الرئيسية » العالم والخليج » صراع بعيدا عن الأضواء : تغلغل خليجي في القرن الافريقي

صراع بعيدا عن الأضواء : تغلغل خليجي في القرن الافريقي

 

بعيدا عن ساحات الحروب المشتعلة في المنطقة، تتسارع الاحداث والتطورات في القرن الافريقي في سباق سياسي واقتصادي وعسكري، بعيدا عن الاضواء، لحجز مكان لنفوذ بعض الدول العربية والغربية في تلك المنطقة المطلة على البحر الاحمر، أحد أهم الممرات المائية في العالم.

جغرافية القرن الافريقي لها أهميتها كونها تطل على البحر الاحمر الشريان الاقتصادي للتبادل التجاري بين القارات في عبور سفن الشحن من خلال مضيق باب المندب وقناة السويس، وهو ما دفع شركة “موانئ دبي العالمية” إلى توقيع اتفاقيات مع جيبوتي والصومال للاستثمار في الموانئ البحرية، ما يضمن لها مردودا اقتصاديا في المنطقة الافريقية، مع تعثر حيوية مرافئ اليمن في ظل الحرب عليها.

ومع التواجد العسكري لبعض دول الخليج العربي (قطر – السعودية – الامارات)، في دول القرن الافريقي، فإن الازمات الخليجية ستنعكس حكما عليها، فحين بدأت الازمة مع قطر، أًصبحت الدول الافريقية أمام قرار اختيار الطرف الذي ستؤيده.

في جيبوتي، “الشهية مفتوحة” لإنشاء قواعد عسكرية ( فرنسا – أميركا – الصين – اليابان – الامارات )،  وهي الدولة الفقيرة المطلة على باب المندب، وكانت الدولة الافريقية الصغيرة قد وقعت اتفاقية مع شركة “موانئ دبي” للاستثمار في موانئها، ولكنها ألغت الاتفاق ومعللة السبب بوجود تلاعب في الاتفاقية وفساد من قبل الامارات بخصوص تنفيذ المشروع.

وفي السياق ذاته، قامت حكومة الصومال بتقديم شكوى ضد الامارات كونها وقعت اتفاقية مشتركة مع “ارض الصومال” واثيوبيا للاستثمار في ميناء بربرة، وهو ما اعتبرته الصومال غير قانوني كونه لم يتم الرجوع فيه إلى الحكومة المركزية في مقديشو. ومن نتائج الازمة الخليجية، أعلنت قطر عن سحب 400 جندي من قوتها المشاركة في قوات حفظ السلام في جزيرة متنازع عليها بين أثيوبيا وإريتريا.

وتستثمر الدول الخليجية في الدول على أساس “عقود أجار”، فالامارات والسعودية وقعتا عقد ايجار مع اريتريا لمدة 30 عاما للاستثمار وتطوير ميناء ومطار عصب، كما قامت الامارات بتوقيع اتفاقية مع “ارض الصومال” في ميناء بربرة لمدة 25 عاما بعقد قيمته 442 مليون دولار.

أما اثيوبيا، الدولة الاقوى في القرن الافريقي، فانها تسعى لمنع تطويقها عسكريا من القواعد وخاصة من الدول التي لها علاقات جيدة مع مصر، وهو يقلقها في مصير المحادثات حول استغلال مياه نهر النيل وسد النهضة، وقد وقعت مع الامارات مذكرة تفاهم للمشاورات السياسية في العاصمة أديس ابابا، وهي تهدف إلى تعزيز التعاون بين الطرفين وطمأنة اثيوبيا من التمدد الاماراتي في باقي الدول التي تشكل حالة خصومة مع الدولة الافريقية، كما في حالة اريتريا.

ولا يمكن فصل ما يحدث في الساحل الغربي للبحر الاحمر، عن التطورات في اليمن، والتي تشكل جيبوتي وارتيريا والصومال الواجهة البحرية المقابلة لها، وهو ما يفسر تسارع وتيرة التنسيق الاماراتي – السعودي للتوسع في هذه الدول وخاصة في استخدامها كمطارات عسكرية لتنفيذ ضربات جوية في اليمن. كما أنها تشكل منطقة تنافس بين دول خليج العربي وتركيا، فحكومة الصومال رفضت إقامة قاعدة عسكرية إماراتية في منطقة “أرض الصومال”، في حين وافقت في العام 2015 على بناء قاعدة عسكرية تركية فوق أراضيها.

اليد العاملة الافريقية في دول الخليج العربي والتهديد بترحيلها، الحرب على اليمن، السباق في إنشاء قواعد عسكرية بين دول إقليمية مثل الامارات وتركيا، او دولية مثل أميركا والصين، جميعها عوامل تدفع القرن الافريقي نحو هاوية التنازع الدولي الجديد، ضمن منطقة تقع في حزام تجاري دولي مردوده المالي مرتفع، في حين ان شعوب هذه المنطقة يلفها حزام من الفقر والجوع يهدد أمنها الانساني بشكل مستمر.

 

 

وسام عبدالله

عن وسام عبدالله