الرئيسية » العالم والخليج » سباق تسلح على المسرح السوري

سباق تسلح على المسرح السوري

 

تتجه الحرب على سوريا نحو سنتها الثامنة في مشهد تتتغير فيه قواعد الاشتباك، ولتنتقل المواجهة المباشرة من الوكلاء إلى القوى الاصلية والداعمة بشكل مباشر، اذ تتدخل الدول الاقليمية والدولية بشكل واضح وعلني على الارض السورية. ويدفع هذا الصراع بهذه الدول إلى تعزيز قدراتها العسكرية واللوجستية، لتدخل في عملية شراء وتصنيع أسلحة متطورة أو استعراض ما لديها، في سباق للتسلح يشكل الشمال السوري عنوانه الرئيسي.

الولايات المتحدة تسعى إلى السيطرة بشكل كامل على شرق سوريا، في الحدود المشتركة مع العراق وتركيا والاردن، انطلاقا من القاعدة العسكرية في التنف، وهو ما يعني السيطرة على الارض والنفط والغاز، ولمنع سيطرة وتمدد الدولة السورية وروسيا وايران. وتشير تقارير غربية الى أن الرئيس الاميركي دونالد ترمب يتجه لإعطاء صلاحيات بشكل أوسع لرئيس وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية مايك بومبيو، في إدارة منطقة شرق الفرات بعد تعذر سياسة وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون في احتواء الوجود الروسي في المنطقة وابعاده عن التنسيق مع ايران.

وتسعى اميركا إلى إدارة التدخل التركي في الشمال السوري مع انطلاق عملية “غصن الزيتون” وخاصة من جبهة منطقة منبج، في محاولة لطمأنة الحكومة التركية حول المقاتلين الاكراد الموجودين فيها. وتدخل إدارة المنطقة في شرق وشمال سوريا بالنسبة إلى اميركا تحت عنوان “صراع ما بعد داعش “. وفي هذا السياق، خصصت وزارة الدفاع الاميركية 300 مليون دولار من ميزانية 2019 لتدريب وتجهيز “قوات سوريا الديمقراطية”، وخصصت 250 مليون دولار للقوة الامنية الحدودية، وكانت روسيا وجهت اتهامات للولايات المتحدة باستخدام قاعدتها بالقرب من التنف كمركز لتدريب “الارهابيين”.

من الجهة التركية، أقرت الحكومة التركية شراء عربات ومروحيات، وناقشة هيئة المشتريات الدفاعية التركية 55 برنامجا بقيمة 9.4 مليار دولار. وتشير تقارير عسكرية غربية، الى أن شركة الصناعات الفضائية والجوية التركية عقدت اتفاقا قيمته 3.5 مليار دولار مع شركة “سيكورسكي” للمشاركة في إنتاج 109 مروحيات، كما أشارت التقارير أن لجنة الصناعات الدفاعية قررت ان تبرم عقداً مع شركة “FNSS”، المصنعة للعربات لشراء 170 عربة ثمانية الدفع، بقيمة تتراوح بين 175 – 200 مليون دولار، وفتح مجال التفاوض مع شركة “MBC”، لشراء 700 عربة رباعية مدولبة. وسيشمل العقد شراء 116 عربة “كيربس” المضادة للألغام والعبوات المتفجرة.

وتدخل الزيادة في عملية التسليح ضمن أهداف تركيا، لإقامة حزام منطقة آمنة على عمق ثلاثين كيلومتراً على أربع مراحل، والضغط على الولايات المتحدة لفك ارتباطها بالقوات الكردية. كما يرتبط هذا التسليح، مع ظهور خلافات مع دول في حلف “الناتو” مثل ألمانيا التي طلبت من تركيا عدم استخدام دبابات “ليوبارد 2” الالمانية الصنع في عمليته العسكرية في عفرين.

وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تعزيز الحضور الروسي العسكري الجوي في سوريا، عبر إرسال طائراتين من طراز سوخوي  (SU-57)، واربع طائرات من طراز (SU-35)، واربع طائرات من طراز (SU-26)، وطائرة إنذار مبكر (A-50U)، وتأتي هذه التعزيزات العسكرية بحسب التقارير الغربية، موجهة بشكل مباشر للرد على التوسع الاميركي العسكري في الشرق والذي تعده غير شرعي، كما أشار رئيس لجنة الدفاع الروسية في البرلمان، الجنرال فلاديمير شمانوف أن المقاتلة الروسية التي أسقطت، اصيبت بصاروخ حراري موجه من منظومة “ايغلا” او “ستينغر” الاميركية تملكه المجموعات المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة.

ولا تشكل “صفقات التسليح” البوابة الوحيدة للتدخل وتنفيذ صفقات تحت غطاء “تقديم المساعدات الانسانية”، وخاصة في مناطق “ما بعد داعش”. وأقر “معهد الولايات المتحدة للسلام” و”معهد عمليات حفظ السلام والاستقرار”، التابع للجيش الأميركي، التعريفات التالية في دليل أقره مكتب وزارة الخارجية في عمليات الصراع وتحقيق الاستقرار، حيث عرف (الاستقرار) بأنه إنهاء أو منع تكرار النزاعات العنيفة وتهيئة الظروف للنشاط الاقتصادي العادي والسياسة اللاعنفية، في حين تشير عبارة “إعادة الإعمار” إلى عملية إعادة بناء البنية التحتية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمادية المتدهورة أو المتضررة أو المدمرة لبلد أو إقليم لخلق الأساس طويل الأجل تطوير.

وضمن هذا التعريف، تشير تقارير إلى مساهمة الولايات المتحدة بمبلغ 875 مليون دولار في “تحقيق الاستقرار” وغيره من المساعدات غير الإنسانية منذ بداية الأزمة، وتخصيص 1.27 مليار دولار في مناطق سيطرة “داعش” في العراق وسوريا، وتسعى وزارة الدفاع الاميركية إلى استحداث صندوق “لتحقيق الاستقرار”، وهو ما يتطلب موافقة من الكونغرس. وتعتبر التقارير أن هذا الفصل بين “الاستقرار” و”إعادة الاعمار” لا يبدو واضح المعالم وإنما يهدف بشكل أساسي إلى اعطاء شرعية التمويل للسياسة الاميركية في سوريا والعراق تحت مسميات “إنسانية أو برامج غير فتاكة”.

 

وسام عبدالله

 

 

 

 

 

عن وسام عبدالله