افتتح في بيروت الخميس مهرجان لأفلام حقوق الانسان بدعم من الامم المتحدة، فيما يستعيد لبنان بعض النشاط الثقافي الذي كان يتميز به، وشهد اضمحلالا واسعا في العامين الماضيين، بعدما طغت الأزمات السياسية والاقتصادية والصحية على حياة اللبنانيين واهتماماتهم.
هذه هي المرة الخامسة التي ينظم فيها “مهرجان كرامة – بيروت لأفلام حقوق الإنسان”، في العاصمة اللبنانية، لكنها المرة الاولى منذ العام 2019، وسيتم خلالها عرض 21 فيلما، بينها أيضا افلام وثائقية وروائية قصيرة، على مدى أربعة ايام من بلدان عدة، منها لبنان وسوريا وفلسطين وقطر والسعودية ومصر والولايات المتحدة وايطاليا والمانيا وكندا واستراليا وجمهورية التشيك.
وبعد ثلاثة اشهر من انعقاد المهرجان الاخير في يوليو/تموز العام 2019، اندلعت تظاهرات الاحتجاج الشعبية ضد الطبقة السياسية المتهمة بالفساد وسوء ادارة الدولة، فتعطل العديد من مناحي الحياة في العاصمة بيروت وغيرها من المدن، ثم بدأ تفشي جائحة “كوفيد-19” الذي أجبر السلطات على اتخاذ سلسلة من اجراءات الاغلاق العام ومنع التجول طوال شهور.
وتوقفت العروض السينمائية مع اغلاق دور العرض والمسارح والنشاطات الثقافية المتنوعة بشكل شبه شامل خلال غالبية شهور العام 2020 حتى ربيع العام 2021، لكن بيروت وبعض مناطق لبنان بدأت تشهد لاحقا استعادة للحراك الثقافي تدريجيا، فنظم في يونيو/حزيران الماضي مهرجان للأفلام القصيرة في منطقة الجميزة البيروتية التي أصابها أكبر الاضرار في كارثة انفجار المرفأ في أغسطس/آب 2020، بالإضافة الى “مهرجان ريف” السينمائي -البيئي الذي نظم قبل أيام في منطقة عكار في شمال لبنان.
والان نظم “مهرجان كرامة – بيروت لأفلام حقوق الإنسان”، بنسخته الخامسة تحت عنوان “احتلوا الفراغ” بحسب بيان مركز الامم المتحدة للإعلام الذي يتعاون في تنظيم المناسبة بدعم من مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، والسفارة التشيكية في لبنان، ومؤسسات خاصة.
وقال مدير المهرجان هيثم شمص “نحن ندعو بشكل خاص الشباب والشابات اللبنانيين التواقين للتغيير، لاحتلال الفراغ الذي تركته المنظومة الفاسدة.. نعتقد ان الثورة الحقيقية هي بالتخلص من النظام الطائفي والاتجاه نحو الدولة الجامعة، دولة المواطنة”.
اوضح شمص انه “من المهم ان ننظم مثل هذا مهرجان تحت هذه الظروف في ظل الثورة في لبنان، وفي ظل ما نمر به من أوضاع معيشية واقتصادية متفاقمة لا يعلم أحد الى اين يمكن ان تصل بنا، وليس لدينا سوى الامل ان نظل نعمل ونطالب بحقوق المواطن والانسان، ومن هناك تأتي اهمية انعقاد هذا المهرجان في بيروت”.
ويتضمن المهرجان تدريبا مجانيا للطلاب حول “حقوق المواطن في الكتابة الدرامية”، وحول “مسارات التعبير عن الثورة في السينما”.
تقول الامم المتحدة ان مهرجان بيروت “يساهم، على غرار مهرجانات أفلام حقوق الإنسان المعروفة عالميا، في تسليط الضوء على أفلام السينما الرافضة للعنصرية، ولخطاب الكراهية، والتمييز، والظلم”. واشارت الى ان المهرجان سيركز على “المجتمع المدني وقوة الشباب وطموحاتهم لإحداث تغيير اجتماعي وسياسي من أجل المشاركة السياسية العامة. وسيتم تسليط الضوء على مطالبهم واحترام حقوق الإنسان للجميع والتحرر من التمييز”.
وفي اطار تشجيع المخرجين الشباب، يقوم مهرجان كرامة – بيروت بعرض أفلام للاجئين سوريين وعن حياتهم. وبالإجمال، سيعرض المهرجان 21 فيلما، منها 18 فيلما سيتم عرضها للمرة الاولى في لبنان.
وقال الناقد السينمائي في صحيفة “العربي الجديد” نديم جرجورة ان لهذا المهرجان جوانب مهمة عدة، من بينها انه ينظم “في زمن الانهيار اللبناني الكبير في كل جوانب الحياة اليومية، ويتحدى القهر والظلام والخوف والاضطراب، وان استمراره في التنبيه الدائم إلى أحوال الناس والمجتمعات من خلال السينما هو خطوة مهمة أخرى تضاف إلى رصيده”.
وأضاف “حقوق الإنسان العربي، تحديدا، مهدرة، ومعاينة المصاب الكبير في تلك الحقوق، الأساسية على الأقل، خطوة إيجابية إضافية تحسب للمهرجان. وهذا دافع للمهرجان إلى البحث الدؤوب عن أفلامٍ تمتلك حساسية سينمائية، وتعالج ، من دون تجاوز الحساسية السينمائية، مواضيع جوهرية، كحقوق الإنسان”.
خليل حرب (وكالة اسوشيتدبرس)