الرئيسية » اراء ودراسات » العالم على توقيت سوريا

العالم على توقيت سوريا

 

ضبطت ساعات احتمالية العدوان على سوريا، على توقيت تغريدات وتصريحات الرئيس الاميركي دونالد ترامب المتناقضة، وعلى توقيت تحرك القيادات الروسية والايرانية على أعلى مستوياتها بين البلدين، وعلى زمن الميدان السوري والتقدم في مختلف الجبهات لصالح الجيش السوري وحلفائه. وكأن قدر دمشق أن تبقى في مواجهة التهديد بالعدوان كل بضع سنوات، وتخضع لاختبار “الموت والنهوض” في لحظة واحدة.

أعلن الرئيس الاميركي بأنه يريد الانسحاب من سوريا، مع وصول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في زيارة إلى واشنطن، ليطالبه بن سلمان بعدم التعجل في الخروج، ويتم عقد صفقات شراء أسلحة، ليتقدم الجيش السوري وحلفائه في اخر بؤر المسلحين في الغوطة الشرقية، ثم يعلن ترامب عن نية القيام بعملية عسكرية ضد سوريا تحت ذريعة استخدام السلاح الكيميائي في دوما من قبل الدولة السورية، فماذا يريد؟.

يهدد ترامب بأنه سيدمر كوريا الشمالية ولكنه (لن يعلن ما هي خطته ومتى وكيف سوف ينفذها)، ولتصل التهديدات إلى سوريا ليعلن أنه سيتخذ تدابيره لتوجيه الضربة العسكرية خلال ساعات!، مع العلم أن في كوريا الشمالية تداولت أخبار عن إمكانية عقد لقاء بين الرئيسين، فماذا يريد؟. يغرد منتقدا روسيا ويعلن بأن صواريخه ستكون متجهة نحو سوريا قريبا، وليتبعها بتغريدة عن وجود مصالح اقتصادية مع روسيا ويجب وقف عملية التسليح، فماذا يريد؟، لا يمكن إدراك أين تأخذ تصريحات الرئيس الاميركي العالم، حتى ضمن إدارته، كل مؤسسة تظهر بتصريح مختلف عن الأخرى، والمسؤولون في إدارته تتم ملاحقتهم قضائيا أو يقدمون استقالاتهم، فأي جنون يقوده وماذا يريد الوصول إليه؟

لو افترضنا أن العدوان لم يحصل، حينها سيكون الرئيس الاميركي قدم هدية للرئيس السوري، بتمكينه أكثر من الحكم واستمرار التقدم على مختلف الجبهات، وسيبتسم الرئيس الروسي أكثر قليلا من العادة مع فرض قوته على الساحة الدولية، حينها  سيكون حال ترامب  أسوأ من وضع باراك اوباما في 2013 حين لم ينفذ نيته في توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا، فهو يسعى لتأمين غطاء دولي وعربي لكي لا يدخل وحده في هذه المواجهة، وكأن لا خطة واضحة لليوم الثاني للعدوان. إن كان العدوان هو ضربة عسكرية محدودة في الاتفاق مع الروسي، يمكن أن تبقى شظاياها في نطاق الاستهداف، ولكن إن “تهورت” الادارة الاميركية وحلفائها وتوسعت في عملها العسكري، حينها سيكون بنك الاهداف واسع أمام روسيا وايران وسوريا. في الشمال السوري 2000 عسكري أميركي سيكونوا في طوق من نار، فهم ليسوا في عرض البحر، وإنما على الارض السورية، ونحو “اسرائيل” ستصل الصواريخ وتفتح جبهة الجنوب، أما السعودية فلن تكون بعيدة عن صواريخ “أنصار الله ” قادمة من اليمن إلى الرياض وربما يكون إطلاقها اليوم ضمن الرسائل التحذيرية.

العالم يتجه نحو مرحلة جديدة وحذرة، أي خطأ فيها يقودنا إلى حرب عالمية، وخاصة أن ما يحصل من مواجهة روسية – أميركيا في سوريا، هي جزء ضمن سلسلة المواجهة، تبدأ من دمشق لتصل في هذه الايام إلى دول منطقة البلقان، والتنافس الروسي – الاوروبي والاميركي في السيطرة بشكل أوسع على الدول المشتتة أصلا، وكأن الحرب الباردة استيقظت مجددا أو ربما هي لم تنم يوما.

من السهل طرح الاسئلة عن الغد ولكن الجواب الكافي يبقى معقدا الوصول إليه، بعيدا عن العواطف والمشاعر. يوم غد، ننتظر قرارات جديدة، ربما تذهب إلى حرب واسعة أو ضربة محدودة أو تسوية في مكان ما، ولكن في لحظة الانتظار، يسعى الكثير من السوريين إلى التأقلم مع الحالة، فمن المضحك المبكي الحديث عن عدوان أميركي على سوريا، وهل كل ما حدث خلال السنوات السابقة لم يكن عدوانا بأشكال مختلفة أيضا؟.

 

وسام عبدالله

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عن وسام عبدالله