الرئيسية » اراء ودراسات » جينكيز تشاندار: سياسات أردوغان تحت أنقاض.. الزلزال

جينكيز تشاندار: سياسات أردوغان تحت أنقاض.. الزلزال

يوم السادس من شباط/فبراير 2023، الساعة 4:20 صباحاً بالتوقيت المحلي؛ التركي والسوري؛ هو تاريخٌ لن يُنسى أبداً. إنه تاريخ مأساة إنسانية غير مسبوقة، حلَّت بحياة الآلاف من الأتراك، الأكراد، العرب، المسلمين السُنَّة والعلويين، المسيحيين الأرثوذكس والكاثوليك، واليهود.. وكل أطياف البشر الذين – ومنذ زمن سحيق – أثّروا في المشهد التاريخي للشرق الأوسط، وساهموا بتنوعهم واختلاف مشاربهم في زخرفة ألوانه الفريدة. كما ستترك هذه المأساة تغييرات كثيرة من شأنها أن تؤثر على المستقبل، ولا يزال من السابق لأوانه تقييم حجمها الحقيقي. كادت مدينة أنطاكيا العريقة أن تُمحى من على وجه الأرض، بآثارها التاريخية، وكنائسها التراثية، ومسجد “حبيب النجَّار” العريق، والكنيس اليهودي.

رجل تركيا القوي، الرئيس رجب طيب أردوغان، تأخر في الإستجابة لإستغاثة المنكوبين، وكذلك كانت زيارته للمناطق المنكوبة جراء الزلزال. لم يكن أردوغان مُقنعاً في تقييمه العام. فقد اكتفى بالقول إن الكارثة الطبيعية التي وقعت كانت بمشيئة الله، وأن الزلزال “موجود في الخطة السماوية فيما يتعلق بالقدر”. لكنه عندما كان سياسياً معارضاً قال عكس ذلك إبّان الزلزال الرهيب الذي ضرب تركيا في العام 1999. يومها شدّد أردوغان على أن لا علاقة للقدر بالزلزال، وأن المسؤولية تقع على سوء الإدارة والتقدير.

في برامجه التي وضعها لتعزيز الاقتصاد التركي، ركّز لأردوغان على قطاع البناء، وروَّج لمجموعة من المقاولين، أطلق عليهم زعيم المعارضة، كمال كيليجدار أوغلو، اسم “عصابة الخمسة”. فأردوغان منح أفراد “عصابة الخمسة” مشاريع بناء فخمة، بينها مشروع مطار اسطنبول، الذي أصبح ثاني أكبر مطار في العالم. ومشروع الجسور التي بُنيت فوق مضيقي البوسفور والدردنيل، وجسر آخر فوق خليج إزميت فوق بحر مرمرة. وهناك أيضاً مشروع فتح قناة تُسمى “قناة اسطنبول” موازية للبوسفور وتربط البحر الأسود ببحر مرمرة، وذلك على الرغم من التحذيرات القوية من أنه يمكن أن يؤدي إلى زلزال من شأنه أن يُدمّر اسطنبول ويقتل أكثر من مليون شخص. كما وزع أردوغان عدداً كبيراً من العقارات على أفراد من العائلة الحاكمة في قطر، ولم يهتم بالتحذيرات المتعلقة بالزلازل المحتملة التي قد تضرب تركيا.

مثل باقي مؤسسات الدولة، يسيطر على “آفاد (AFAD)” الوكالة الحكومية التي تتعامل مع الزلازل، عددٌ كبيرٌ من الموالين لأردوغان والمقربين منه. كذلك هو حال هيئة الهلال الأحمر التركي، التي كان أداؤها في عمليات الإنقاذ مزرياً وغير فعَّال. تجلت بيروقراطية إدارة الكوارث والطوارئ في أداء الذين عملوا من دون معرفة أو خبرة في الجيوفيزياء والجيولوجيا والهندسة وإدارة الأزمات والكوارث وما إلى ذلك. نعم، لقد أصاب الزلزال وكالة “آفاد” بالشلل.

الأهم من ذلك كله، أنه في الذكرى المئوية للجمهورية، في شباط/فبراير 2023، انتهى طموح أردوغان بـ”تركيا جديدة”. لقد انتهى حلم إحياء الإمبراطورية التي صاغها “العثمانيون الجُدد”. لم تعد تركيا قوة ناشئة. إن الدولة التي لا تستطيع نجدة شعبها في اللحظات الحرجة ومد يدها له عند الحاجة لأنها مشلولة بالمحسوبية والفساد وعدم الكفاءة، لا يمكن أن تصبح قوة إقليمية أو دولية. والجيش الذي هدَّد أردوغان جيرانه به، ورفع شعار “نستطيع مهاجمتك فجأة وذات ليلة”، في تهديد مباشر بشن عملية عسكرية على شمال سوريا أو اليونان، بقي في ثكناته. وعلى عكس زلزال عام 1999، لم تتم الإستعانة به في عمليات الإنقاذ.

لقراءة المزيد على موقع 180 post:

عن جورنال