستطاعت الخروج من الازمة ومنحنا حياة تليق بنا. للاسف امام الموجة الثانية كنا في موقع اضعف وذلك بسبب غياب رؤية واضحة واعتراف ضمني باننا لسنا في معركة نتيجتها تحسم لصالح فريق واحد. نحن في عملية دمج وجودية وعلينا التسلح بالمعرفة ووضع استراتيجية تحمي كل فئات المجتمع صحيا، اقتصاديا واجتماعيا”.

وردا على سؤال حول توصياته، كدكتور متخصص ومتابع لملف كورونا، حول مرحلة الاغلاق وما بعده، قال الدكتور محمد الساحلي انه “في مرحلة الاقفال، فئتان عليها لعب دور فعال: فئة المواطنين وفئة المسؤولين. كنت اتمنى لو سبق الاقفال المرن (لا الحديدي في ظل وجود استثناءات) عملية تقييم علمية واضحة مبنية على معايير لبنانية تاخذ بعين الاعتبار المعايير العالمية. ما يحصل اليوم هو محاولة قراءة تقييم مبني على توصيات وارقام ثلاث لجان متناحرة”.

اوضح الدكتور الساحلي “على كل فرد مسؤولية المواطنية. يجب اعتبار انفسنا وكل من حولنا ايجابي من ناحية حمل الفيروس وبالتالي اتباع الارشادات الصحية التي تضم التباعد الاجتماعي، ارتداء الكمامة عند الخروج من المنزل وغسل اليدين بالماء والصابون دوريا. عند الشعور باي عارض او عند الاختلاط مع شخص اصيب بالكوفيد، وجب علينا عزل انفسنا، اجراء فحص ال PCR بعد خمسة ايام  ويفضل اجراءه بالسيارة عبر خدمة ال( Drive Thru)  وعدم المخالطة حتى تظهر نتيجة الفحص والتي سوف تحتم اما العزل التام او العزل الجزئي. النتيجة السلبية لا تعني حتما اننا لا نحمل الفيروس”.

وتابع الدكتور الساحلي ان “على المسؤولين خلال فترة الاقفال العمل على تامين جهوزية البلاد. الجهوزية لا تعني ابدا زيادة عدد الاسرة فقط. الجهوزية تكون على اصعدة مختلفة: جهوزية ادارية (معايير تقييم، معايير ترخيص، متطلبات قانونية، داتا…)، جهوزية مالية، جهوزية لوجستية (توزيع الطواقم الطبية، مستودعات حفظ، ووسائل توزيع متكافىء للادوية والمستلزمات الطبية و اللقاحات…)، وجهوزية بشرية في ظل ازمة هجرة الادمغة، جهوزية استشفائية وجهوزية تكنولوجية”.

واعتبر الدكتور الساحلي انه “في حال تم ما ذكر خلال الاقفال، تصبح فترة ما بعد الاقفال مقبولة من ناحية ادارة الازمة. الارقام قد تبقى في تزايد و/او انخفاض انما حدة الوباء تمسي اقل فتكا بمجتعنا مما قد يعيد بعضا من ثقة المواطن بالدولة”.

وعما اذا كان المسؤولية الاكبر تقع على الناس ام على الحكومة ووزارة الصحة، قال الساحلي ان “المسؤولية تقع على الجميع. وهناك مسؤولية وطنية كبرى تقع على الاعلام. علينا الا ننسى ان الاقفال الاول الناجح نسبيا من جهة الالتزام جاء نتيجة صرخة الاعلامية باتريسيا هاشم وحملة تلفزيون ال MTV . اليوم على وسائل الاعلام ان تبادر من جديد وتصنع جسرا بين الافرقاء كافة والحد من نشر معلومات تشكل ضررا على الجميع وحتى على الصحة النفسية المجتمعية. عندما نخرج من الازمة متعافين، نستطيع تقييم اداء البعض وتناحر المستشارين”.

وردا على سؤال عما اذا كانت المعركة مع الوباء في لبنان ستحسم خلال العام 2021، قال الدكتور الساحلي “كما اشرت سابقا لن يكون هناك حسم اذ انني لا ارى معركة. هل سنتكيف مع الكورونا في العام ٢٠٢١؟ بكل موضوعية لا اعتقد. العالم اليوم بات مفتوحا. الولوج الى اللقاحات لن يكون متاحا للجميع قبل عام او اكثر”.

لكن الساحلي قال انه “اذا احترمنا الارشادات، وطبقنا رؤيا مستقبلية عصرية وامنّا لقاحات بشكل علمي متوازن للفئات الاولوية دون استثناءات ومحسوبيات، يمكننا في نهاية الفصل الثالث من العام العودة الى الحياة الطبيعية الجديدة”.

وسئل الدكتور الساحلي عن الاولويات بالنسبة الى اللقاحات المتاحة في لبنان، فقال ان “الاولويات هي للفئات الاكثر عرضة للاشتراكات (كبار السن، المصابوب بامراض مزمنة لها تاثير على جهاز المناعة بشكل مباشر او غير مباشر) او للاصابة (الطواقم الطبية وتشمل كل العاملين في القطاع الصحي بما فيهم عمال التنظيفات والتعقيم) بالاضافة الى المتخالطين بحكم العمل كالافراد في الاجهزة الامنية. وفي ما يتعلق باللاجئين والنازحين وجب تطبيق خطة تلقيح متوازية تعتمد على دراسة رقمية احصائية كون داتا المعلومات في ما يخص  هؤلاء تفتقر الى العديد من التفاصيل على الصعيد الصحي”.

دور للمغتربين

دعا الدكتور محمد الساحلي الى اشراك المغتربين في دعم القطاع الصحي في لبنان  من خلال خطة عمل محددة.

وطرح الدكتور الساحلي فكرة اشراك القطاع الخاص وتحديدا المغتربين اللبنانيين في دعم القطاع الصحي، وذلك من خلال اصدار اسهم وضخ اموال لرفع راسمال المستشفيات الخاصة في لبنان، ما يتيح لتلك المستشفيات دفع مستحقاتها القديمة من ناحية، ورفع مستوى الاجور للعاملين والاطقم الطبية مانعة اياهم من الهجرة وترك البلد من ناحية اخرى.

وراى ان ذلك يعزز قدرة الطاقم الطبي ويتيح شراء ما ينقصهم من معدات ومستلزمات طبية، مضيفا ان القطاع الخاص والمغتربين اذا ما تم تحفيزهم  واشراكهم  لن يتاخروا عن لعب اي دور ايجابي لتامين الادوية المفقودة من الاسواق او حتى اللقاحات او اي من المستلزمات الطبية الضرورية.

عن جورنال