الرئيسية » العالم والخليج » الخليجيون ولبنان : حلفاء ومال وأصدقاء.. ودسائس !

الخليجيون ولبنان : حلفاء ومال وأصدقاء.. ودسائس !

 

بيروت –”جورنال”

 

مع انطلاق العد العكسي للانتخابات البرلمانية اللبنانية، حظيت زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الى العاصمة السعودية الرياض ولقائه الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد محمد بن سلمان، باهتمام كبير، ليس لكونها الزيارة الاولى منذ ملابسات احتجازه في الرياض على خلفية ازمة اعتقالات الامراء، وما صحابها من حراك لبناني بارز أفضى الى الافراج عنه، بل تأتي أيضا لمعرفة الخطوط العريضة الجديدة للسياسة السعودية في لبنان قبيل الانتخابات البرلمانية وما اذا كانت المملكة تريد الحفاظ على ما تبقى من فريق “14 اذار” رغم حالات التشرذم الكبيرة التي عصفت به خلال المرحلة الماضية.

الرياض وجدت في الرهان على زعامات بخلاف الحريري في الانتخابات، بمثابة رهان غير مضمون النتائج حتما، الا ان هذا الامر لا يمنع دوائرها السياسية من محاولة تشكيل نواة فريق سياسي “سني” جديد لها في لبنان يكون مفيدا لها في مساومة الحريري على الالتزام بشكل اكبر بسياساتها اللبنانية، مثلما يروج كثيرون حول طبيعة ورقة الوزير الطرابلسي أشرف ريفي.

ويذكر اللبنانيون كيف ان محاولة جرت، لكن تم دفنها سريعا خلال أيام “اختفاء” الحريري في الرياض، عندما طرح اسم بهاء الحريري ك”خليفة” محتمل لزعامة بديلة، وكيف ان ممانعة كبيرة واجهها هذا المشروع بقيادة رموز تيار المستقبل السيدة بهية الحريري وابنها نادر الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق الذي خرج بتصريح غاضب يومها.

 

 

وكان من اللافت ان الحريري ما ان عاد من الرياض، حتى إنتقل من المطار الى منزل الرئيس فؤاد السنيورة. السنيورة، احد الرموز الأساسية لفريق “14 اذار” منذ اغتيال الحريري الاب قبل اكثر من عشرة أعوام، طلب التمهل ثم أعلن فجأة اليوم عزوفه عن الترشح الى الانتخابات، ما قد يكون مؤشرا على تبدل كبير في خريطة القوى “المستقبلية” وحلفائها في لبنان خلال المرحلة المقبلة.

المعلومات التي ترددت عن لقاءات الحريري في الرياض، تفيد بان سلة كبيرة من الدعم المالي (قدرت بعشرات ملايين الدولارات)، ستجد طريقها الى ماكينات الحريري وادواته، السياسية والانتخابية والإعلامية، من اجل تغطية التكلفة الانتخابية لفريق المستقبل والدفع بمرشيحه بقوة في جميع الدوائر الانتخابية، وذلك تحت شعار اضعاف الثنائي الشيعي “حزب الله” و”أمل”، بالإضافة الى تعزيز مكانة “القوات اللبنانية”.

وتقول المصادر ان الطرف السعودي يريد أيضا ان يضم الحريري في لائحة المستقبل الانتخابية عددا من الاسماء التي قدمها السعوديون من دون أن يتم وضع “فيتو” على اي اسم بعينه، وهو الامر الذي بدد الشائعات التي تحدثت عن استياء سعودي من الوزير المشنوق ورغبتهم في عدم ادراج اسمه ضمن لائحة المستقبل.

وبحسب المعلومات، فان السعودية تسعى الى توفير دعم مالي وسياسي لكل من “قوات” سمير جعجع والوزير اشرف ريفي. وقد راقب اللبنانيون كيف ان المبعوث الملكي السعودي نزار العلولا امضى ساعات عدة في مقر جعجع في معراب عندما زاره مؤخرا وكأنه في بيته.

اما ريفي الذي يتصرف كأنه مطمئن الى وضعه سياسيا وانتخابيا في الشمال، فقد حزم حقائبه مسافرا الى الولايات المتحدة في هذا التوقيت الانتخابي الحساس، فيما ينتظر كثيرون ان تتضح طبيعة التعليمات السعودية المحددة لرسم حرارة العلاقة بينه وبين الحريري في المرحلة المقبلة.

 

 

في المقابل، تظهر الكويت احتضانا خاصة ودعما صريحا للحزب الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط، وهو الذي عرف عنه علاقته الجيدة بالقيادة الكويتية منذ ان كان أميرها الشيخ صباح الاحمد وزيرا للخارجية، وقد قام جنبلاط مؤخرا بزيارة الى الكويت التقى خلالها بالامير. وسبق لجنبلاط ان غرد على “تويتر” حول تقديره للعلاقات مع الكويت ولاميرها.

الا ان الكويت تتمتع عموما بعلاقات طيبة مع مختلف الافرقاء اللبنانيين الذين يحتفظون لها بتقدير خاص لمساهماتها في التنمية الاقتصادية في العديد من المجالات، من دون ان يسجل عليها تدخلات سياسية فظة في الشأن اللبناني الداخلي. لكن “قضية العبدلي” تركت نقاط سوداء على التميز الذي تتمتع بها علاقات الشعبين.

اما رئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل نبيه بري فانه يعتبر من “أهل البيت” بالنسبة لعائلتي الخرافي والغانم، صاحبتا النفوذ المالي والسياسي الكبيرين في الكويت، هذا بالاضافة الى العلاقة المميزة له مع القيادة الكويتية. لكن لا معلومات يتم تداولها حول طبيعة هذه المساندة الكويتية له، وان كانت حكومة الكويت تتحفظ شأنها شأن عائلتي الخرافي والغانم، عن الحديث عن اي مساعدات من هذا القبيل.

بدورها تعتبر الامارات الوزير أشرف ريفي “رجلها” في لبنان. أي انه نقطة التقاء سعودي –اماراتي. وكانت الامارات قد حرصت على توفير دعم له منذ اعلان انشقاقه عن حزب المستقبل، وذلك عبر رجل الاعمال الاماراتي خلف الحبتور بحسب ما تقول مصادر خليجية خاصة.

لكن الامارات مؤخرا فتحت قنوات تواصل وصفت بـ”المميزة” مع حزب “القوات” وكذلك حزب الكتائب، بالاضافة الى  الابقاء على ود متبادل مع رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، اذ يعرف بالوزير السابق الياس بوصعب بانه عراب العلاقة الودية بين الامارات والتيار العوني.

 

 

ذهبت الامارات بعيدا اكثر. مؤخرا، استضافت ونظمت مؤتمرا تحت عنوان “تفكيك شيفرة حزب الله” دعت اليه من وصفتهم بالخبراء الأجانب والعرب، بالإضافة الى بعض المغمورين اللبنانيين للحديث عن دور الحزب لبنانيا وإقليميا، وحث بعضهم، على تدمير بيئة الحزب ومحاربتها ولو عسكريا.

بدورها تحاول الدوحة الإيحاء على انها على مسافة متساوية من جميع الاحزاب اللبنانية. وكثيرون يذكرون دورها في بلورة ما عرف باتفاقية الدوحة قبل نحو عشرات سنوات التي ضبطت نوعا ما علاقات القوى ببعضها حتى الوقت الراهن. وترى الدوحة ان علاقتها أكبر من تقديم الهبات المالية. ويذكر اللبنانيون الدور القطري في المفاوضات التي انخرط فيها اللواء عباس ابراهيم من اجل اتمام اكثر من عملية تبادل بين الفصائل المسلحة في سوريا من جهة وحكومة دمشق وحكومة بيروت و”حزب الله” من جهة أخرى.

الا ان طبيعة الدور القطري (والسعودي بطبيعة الحال) في الحرب السورية وفي ما كان يجري في سلسلة لبنان الشرقية، حيث تمركزت بعض القوى الإرهابية التي ارتبطت بالمال والاشراف تحت المظلة القطرية طوال سنوات، اثار الكثير من الانتقادات والشكوك بين اللبنانيين، لحقيقة دور الدوحة ورسوخ علاقتها بالمكونات اللبنانية المختلفة.

كما ان العلاقة القطرية لا تبدو بأبهى صورها على المستوى الاعلامي مع تيار المستقبل الذي يخشى الغضب السعودي ان ما هو جاهر بها، في حين يبدو الوزير أشرف ريفي اكثر تصلبا تجاه قطر وهو اعلن غير مرة عن تأييده للسياسة السعودية بالمجمل، اي ما تم تفسيره ضمنا بدعم مقاطعة قطر.

لا تنحرف البحرين عن أولويات السياسة السعودية لبنانيا، واذا جربت التحليق بجناحيها، فانها تبدو اكثر “تشددا” في الانحياز الى القوى المعادية ل”حزب الله”، خصوصا والمنامة تتخذ خطوات انفتاحية على إسرائيل وتتهم في الوقت ذاته، الحزب بدعم المعارضة البحرينية.

ولسلطنة عمان، رواية أخرى، فك الغازها يتطلب الكثير من المتابعة والتدقيق لما تتميز بها سياسيات مسقط من حذر وتروي، والاهم السرية. ومع ذلك، فان علاقاتها اللبنانية، يشاد بها من قبل مختلف الافرقاء اللبنانيين.

 

 

 

عن جورنال