الرئيسية » العالم والخليج » دبلوماسية الكوارث: هل تفتح الطريق للتواصل مع دمشق؟

دبلوماسية الكوارث: هل تفتح الطريق للتواصل مع دمشق؟

قبل تاريخ 6 شباط الحالي كانت القراءة السياسية للأزمة السورية وعلاقتها مع تركيا في نوع من الاستعصاء في التقارب وإمكانية الحل على المدى الطويل، لتأتي الكارثة وتفرض الطبيعة نفسها أكثر من رغبات البشر السياسية، حيث تواصلت دول ومنظمات دولية مع الحكومة السورية بعد 12 عاما على مقاطعتها.

وسام عبدالله      

ووصلت إلى مطارات دمشق وحلب واللاذقية، عشرات الطائرات المحملة بمساعدات إنسانية وإغاثية، توزعت ما مطارات دمشق وحلب واللاذقية، وكانت غالبيتها من دولة الامارات ثم من العراق. لكن كانت هناك ايضا طائرات من ليبيا وإيران والجزائر وسلطنة عمان، وبيلاروسيا، وتونس، وكازاخستان، وروسيا والصين ومصر والأردن وأرمينيا والشيشان والسعودية وباكستان والهند وبنغلادش وفنزويلا والسودان واليابان، ومنظمتي اليونيسيف الصحة العالمية. أما من جهة الشمال السوري في المناطق التي تسيطر عليها فصائل مسلحة، فقد اشار المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ينس لايركه، في مؤتمر صحفي يوم الجمعة، الى عبور 143 شاحنة عبر معبري باب الهوى وباب السلامة على الحدود مع تركيا.

وبعد ساعات قليلة على وقوع الزلزال، انطلقت الدعوات إلى تقديم المساعدات إلى سوريا، في ظل حصار اقتصادي نتيجة العقوبات المفروضة عليها منذ سنوات، إضافة للأزمة المعيشية التي تمر بها البلاد. وشكل “قانون قيصر” الذي يفرض مجموعة من العقوبات على الدولة السورية، عنوان المرحلة السابقة من الحرب الاقتصادية عليها، إلى أن جاء الزلزال، ودفع الضغط الانساني والاعلامي لرفع الادارة الاميركية الحظر عن بعض بنوده لمدة 180 يوما وخاصة فيما يتعلق بالتحويلات المالية.

وفي مقدمة الدول التي فتحت باب المساعدات إلى سوريا، هما الجزائر والعراق، في إعلانهما عن إطلاق “جسر جوي” من المواد الغذائية واللوجستية والفرق الطبية والإنقاذ.

ولأول مرة منذ قطع العلاقة بين دمشق والرياض، حطّت طائرة سعودية في مطار حلب الدولي، بتاريخ 14 شباط/فبراير، محملة ب 35 طنا من المساعدات الغذائية، تسلمها الهلال الاحمر السوري، الذي يتم التنسيق عبره مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.

كما زارت دمشق وفود عربية ومنظمات دولية، منها وفد حكومي لبناني برئاسة وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، ووزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، ووزير الخارجية الاماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح فياض ناقلا رسالة من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، والمدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس، ورئيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر ميريانا إيغر، ووكيل الامين العام للامم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الاغاثة مارتن غريفيث.

وإلى جانب المساعدات واللقاءات المباشرة، فتحت خطوط الإتصال مع العاصمة السورية، حيث زارة الرئيس السوري بشار الاسد سلطنة عمان، وتلقى اتصالا من ملك الأردن عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة. إضافة إلى اتصال مع السوداني، والرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وغيرهم، فيما تحدثت تقارير عن احتمال قيام وزير الخارجية السعودي فيصل الفرحان بزيارة الى دمشق قريبا، وهو الذي تحدث خلال مؤتمر ميونيح الامني قبل ايام، عن “إجماع عربيّ على أن الوضع الراهن في سوريا يجب ألّا يستمر، ويجب معالجة وضع اللاجئين السوريين في الخارج، والجانب الإنساني بالداخل”.

وتبقى دولة قطر خارج “دبلوماسية الكوارث” في خطوط التواصل والمساعدة مع سوريا، حيث اختارت الطريق الوحيد لإرسال المساعدات نحو تركيا فقط، وتبقى الإعانات التي أرسلت إلى المناطق السورية التي تسيطرة عليها الفصائل المسلحة، عبر موافقة أنقرة على فتح المعابر، وشكّل ضعف الاستجابة للمتضررين في تلك المناطق تساؤلات حول الدور التركي والقطري والاوروبي واستغلاله سياسيا وعسكريا لتلك المناطق قبل الزلزال، والتراخي في مساعدتها بعد الكارثة.

هل تفتح الكارثة الانسانية جدارا في العلاقات مع سوريا، وتعيد التواصل بعد انقطاع طويل؟، في التاريخ السياسي، أنواع متنوعة من الدبلوماسية، منها الثقافية أو الاقتصادية وحتى الرياضية، وتشكل الكوارث نافذة تمكن من التواصل المباشر أو غير المباشر، للدول التي تفكر في النتائج السياسية وليس فقط الانسانية، فقد لا يكون الحل للازمة السورية واضحا، ولكنه أصبح مطروحا أكثر للمرحلة المقبلة.   

عن جورنال