تشهد فِلسطين المحتلة بُركان أحداث قد ينفجر بِأيّ لحظة في الضفّة الغربيّة تحديداً.. شَاهدنا في الفترة الأخيرة الأقصى يستغيث للمرة الألف!
نسرينا الزين
تزامناً مع أعياد الاحتلال أو ما يسمّى بـِ “أيام العرش اليهوديّة ” اقتحم عدد مِن المستوطنين المسجد الأقصى ومارسوا طقوسهم التلموديّة بِحماية مِن جنود الاحتلال الاسرائيلي، كما وأن المسجد الابراهيمي لم يسلَم مِن الاعتداء، بل أقام المستوطنون أكثر من احتفال داخل الحرم وبِكُلّ أريحيّة؛ وطبعاً، بِحماية مِن جنود الاحتلال تم منع الفِلسطينيون مِن الاقتراب للدفاع عنه أو الدخول لتأدية الصّلاة، أمّا الردّ على هذه الجرائم والانتهاكات أتى ضمن الإطار الطبيعي، بِعملية بطوليّة على “حاجز شعفاط” في القدس المحتلّة أسفرت عن مقتل مُجنّدة وإصابة جنديين آخرين.. وَانسحب المنفِّذ بسلام!
تداولت الصحف العبريّة خبر أن «شرطة الاحتلال غاضبة مِن أهالي مخيّم شعفاط» وَبهذا العنوان وقع الحصار على أهالي المخيّم، وَبعد رفضهم التعاون وحرقهم لتسجيلات الكاميرات التي وثّقت حركة المُشتبِك، مِمّا أدّى إلى استنفار قوات الجيش الاسرائيلي بِمساعدة جهاز الشاباك وطائرات بدون طيار ومروحيّات، وبعد ساعات مِن التعقُّب، عَجِزَ هذا الجيش المهزوم عن تحديد مكانه.. وسُرعان ما بدأت المطاردة والاقتحامات بحثاً عنه، وهنا حضرت (الجدعنة الفِلسطينيّة) واستعاد بعض الشبّان زمَن التمويه في فترة “الانتداب البريطاني”؛ حينما أصدرت الثورة الفلسطينيّة تعميم ارتداء “الكوفيّة” لِحماية الفدائيين وتضليل السلطات البريطانية (مِن هنا أتَت الكوفيّة كـ ثقافة ورمز للشعب الفلسطيني)، ولكن قد حضر في ذهنهم هذه المرّة التمويه مِن خلال “حلق شعر رؤوسهم” لتِضليل وَارباك الاحتلال وجواسيسه فَـبِحسب ما كشفت مصادر عبريّة حينها فإن المُطارَد “أصلَع”..
خرجت الأسود من عرينها ولبّت النّداء، هبّت فِلسطين مِن نابلس- جبل النار، لكلّ أنحاء الضفّة الغربيّة.. لِغزّة، للداخل المحتلّ وصولاً إلى الشتات.. جميعهم لبّوا النّداء بِـ «اللّه أكبر»، وكأن السُلطة الفلسطينيّة قد سقطت، وكأن الاحتلال قد زال، ولكِن هذه الأرض لم تعرف السّلام يوماً وهذا الشعب لا يعرف سوى لغة واحدة مع هذا العدو الغاصِب ..”إنّه لَجهاد نصرٌ أو استشهاد”.
فَـبعد مُطاردة دامت لِأسبوعين عاد المُطارَد مُقبِلاً غير مُدبِر بِالقرب من مستوطنة “معاليه ادوميم” شرق القدس، وَهذه المرة «قَد اقتحم المَوْت بِالمَوْت وَاختار وقفة العزّ بالرّصاص، حتّى الطلقة الأخيرة قاتل، حتّى النّفس الأخير قاتل، بطَل، حتّى الشهادة”.
نَعم إنّه الشّهيد “عُديّ التَميمي”.. وجدَ أجوِبته مِن مسافة صفر، هذا الشعب أسطورة في القتال، أعطى للصفر قيمة، صفر خوف!
ولم تنتهي الاقتحامات بل تطوّرت إلى اغتيالات مِن خلال بعض العُملاء لِتصفية عناصر المُقاومة الفلسطينيّة في الضفّة وهنا كـ اغتيال الشّهيد المُطارَد “تامر الكيلاني” مِن خلال تفجير عبوة ناسفة في دراجته!
كما وفي الآونة الأخيرة قد تحوّلت هذه الاقتحامات في نابلس ورام الله إلى اشتباك مسلّح، طالت مِن خلالها البعض مِن قادة مجموعة “عرين الأسود” وأدّت إلى استشهاد ستّة أقمار مِن خيرة شباب فلسطين، وهُم:” وديع الحوح، حمدي شرف، علي عنتر، حمدي قيم، مشعل البغدادي وقصي التميمي”.
هُنا وُجِب السؤال لماذا كلّ هذه الاقتحامات وما سرّ هذا التوقيت المُمنهج؟ ومَن غيرهم؟ إنّها حكومة يائير لابيد وَوزير دفاعه بيني غانتس وذلك لأجل استمالة الجمهور اليهودي ورفع رصيده وتحقيق مكاسب في انتخابات الكنيست التي ستبدأ بعد أسبوع مِن خلال العمليات العسكرية التي أطلق عليها الجيش العدو الاسرائيلي إسم “كاسر الأمواج” في آذار الماضي.. فإذاً نحن أمام حالة حرب مفتوحة، للقضاء على كلّ من يُقاوم هذا الكيان، نحن أمام استغلال عظيم لدماء الشعب الفلسطيني!
لكن ما لا يعرفه “غانتس” أن نبض الضفة أعلنها ثورة ولن يهدأ، وأنّه لا يمكن للحكومة الاسرائيلية أو لِأيّ مُرشّح أن يدوس على جُثث وآمال وحقوق الشعب الفِلسطيني ليصِل إلى مآربه، وأن يدّ العَون ودعم وإسناد فصائل المقاومة الفلسطينيّة في”غزّة” مُستمِر لأهل القدس والضفّة وعلى جميع الأصعدة بالرغم مِن الحصار ورغم أنف التنسيق الأمني ما بين السلطة الفلسطينية والاحتلال؛ وَواهِمٌ مَن يحلم بـِ “أوسلو 3 – دولتين لشعبيّن” أو مَن يُحاول إبادة الشعب الفِلسطينيّ!
وكانت قد أصدرت مجموعة “عرين الأُسُود” في بيان لها:
“وَبنادق العرين عطشى كـصحراء النقب،
فترقبوا إنّا أمسينا بُركاناً مِن غضب،
مِن فوق الأرض مِن تحت الأرض تابعونا فإنّا نَعدُّ لكُم حدثاً مِن لهَب،
حاصروا كلّ مكان الآن وأطلقوا لطائِراتكُم، عيونكُم، أعوانكُم العنان،
فويلٌ ثم ويلٌ ثم ويلٌ
مِن حدثٍ أمنيٍ قد اقترب
وويلٌ لكُم عِندما يغرّد العرين قبل بزوغ الفجر
هذا بيانٌ مقتضب
هذا بيانٌ مقتضب
هذا الشعب لا يعرف الاستسلام، يركض خلف الموت، مُتعطِّش للشهادة ترى عملية طعن هنا، تسمع بِعملية دهس هناك، خبر عاجل اشتباك مسلّح في الشارع المقابل..
في فلسطين المحتلة المُقاومة جدوى مستمرّة.. وتبقى الأُسُود أُسُود والكِلاب كِلاب!
لكن إلى متى سيبقى كمّ الأفواه والقمع أسلوب مُعتمد لدى العدو الاسرائيلي للتستُّر على إراقة الدم الفِلسطيني، واستغلاله واستثماره في سبيل تحقيق أهدافهم واستمرار وازدهار هذا الكيان الزائل؟
وَما موقف السُلطة الفلسطينيّة مِن اعتداء وجرائم وبطش الاحتلال؟
وَلماذا تستمر الأجهزة الأمنيّة في شنّ حملات اعتقال على كلّ مَن يُقاوِم؟
وماذا عن دورهم أمام اقتحام جيش العدو؟
والأهم، متى سيخرج هذا العالم عن صمته..؟
نسرينا الزين