الرئيسية » اراء ودراسات » لنراقب.. أبعد من دمشق والرياض

لنراقب.. أبعد من دمشق والرياض

 

يبدو العامان 2017 و2018 كأنهما يريدان التكامل بترابط احداثهما. ما بين دمشق والرياض والقدس.. وطهران. ان أي محاولة لمراجعة ما جرى خلال الشهور ال12 الماضية، تجعل العيون تصبوا تلقائيا نحوها.

سوريا أولا. فمنذ ان حط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة حميميم في سوريا في 11 كانون الأول 2017، واعلانه ان القوات الروسية أنجزت مهمتها الأساسية بالحاق هزيمة بالإرهاب، ترسخ مشهد الإرادة الروسية في مواجهة المشروع الاخر، وتثبت النفوذ الروسي في سواحل شرق المتوسط.

ان الهجوم الصاروخي على قاعدة حميميم قبل أيام، محاولة لزعزعة هذه الصورة. لكن أي اطلالة للعام الجديد لا يمكنها تجاهل حقائق التغلغل الروسي، خصوصا فيما يغلق الجيشان السوري والعراقي حدودهما الطويلة المشتركة، وتبحث واشنطن عن أوراق تخريب بديلة، في حين ينهي الجيشان اللبناني والسوري، وحزب الله”، ثغرات الجبال الشرقية للبنان والقلمون التي هددت نيرانها الداخل اللبناني. يترافق ذلك مع تحركات للتسوية والتفاوض ما بين جنيف واستانة وسوتشي، واصطدام الجموح التركي بتصاعد قوة السلاح الكردي في الشمال السوري.

ولهذا، من المهم، متابعة ما اذا كان العام 2018 سيشهد نهاية لحرب الاعوام السبعة، وبداية حقبة سياسية وعسكرية واجتماعية جديدة في سوريا، بكل ما يعنيه ذلك من تداعيات على الشأن اللبناني والإقليمي عموما. ان التحول في مشهد الاحداث السورية، من الكبر بحيث انه سيفرض اجندته على الإقليم والعالم.

السعودة ثانيا. لا يكاد يمر يوم، الا ويتوقع متابعون للشأن السعودي، ان الأمير محمد بن سلمان سيخلف والده الملك سلمان بن عبد العزيز، لتكون تلك نهاية حكم الاخوة السديرين، والانتقال للمرة الاولى الى حكم الابن، بعدما احكمت سلسلة من القرارات خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وخصوصا في العام 2017، قبضة محمد بن سلمان على أروقة الحكم من خلال المؤسسة العسكرية والحرس الملكي والقطاع الاقتصادي و”الربيع سعودي” المضبوط بمعايير سعودية صارمة.

الا ان ما اظهره العام 2017، ان المشهد السعودي لم يتأمن بالكامل. التحديات التي يواجهها محمد بن سلمان، اكبر من ان تختصر، او يتم حسمها، باعتقال عشرات الامراء والوزراء والمسؤولين في “فندق الريتز” ولا بالإعلان عن مدينة الاحلام “نيوم” فيما الميزانية السعودية تسجل عجزا جديدا بقيمة 52 مليار دولار، ولا يتوقع توازنها قبل أربعة أعوام” طالما ظل النفط، شريان بقاء المملكة، على أسعاره الحالية…. واستمرار الحرب على اليمن التي تستنزف الخزائن الملكية.

وبهذا المعنى، فان الاختبار الحقيقي لسياسات محمد بن سلمان في الأعوام الثلاثة الماضية، يحين موعده في العام 2018. نتاج ما جرى ستظهر تداعياته في السنة الجديدة، من دون اغفال كرات النار الاجتماعية التي يقول ولي العهد السعودي انه يحاول احتواءها.

القدس ثالثا. نفذ دونالد ترامب، قبل نهاية العام 2017، تعهداته بإعلان نقل السفارة الأميركية الى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل. العام 2018 سيكون المحك الفعلي للمدى الذي سيذهب اليه الرئيس الأميركي لاستكمال خطوته هذه. وغالب الظن، انه سيمضي قدما في خطوته، خصوصا ان ردود الفعل العربية والإسلامية الاحتجاجية، لم تلق اذانا صاغية لا في البيت الأبيض ولا في الكونغرس، الموالي أصلا للوبيات اليهودية المؤيدة لإسرائيل، ومن جمهوريين وديموقراطيين.

ولن يكون مفاجئا لذلك، ان تبدأ خطوات العملية لنقل السفارة، ولو عبر الاستعجال واستئجار فندق مقدسي. وبطبيعة الحال، يأخذ ترامب بالاعتبار ان المواقف الصادرة من أنقرة والرياض ورام الله والقاهرة، وحتى بقية العالم الإسلامي، من جاكرتا شرقا الى الرباط غربا، وهي كلها لم تخرج عن الطابع الاستنكاري التقليدي. اذن، سيكرس العام 2018، القدس عاصمة لإسرائيل وفق المسار السياسي والديبلوماسي القائم حاليا.

واذا كان صحيحا ان المعركة مع الإرهاب التي بعثرت طوال سنوات أوراق التاريخ والجغرافيا والامن في المنطقة، قد دخلت مراحل تاريخية حاسمة في العام 2017 من الموصل الى دير الزور، فان ورقة ترامب المقدسية، تعيد خلط كل الأوراق الإقليمية مجددا، وتفتح، كما الإرهاب، جرحا حارا ونازفا جديدا في العام 2018.

وشئنا ام أبينا، فان ما بدأ يسخن في ايران في نهاية العام 2017، له ارتباطه بهذا المشهد الثلاثي في العام 2018. ان انحسار، او اتساع رقعة الاحتجاج في الشوارع الإيرانية، ستكون له بلا شك حسابات  – لك ان تتخيلها- من الأطراف كافة، على ما يجري في القدس ودمشق .. والرياض، والعكس بالعكس أيضا.

 

خليل حرب

 

 

 

عن خليل حرب

خليل حرب، صحافي لبناني، مدير تحرير في جريدة "السفير" سابقا. يشغل اليوم منصب رئيس تحرير موقع "جورنال".