الرئيسية » اراء ودراسات » العقيد قشمر: لبنان ليس محصنا في الأمن السيبراني

العقيد قشمر: لبنان ليس محصنا في الأمن السيبراني

يعمل الامن السيبراني على حفظ وحماية المعلومات الموجودة على الشبكة العالمية، وله اهمية كبرى في الحرص على تقديم معلومات صحيحة ومن مصادر موثوقة للمستخدمين، وهذا ما يبث الامن والطمانينة في المجتمع، كما يُتيح للمستخدمين اضافة معلوماتهم الشخصية على الشبكة العالمية، وبذلك يعمل الامن السيبراني على حماية الامن في الدولة وذلك لما يقدمه من حماية معلوماتية للافراد والهيئات والمنظمات الموجودة في الدولة ايضًا.

خليل حرب

التقينا رئيس دائرة الاتصالات في المديرية العامة للامن العام العقيد جمال قشمر وكان لنا هذا الحوار معه :

  1. ما الذي دفعكم في الامن العالم الى تعزيز تحرككم من اجل تعزيز الوعي العام من مخاطر العالم السيبراني؟

انعكس استعمال الفضاء السيبراني سلبيا على سلوكيات البشر بالرغم من ايجابياته العديدة وفضله في التقدم وتسهيل التواصل فيما بينهم بعد ان جعل العالم قرية افتراضية صغيرة.

العقيد جمال قشمر

تكررت في الاونة الاخيرة الحوادث الناجمة عن سوء استخدام الانترنت وتزايدت معها نسبة الجرائم الالكترونية على مستوى العديد من المواطنين وكان معظم ضحايا هذه الجرائم شباب واطفال.

من هنا انطلقت فكرة توعية الجيل الناشئ من مخاطر هذا العالم وكان لا بد من بذل جهود استثنائية لتخفيف اثارهذه الجرائم والحدّ من الوقوع ضحايا هذه الشبكات.

وبتاريخ 3/5/2019 اطلقت المديرية العامة للامن العام حملة التوعية من  مخاطر الفضاء السيبراني برعاية معالي وزير الداخلية والبلديات السيدة ريّا حفّار الحسن وبدعم وتوجيه مباشر من سعادة اللواء عبّاس ابراهيم، المدير العام للأمن العام.

  • لماذا يولي اللواء عباس ابراهيم اهتماما خاصا بالامن السيبراني في لبنان؟

يعتبر الفضاء السيبراني الميدان الخامس للحروب الحديثة بعد ان تحتل الحروب البرية والجوية والبحرية والفضائية المراكز الاربعة الاولى، لذلك اصبح الامن السيبراني اساسي في مواجهة الحرب السيبرانية وذلك لضمان استمرارية عمل النظم المعلوماتية وحماية وسرية وخصوصية البيانات الشخصية وتعزيز حماية الشبكات وانظمة تقنية المعلومات اضافة الى حماية الانظمة من اي محاولات اختراق.

وحرصا منه على تعزيز الامن الاجتماعي وبعد معالجة العديد من الحالات التي وقعت ضحيّة سوء استخدام الانترنت، وبعد تعرض العديد من المؤسسات في لبنان لهجمات إلكترونية من القراصنة الافتراضيين، كان لا بدّ لسعادة اللواء عباس ابراهيم من التركيز على هذا النوع من الامن ولا بدّ من ايجاد وسائل حديثة وقائية ووسائل حماية للتخفيف من اثار التخريب الذي يحاول أن يقوم به القراصنة من جهة والتقليل من النتائج السلبية التي يتعرض لها ضحايا الجرائم الإلكترونية.

  • هل تتوفر احصاءات او تقديرات بالارقام لعدد الجرائم المرتبطة بالعالم السيبراني في لبنان؟ ما هي ؟

حتى الان لا احصاءات او ارقام دقيقة عن الجرائم المرتبطة بالعالم السيبراني في لبنان كون العديد من هذه الجرائم لا يتم الاعلان عنها من قبل ضحاياها، وانما كثرت في الاونة الاخيرة وتعددت اشكالها واختلفت اهدافها. ونحن كمديرية عامة للامن العام اكتشفنا العشرات من الاشخاص الذين وقعوا ضحية التجنيد لصالح العدو الاسرائيلي والمنظمات الارهابية والتي كانت صفحات وسائل التواصل الاجتماعي منطلقا لعمليات التجنيد. اما مخاطر الانترنت على الاطفال فهي موجودة في كل منزل تقريبا وتختلف درجات هذه المخاطر حسب سلوكيات الاهل وتعاطيهم مع اطفالهم ومواكبتهم لهم.

  • ما هي برايكم اخطر انواع الجرائم التي تواجهونها على الانترنت؟

ان انواع الجرائم الالكترونية التي يواجهها رواد وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات الانترنت لا يمكن أن تعد او تحصى ولكن يمكن الحديث عن أهمها في هذا الفضاء السيبراني الإفتراضي.

لقد ارتفعت بشكل ملحوظ نسبة تجنيد العملاء لصالح العدو الاسرائلي حيث تقوم جهة معادية بتجنيد فئة من السكان المحليين كعملاء لها ينصاعون لاوامرها ويعملون لتحقيق اهدافها. غالبا ما تعمل الفئة المعادية على استغلال نقاط الضعف لدى هؤلاء السكان وتستعمل معهم اساليب الترغيب والترهيب، التحايل والابتزاز والاقناع.

وجه اخر للجرائم الالكترونية هو تجنيد الارهابيين بحيث يتم تجنيد الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي. ان الجماعات الارهابية تقوم  بنشر الفكر التكفيري وتوجه رسائل دينية متطرفة تشجع فيها على العنف والانسلاخ عن المجتمع.

كثرت ايضا في الاونة الأخيرة ظاهرة الابتزاز الالكتروني وهي عملية تهديد وترهيب للضحية بنشر صور او مواد تصويرية او تسريب معلومات سرية تخص الضحية بهدف ابتزازها لدفع مبالغ مالية او القيام باعمال غير مشروعة لصالح المبتزين.

والجدير بالذكر ان الانترنت بات سوقا كبيرا لتجارة الاسلحة وتجارة المخدرات والمخدرات الرقمية ايضا لان المواقع الالكترونية وشبكات التواصل اصبحت من اهم قنوات التسويق والترويج. ان الترويج لانواع المخدرات باعلانات خاصة بالعصابات امسى اسهل من قبل لان الانترنت كسر حواجز الزمان والمكان امام عصابات الاجرام.

لعل ابرز ما يتعرض له الاطفال على شبكة الانترنت هو المحتوى السيئ الذي يواجهه اثناء تصفحهم للصفحات الرقمية والانتقال من صفحة الى اخرى دون ادراك مخاطر هذه الصفحات التي لا يمكن التنبه لها الا من قبل الاهالي، ففي احدى الحالات قام احد الاطفال بدفع مبلغ مالي من بطاقة ائتمان مصرفية بهدف تحميل احدى الالعاب وبعد فترة وجيزة قام بالدردشة مع شخص مجهول لا يعرفه واستدرجه بطريقة الاحتيال عبر محادثته من خلال هذه اللعبة الى ان قام الطفل بتزويده برقم البطاقة المصرفية وكافة البيانات المتعلقة بها ومن ثم قام هذا المجهول بسحب مبلغ مالي كبير منها دون ادراك الطفل بما حدث ودون اشتباه الاهل إلى هذا الموضوع.

  • ماذا تعتزم مديرية الامن العام اللبناني القيام به الان، او ما هي الخطوات التالية، بعد اطلاق الحملة الاخيرة؟

بعد اطلاق حملة التوعية برعاية معالي وزير الداخلية والبلديات بدا العمل الجدّي لفريق العمل المكون من مهندسين وتقنيين متخصصين في هذا المجال باعداد وتحضير ورش عمل تفاعلية مع طلاب الجامعات والمدارس ولهذه الغاية، وبعد احصاء الجامعات والمدارس بدا التواصل مع المسؤولين فيها من قبل فريق العمل المذكور لتحديد الاوقات المناسبة لاجراء ورش العمل والندوات الارشادية والتوعوية.

وسيصار خلال هذه الندوات الى توزيع كتيبات ارشادية قام الفريق المذكور باعداده، على كافة الطلاب وقد تمّ انجاز هذا الكتيّب بطريقة سهلة ومبسطة وواضحة لمن يتصفحه.

من ناحية أخرى تقوم المديرية العامة للامن العام وعبر صفحاتها الرسمية (فايسبوك وتويتر) بنشر فيديوهات توعوية تتضمن ارشادات مبسّطة للحفاظ على امن المعلومات وتجنّب الجرائم الممكن ان يقع ضحيتها اي من المواطنين.

واخيرا بدا فريق العمل بالتواصل مع اتحادات البلديات في مختلف المناطق اللبنانيّة لتحديد مواعيد ورش العمل والندوات التوعوية للاهالي بهدف التنبّه من مخاطر الجرائم الالكترونية الممكن أن يتعرض لها اي مواطن وخاصّة الانتباه الى اولادهم ومراقبة سلوكياتهم.

  • هل يمكن القول ان بالامكان النجاح في تحصين اللبنانيين من مخاطر جرائم الانترنت بدون تعاون اقليمي ودولي؟ كيف؟

ان موضوع تحصين اللبنانيين من مخاطر جرائم الانترنت لا يمكن فصله عن الاستراتيجيّة الوطنيّة للامن السيبراني وهو جزء لا يتجزا منها وبالتالي يوجد ضرورة ملحّة لانشاء هيئة وطنيّة تعنى بالامن السيبراني ويكون من مهامها توجيه باقي المؤسسات على كيفيّة التعاطي في هذا المجال وايجاد السبل المناسبة للتعاون الاقليمي والدولي للحدّ من مخاطر هذه الجرائم خاصّة وانّ لبنان يقع في مراتب متاخّرة جدّا في التصنيف الدولي للامن السيبراني.

  • هل تعملون على تحقيق نوع من التكامل بين العمل الامني الميداني وبين العمل الامني في الفضاء السيبراني؟ كيف؟

ان الامن السيبراني اصبح جزءاً من اي سياسة امنية وطنية ويبدا تحقيق الامن السيبراني بتوعية الفرد وتطوير استراتيجية وطنية لرفع الوعي حول الامن السيبراني والاجراءات الواجب اتخاذها، كما ان تحفيز الامن السيبراني يتطلب مخطط كالمخططات التي يتم وضها لتحقيق الامن الميداني فيتم دراسة مخاطر واثار التهديدات وكيفية الوقاية والحماية والتحضير والدفاع للاستجابة والتعافي من اي حادث سيبراني، واليوم اصبح الفضاء السيبراني ميدان الحروب الجديدة ولا يقل اهمية عن الامن الميداني، وجميع اشكال العمل الامني تتضافر لتتكامل وتحقق سلامة الامن القومي.

عن خليل حرب

خليل حرب، صحافي لبناني، مدير تحرير في جريدة "السفير" سابقا. يشغل اليوم منصب رئيس تحرير موقع "جورنال".