الرئيسية » Uncategorized » انهيار لبنان والرفاهية المستوردة!

انهيار لبنان والرفاهية المستوردة!

كتبت رلى ابراهيم :

هي النتيجة الطبيعية لسنوات من نموذج اقتصادي احتكاري. بلد لا ينتج كان لا بد أن يقع. الانهيار لم يكن صدفة.

منذ التسعينيات، بني النموذج الاقتصادي على قاعدة تهجير الناس من أراضيهم وتدمير الصناعة، مقابل فتح البلد أمام كل أنواع الاستيراد المدعوم، الذي استفادت منه الوكالات الحصرية، بامتداداتها السياسية.

ثمّة من يرى في الانهيار الاقتصادي فرصة لإعادة الحياة إلى القطاعات المنتجة المحلّية وبناء اقتصاد حقيقي من جديد، بالتوازي مع إقفال الباب أمام «الرفاهية» المستوردة.

لطالما تغنّى اللبنانيون بقرب بحرهم إلى جبلهم، ربما، لأن أحداً لم يجد على مرّ السنوات ميّزة أخرى للتغنّي بها.

فلا الصناعات اللبنانية بخير ولا الزراعات كذلك، في بلد يكاد يستورد كل شيء: ما يلبسه ويأكله ويشربه. ليس من السهل هنا الحديث عن 24 مليار دولار تصرف سنوياً على الاستيراد من الخارج (منها 4 مليارات دولار خدمات)، من مشتقات نفطية إلى أدوية وآلات طبية ومعدات كهربائية وإلكترونية، وصولاً إلى اللحوم والألبان والأجبان والفواكه والأزهار والشتول والملابس والأحذية… أي أن مجموع السلع والخدمات المستوردة إلى لبنان يشكّل نحو 46% من مجمل الناتج المحلي. كان يفترض أن يستدعي الأمر، أقلّه، مراجعة كما حصل في بعض الدول التي أعادت النهوض باقتصادها عبر العمل على إبقاء الدورة المالية داخل البلد، أي تقليص حجم الاستيراد. لكن تابع لبنان سيره عكس التيار؛ فأغلق المصنع تلو الآخر، هجّرت الأراضي الزراعية، أقفل الحرفيّون وأصحاب الأعمال الصغيرة أبوابهم. أفرغ الاقتصاد المدولر والريعي دورة الإنتاج وحلّ مكانها الاستهلاك السهل والرخيص، مقارنة بكلفة المنتج المحلي؛ ذلك لأن سعر صرف الدولار ظل ثابتاً أمام الليرة اللبنانية، أو أقلّه هذا ما قيل.

منذ التسعينيات، بني النموذج الاقتصادي على قاعدة تهجير الناس من أراضيهم وتدمير الصناعة، مقابل فتح البلد أمام كل أنواع الاستيراد المدعوم

ثمّة سببان جوهريان لما سبق. يقول الخبير الاقتصادي شربل قرداحي لـ»الأخبار» إن السبب الأول مردّه الى السياسة النقدية واعتماد سعر الصرف «الاسمي» لقياس تقلّبات العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية. وقد جرى تثبيت سعر الصرف أمام ليرة لبنانية «منفوخة» القيمة، ما جعل كلفة التصنيع مرتفعة جداً وباتت المنتجات الوطنية غالية نسبة الى المنتجات الأجنبية: «تراجع مبيع البضائع اللبنانية في الداخل وفي الخارج، ليتوسّع العجز في الميزان التجاري للسلع والخدمات، وتتراجع الأنشطة الصناعية والإنتاجية الداخلية وترتفع البطالة، وتزداد الحاجة إلى دخول النقد من الخارج ورفع الفائدة، ما أدى الى تراجع الإنتاج»… وتلك حالة يشهدها لبنان منذ تسعينيات القرن الماضي.

الى جانب ذلك، غزت المنتجات الغذائية الأجنبية السوق اللبناني المفتوح، في غياب أي ضوابط لعملية الاستيراد وتشجيع وحماية الإنتاج المحلي.

فصار معظم اللبنانيين يفضلون «الكورنيشون» الفرنسي على «الكبيس» المحلي، التفاح الأوسترالي على التفاح البشرّاوي، الورد الهولندي والسعودي على الجوري، الدجاج البرازيلي المجمّد على المحلي الطازج.

للعلم، يستورد لبنان قرابة 80% من حاجاته الغذائية. يبدو الأمر سوريالياً في بلاد الشمس والماء، وكأن تدميراً ممنهجاً لنسيج المجتمع كان يحضّر له منذ عشرات السنوات.

وإلا ما الذي يفسر اتفاقية استيراد الحليب واللبن واللبنة من المراعي السعودية والسماح للحوم البرازيلية والأوسترالية بغزو المتاجر، وفتح الأسواق أمام الخضر والفواكه الأجنبية لمنافسة الإنتاج المحلي، ورفض فرض ضرائب على المفروشات المستوردة لحماية المعامل اللبنانية، وفتح السوبر ماركات أمام النبيذ الفرنسي وغيره، فيما في لبنان 50 معملاً لصناعة النبيذ؟ في المقابل، النبيذ اللبناني أغلى سعراً في لبنان مما هو عليه في الأسواق الخارجية، وبالتالي يتحمّل أصحاب المعامل جزءاً من هذه المسؤولية. بموازاة ذلك، هل ثمّة من تنبّه الى السبب الرئيسي وراء إقفال العديد من معامل الخياطة وصناعة الأحذية؟

لقراءة المزيد في جريدة “الاخبار”:

https://www.al-akhbar.com/Politics/290618/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%87%D9%8A%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D9%81%D8%B1%D8%B5%D8%A9-%D8%A5%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AC

عن جورنال