لو قدر لصواريخ الدفاع الجوي السوري، ان تتطاير في سماء المنطقة دفاعا عن دمشق كما جرى في ايلول الماضي، لكان اللبنانيون اليوم يسيرون في قوافل جنازات ضحايا الطائرات المدنية التي نجت من “هدية” ميلاد دموية حضرتها اسرائيل لهم.
افلت اللبنانيون من كارثة، او فلنقل جريمة جرت محاولة لارتكابها بحقهم عن سبق اصرار وترصد. اراد سلاح الجوي الاسرائيلي ان يكرر يوم “عيد الميلاد”، ما فعله مع طائرة الاستطلاع الروسية قبل اكثر من ثلاثة شهور، عندما احتمت طائرته عمدا خلف الطائرة الروسية لتصيبها الصواريخ السورية اصابة قتلة.
ماذا فعلت موسكو؟ اعلنت بعدها تسليم دمشق نظام صوارخ “اس 300”. ماذا فعل لبنان؟ صدر بيانان مقتضبان من وزارة النقل ووزارة الخارجية.
ربما تكون الصدفة، او “العناية الالهية” وحدها، من انقذ اللبنانيين من هذه الجريمة المبيتة، او لعلها فطنة القيادة العسكرية السورية والروسية التي سارعت في لحظات شديدة الخطورة كهذه، الى كبح اليات المواجهة الجوية مع المقاتلات الاسرائيلية. منعت موسكو ودمشق تكرار الغدر الاسرائيلي كالذي جرى في 17 ايلول الماضي واوقع 15 قتيلا من ضباط سلاح الجو الروسي.
وبخلاف البيانين اللبنانيين، سارت الامور على منوالها في بيروت. لا حكومة انعقدت على عجل للتعامل مع الموقف، ولا من يجروء على اتخاذ قرارات تسلح تكسر المحظورات المفروضة على لبنان المتقوقع كأسير لهبات اميركية لا تغني ولا تسمن من جوع.
والاهم ان احدا لم يتنبه الى ان اسرائيل كانت تخادع – وقد تفعلها ثانية- لانزال نكبة مروعة بعائلات لبنانية، بنيران سورية ! تخيلوا للحظة اي تداعيات سياسية وامنية لذلك على اللبنانيين وعلى ما بين دمشق وبيروت.
غير ان الموقف الهزيل للسلطة اللبنانية هذا، يحمل وجها اخر، في انه يتصرف كأن مشكلة الدولة اللبنانية هنا تكاد تتلخص في محاولة المس بسيادة الدولة في السماء، فيما تبقى في الدرجة الادنى اهمية لها، دماء مواطنيها وارواحهم.
لكن المبكي في الموضوع ان اللبنانيين في صميمهم، ليسوا متفاجئين.
خليل حرب