الرئيسية » منوعات و رياضة » كورونا يذهب بكرة القدم اللبنانية الى هاوية أعمق

كورونا يذهب بكرة القدم اللبنانية الى هاوية أعمق

تعاني الرياضة اللبنانية على كل المستويات  وتشير كل الدلائل الى ان الوضع بعد فيروس كورونا لن يكون كما قبله، الى حد انه سيكون من الصعب إطلاق معظم البطولات على النحو الذي كان عليه لسنوات خلت.

توقفت كل القطاعات تفاديا للفيروس، ووضعت الجميع أمام مشكلة حقيقية قد تؤدي الى المزيد من التعقيد بعد عودة الأمور الى طبيعتها.

ذلك ان الوضع المالي داخل الاتحادات الرياضية السيء ينذر بالأسوأ، زاد عليه عدم إيجاد الحلول التي من شأنها أن تضمن حقوق الرياضيين من لاعبين وفنيين وإداريين وخصوصا أولئك الذين يتفرغون بالكامل داخل هذه الاتحادات وفي الأندية.

ويمكن القول ان في لبنان أزمة رياضية حقيقة بدأت مع توقف النشطات بعد ثورة 17 تشرين وإستمرت هلى هذا النحو حتى قضي الأمر مع تفشي الوباء بشكل نهائي، ولحق لبنان بركب الدول التي تعطلت فيها الحركة وباتت في مهب الريح.

وتعيش كرة القدم اللبنانية الأزمة بحذافيرها، على إعتبار أنها اللعبة الشعبية الأكثر إنتشارا وتقع عليها مسؤولية كبيرة مقارنة مع الألعاب الأخرى والسبب انها تضم أكبر شريحة من اللاعبين الذين يعتمدون عليها ماديا ومعنويا.

لطالما حلمت كرة القدم اللبنانية بيوم أفضل وبغد مشرق.. توجس فيها الجمهور الأمل والمستقبل، ظنا منه انها يمكن ان تحيي في نفسيته المقهورة حب الإلتزام والمتعة، لكن هذا الجمهور أصيب بالخيبة.

لم يكن اتحاد اللعبة على مستوى المسؤولية، الخلافات بين أعضاء اللجنة التنفيذية أدت الى التلاعب بمصير الأندية، عندما قررت تجميد النشاط قبل أن تأتي وزارة الرياضة لتعلن إيقاف كل النشاطات ولتقضي على ما تبقى من هذا المصير دون وضع الية معينة لإنصاف كل العاملين في القطاع الرياضي.

اليوم كورونا وغدا المعاناة الكبرى .. حتى اللحظة فان بعض أندية  كرة القدم وجد في قرار الوزارة والاتحاد على السواء عذرا كافيا ليبطش بلاعبيه وبالأجهزة الإدارية الفنية، بينما  تحمل البعض الآخر مسؤوليته باقتدار واعلن انه سيمضي بالتزامه الأخلاقي إزاء لاعبيه وموظفيه .

نحن نعرف ان عددا من الأندية بدأ يطبق نظام الإحتراف مع لاعبيه من خلال تعاقدات سنوية مقابل مبالغ كبيرة أدى الإسراف في توزيعها الى ايجاد ارضية كروية  مرهفة تقوم على البذخ والترف.

ولنعرف ان متوسط دخل اللاعب في لبنان يبلغ حوالى ال800 دولار، البعض يصل راتبه الى اكثر من ألفين وهم قلة يعتمدون على هذا الراتب، بينما يكتفي الباقي براتب زهيد ويعملون بالمقابل في وظائف خارج النطاق الكروي.

ما يعلمه الجميع ان اندية العهد والأنصار والنجمة وشباب الساحل والبرج، وحدها التي إلتزمت مع لاعبيها بعد الأزمة وما زالت حتى الساعة تعمل على معالجة الأمر المادي “بالتي هي أحسن” ولو إقتضى ذلك دفع نصف راتب.

أما الباقي فانه قطع عن لاعبيه الهواء والماء وأعلن عن نيته في حل جميع العقود والإبقاء على بعض الناشئين.

لا عودة للموسم الكروي حتى ولو إنتهينا من أزمة كورونا، لأننا نكون قد  دخلنا في الفترة التي تفصل بين عودة النشاط والبدء بالإعداد للموسم الجديد.

سيكون الأمر اشبه بكارثة لأن أكثر من 70 في المئة من اللاعبين باتوا عاطلين عن العمل وسيطالبون بمستحقاتهم الشهرية وهذا يعني ان الآتحاد سيواجه مشكلة طبيعية ستنعكس بشكل أو بأخر على الموسم المقبل، وستتسبب بصراع طبقي قد يأخذ اللعبة الى أماكن أخرى يمكن لها ان تنال من رقبة اللعبة ومن وجود الاتحاد برمته، خصوصا اذا علمنا ان هذه الأكثرية من عائلات فقيرة ومعدمة، ولن تقف مكتوفة الأيدي حيال البطالة التي حلت بها.

بعد ما تقدم فانه من الطبيعي ان نشهد هبوطا مدويا على كل المستويات وان كرة القدم كغيرها من الألعاب سوف تشهد تراجعا كبيرا لا يمكن تعويضه الا بعد سنوات. لننتظر حتى يزول الوباء ولنصبر حتى الخروج من هذه المحنة، وعندها سيتبين الخيط الأبيض من الخيط الأحمر وسيكون الله مع الصابرين…

عن إسماعيل حيدر