الرئيسية » منوعات و رياضة » مولوية النساء: أين المفسدة يا “أهل الشام”؟!

مولوية النساء: أين المفسدة يا “أهل الشام”؟!

 

فتاة بحجابها وثوبها الابيض، تدور حول نفسها بحركة دائرية في رقصة المولوية، على أناشيد الابتهال الديني المتصوفة. مشهد مسجل نشر على مواقع التواصل الاجتماعي كان كافياً، كعادة معظم السوريين، أن يتحول لقضية رأي عام مثيرة للجدل.

هناك من اعتبره معبراً عن ثقافة أهل الشام وقدرتهم على التأقلم والتنوع في معتقداتهم، وأخر اعتبره عمل مرفوض وغير متعارف عليه في التقاليد الاسلامية وهو يدل على بداية فساد أهل الشام !

المولوية، التي أسسها جلال الدين الرومي منذ أكثر من سبع قرون، تعبر عن طريقة التعبير عن الحب للخالق عن طريق الرقص والموسيقى والانشاد، فمؤسس المولوية كتب عن “دين الحب” الذي يتجاوز الاديان والاعراق. ويشير مؤرخون، الى أنه حين توفي جلال الدين الرومي قام حاخامات يهود وكهنة مسيحيون بالمشاركة في تلاوة صلاوات في جنازته.

ويسمى الراقصون في المولوية “بالدراويش”، بمعنى الفقراء إلى الله، ومن خلال الاندماج بالموسيقى والانشاد يصبح الراقص “الدرويش”، بحسب اعتقادهم، في حالة تسامي عن كل مساوئ الدنيا وفي علاقة مع خالقه، وحركات اليد المتبدلة بحسب نوع الكلام والموسيقى، هي تمثل مناجاة إلى الله. أما اللباس، فهو عباءة سوداء تمثل القبر أي دفن النفس الامارة بالسوء، وتحتها ثوب ابيض يمثل الكفن رمز للفناء أما القبعة البنية التي تسمى “الكلّة” فهي ترمز إلى شاهدة القبر.

مشهد مولوية الفتاة أثار ردود فعل رافضة انقسمت في نقطتين، الاول، أن مكان تنفيذ الرقصة بحسب مشاهدة الفيديو هو ضمن مطعم ولا يراع الاصول في تنفيذها من حيث الشكل والمكان، أما النقطة الثانية، انا الراقص هو فتاة، والمتعارف عليه بحسب العادات أن الراقصين هم من الذكور فقط، وهو ما كان الغضب الاكبر من الملاحظة الاولى، والتي اعتبرها الناشطون بأنها لا تمثل الاسلام وهو جزء من “الفساد” الذي يدخل إلى عقل الشباب، وطالب بعضهم بمحاسبة الفتاة والمنشد وكل من شارك في هذا الحدث، الذي وصف بأن هدفه مادي وفيه إساءة للأخلاق. والفيديو إشير فيه أنه ضمن احتفال “مولد نبوي مختلط” في دمشق، دون إعطاء أي توضيح أكثر عن تفاصيله.

في أحد القصائد جلال الدين الرومي كتب “يا أنت ذا الفكر المقيد، هل قدماك طليقتان أخيرًا؟، أدركت أن الحركة أيضًا سر، في الحركة تصبح الحرية أكيدًا “، قد يكون هناك ملاحظات عن المشهد المسجل في عدم مراعاة الطقوس المتعارف عليها، علما أن المولوية تقدم على أهم المسارح كونها تمثل تراثا حي في المجتمع، ولكن السؤال، هل يكون مشاركة النساء في رقصة المولوية، وهي التي التي تدعو إلى تجاوز الاديان، خطأ لا يغتفر أو كفر ممنوع الاقتراب منه؟، فلا تكون لديها القدرة على تجاوز الذكورية فقط، وهل اللباس برمزيته التي تدل على الفناء والموت، يميز بين ذكر وأنثى؟، وهل المشكلة هي جسد المرأة، والمولوية ترى حركة دوران الجسد، تمثل حركة دوران الكوكب حول الشمس، واتحادا مع الموسيقى يدل على فناء كل حقائق الانسان وانسجامها مع الكون؟!.

تتسارع وتير المشاهد المسجلة التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في سوريا، والتي تتحول في بساطة بعضها وفي تعقيد بعضها الاخر، إلى قضية رأي عام، لتصبح “حقائق ثابتة” في توصيفها لحدث ما، من دون التدقيق به أو التعامل معه بطريقة متوازنة.

 

وسام عبدالله

 

 

عن وسام عبدالله