الرئيسية » العالم والخليج » لبنان وافريقيا : خطوة حتمية أولى معا لمواجهة الارهاب

لبنان وافريقيا : خطوة حتمية أولى معا لمواجهة الارهاب

اكدت السنوات الأخيرة كل المخاوف الماضية بأن الإرهاب لا يعرف حدودا، ولن يعرف.

وفي هذا السياق، جاء مؤتمر “اندحار الإرهاب في المنطقة وتأثيره على القارة الافريقية” الذي عقد في بيروت يومي 26 و27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. فلقد ارتبط لبنان وأفريقيا منذ عشرات السنين عبر علاقات اجتماعية واقتصادية وسياسية، وربما حان الوقت لتعزيز تبادل الخبرات بين الطرفين، خصوصا بعد تجربة لبنان في التصدي لهجمة الإرهاب عليه، بعد الكثير من التضحيات.

يتنقل الارهاب وينتشر من دولة الى أخرى، ومن إقليم الى اخر، ومن قارة الى أخرى. شبه الخبراء بالوباء، من افغانستان الى نيويورك.. ومن القوقاز الى العالم العربي.. ومن افريقيا الى أوروبا، لا يقيم وزنا لارواح الناس، ولا ممتلكاتهم، ولا نظمهم الاجتماعية والفكرية او الدينية.

وقد عانت دول المنطقة الكثير من الإرهاب واضراره في السنوات الماضية، وفاقم من المشكلات التي تعاني منها دول الإقليم أصلا، وذلك بسبب النزيف الهائل الذي تسبب به في بنيتها الاجتماعية والاقتصادية والأمنية. وكان كلما بدا انه ينحسر في مكان ما، يظهر في مكان اخر حاصدا الكثير من الدماء والخسائر.

واذا كانت القوى الأمنية في المنطقة نجحت في لجم موجة الإرهاب التي عصفت بالبلاد في السنوات الأخيرة، بل كسرتها، فان هناك تزايدا ملحوظا في نشاط الإرهابيين في ارجاء قارة افريقيا، بكل ما فيها من دول وشعوب وموارد وأزمات.

من مصر الى تونس، ومن الصومال ومالي الى نيجيريا، بتسميات ورداء متنوع في القرن الافريقي، وفي غربي القارة وشمالها: “انصار بيت المقدس”، و”انصار الشريعة” و “جند الخلافة” و”حركة التوحيد والجهاد” و “بوكو حرام” و”حركة الشباب” و “جماعة الهجرة”. كلها تسميات لتشكيلات وتنظيمات تشكل الكثير من التحديات على مجتمعات افريقية، وتتسبب بآلام لشعوبها وحكوماتها.

ولهذا جاء هذا المؤتمر في بيروت تحت عنوان “اندحار الإرهاب في المنطقة وتأثيره على القارة الافريقية”. انه حرص لبناني على دق ناقوس الخطر مبكرا للأشقاء في افريقيا التزاما بهذه العلاقات التاريخية وصيانة لها.

المؤتمر في بيروت كان فرصة فريدة لانه جمع نخبة من الخبراء الأمنيين من افريقيا ولبنان والباحثين اللبنانيين، لتسليط الضوء على الخطر المتأتي من الإرهاب ومنابعه وموارده وافكاره وبيئته الحاضنة وتوجهاته، خصوصا بعد تزايد المخاوف والمؤشرات على انتقال نشاط الإرهاب الى القارة الافريقية في مرحلة ما بعد سقوط ما سمي ب “دولة الخلافة” في العراق ودحر الإرهاب في سوريا ولبنان.

مؤتمر بيروت الذي رعاه فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وباشراف المديرية العامة للامن العام، محاولة استثنائية لصياغة تعاون مستقبلي لمكافحة الإرهاب العابر للحدود، وتبادل المعرفة والخبرة بين طرفين، لبناني وافريقي، اللقاء بينهما، حتمي تحت كل الظروف.

البيان الختامي والتوصيات

 

برعاية فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وبدعوة من المديرية العامة للامن العام، انعقد المؤتمر الدولي الاول تحت عنوان “اندحار الارهاب في المنطقة وتأثيره على القارة الافريقية”، على مدى يومين متتالين في  26 و 27 تشرين الثاني / نوفمبر2018 في بيروت.

إفتتح المؤتمر سعادة مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم ثم ممثل فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون، معالي الوزير نهاد المشنوق وكلمة للاستاذ عباس فواز، اضافة الى كلمة لرئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر العميد الركن رياض طه و تقديم الدكتور جنان الخوري .

 

 

حضر المؤتمر حشد كبير من السياسيين اعضاءَ السلكِ الديبلوماسيّ والقضائيّ والقياداتِ العسكريّةِ والامنيّةِ ومُمثليهم، والوفود الاجنبيّةَ والاكاديميّين ورجالَ الأعمالِ والإعلاميين، واساتذة جامعيين، وطلاب الجامعات، ونخبة من المتخصصين والباحثين اللبنانيين والأجانب ، وغيرهم من المهتمين بمَحاور جلسات المؤتمر المذكور التي اختصرت رؤيته في تسليطِ الضوءِ وتوجيهِ الرأي العامِ على المخاطرِ المُحدقةِ بمنطقةِ الشرقِ الأوسطِ وشمالِ إفريقيا في ظلِّ إعادةِ رسمِ خارطةِ المنطقةِ وإقرارِ النظامِ العالميِّ الجديدِ…

 

بداية وجّهت المديرية العامة للأمن العام تحية ثناء وتقدير الى كل المحاورين والحضور والراعيين والداعمين لانعقاد هذا المؤتمر لا سيما المجلس القاري الافريقي والى الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم بشخص الأستاذ عباس  فواز على تعاونهم وجهودهم الحثيثة التي أدّت الى نجاح المؤتمر.

بدورهم، وجّه المؤتمرون تحية تقدير الى راعي المؤتمر فخامة الرئيس وتحية احترام الى المديرية العامة للأمن العام بشخص مديرها العام سعادة اللواء عباس ابراهيم على كرم الضيافة وحسن التنظيم ولياقة الاستقبال، والأهم على طرح موضوع “اندحار الارهاب في المنطقة وتأثيره على القارة الافريقية” موضوع بحث ونقاش للمرة الاولى، والذي جرى بحثه في خمس جلسات: في الجلسة الأولى تمّ البحث في تطوّر الارهاب في منطقة الشرق الاوسط، وفي الجلسة الثانية اندحار التنظيمات الارهابية  في المنطقة وعلاقتها بالقارة الافريقية، وفي الجلسة الثالثة تجربة لبنان في دحر الارهاب، وفي الجلسة الرابعة الأسباب الداخلية والخارجية لنمو الارهاب في افريقيا وآفاق تسوية النزاعات ومكافحة الارهاب في القارة الافريقية.

وقد امتازت أعمال هذا المؤتمر بالمشاركة الواسعة من المجتمعين اللبناني والافريقي على حد سواء، كما تميّزت الجلسات بالجهد والتركيز العاليين المبذولين من قبل المنظمين، والمعنيين، والمشاركين في المؤتمر، في سبيل التوصّل الى نتائج وتوصيات هامة وعملية في مجال صد الارهاب. وفي نهاية كل جلسة تمّ توزيع دروع تكريمية على المحاورين من قبل سعادة المدير العام عربون شكر وتقدير لتعاونهم.

اما اهم النتائج والتوصيات، التي نتجت عن المؤتمر فهي على عدة أصعدة: (4 اصعدة)

 

على الصعيد المحلي والدولي:

 

ارساء أسس العدالة الدولية، وتحقيق المساواة في الحقوق السياسية والانسانية بين مختلف الدول والشعوب بغض النظر عن الانتماء العرقي او الاتني او المعتقدات الدينية؛

احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها وتجريم اللجوء الى القوة المسلحة في حل النزاعات الدولية؛

تحديد مفهوم موحّد للإرهاب والتنظيمات الارهابية بين الدول ومناقشة مسببات نشأتها وتناميها ودوافعها وخلفياتها وآلياتها واستقطابها واماكن وجودها وتحليل منهجية اختيار تبني مبدأ العنف في المطالبة بالحقوق؛

دعم المبادرات التي تؤسس إلى تبنّي أساليب حكم تؤمن بالتعددية والتداول السلمي للسلطة وسيادة القانون والحكم الرشيد.

بناء السياسة المحلية والدولية لمكافحة الارهاب على خطط استراتيجية وتكتيكية وتنفيذية، بعيدا عن اي مساومة في اتخاذ القرارات الناجعة لمكافحة الارهاب.

على الصعيد القانوني:

 

أهمية تفعيل الصكوك الدولية المتعلقة بالإرهاب المصادق عليها ووضع آليات لوضعها قيد التطبيق؛

مكافحة الجرائم المنظمة العابرة للحدود لإرتباطها الوثيق بالارهاب ولا سيما الاتجار غير المشروع بالأسلحة والمخدرات والاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين والجرائم البيئية…

تجريم “الارهاب الالكتروني”، وتعزيز الأمن والدفاع السيبراني، وحماية البنية التحتية الرقمية للمؤسسات العسكرية والامنية؛

عدم مرور الزمن (تقادم الزمن) على الجرائم الإرهابية وسائر الأنشطة غير الشرعية للتنظيمات المتطرّفة؛

تحقيق العدالة الجزائية وانزال اشد العقوبات بحق الإرهابيين، وعدم الاحتماء خلف الحصانات… وتحت سقف مبدأ شرعية الاجراءات واحترام سيادة الدول؛

حماية الشهود والمتعاونين وارساء مبادئ العدالة التصالحية والترميمية (لاعادة انخراط المجرمين في المجتمع) وإيلاء أهمية خاصة إلى الضحايا لا سيّما النساء والأطفال؛

مكافحة دعم الارهابيين وتجفيف مصادر الارهاب وتمويله وتبييض الأموال، بما لا يعيق التدفق الحر للأموال الشرعية.

 

على الصعيد التنفيذي :

 

تفعيل آليات تعاون اجهزة انفاذ القانون في اطار الملاحقات الجزائية المحلية والدولية وعبر المساعدة القضائية المتبادلة، والاسترداد، وتبادل المعلومات والبيانات الاستخباراتية والخبرات والمستندات والتسليم المراقب..؛

اهمية الامن الاستباقي والتدابير الوقائية وتعاون أجهزة انفاذ القانون؛

دعم المجتمع الدولي في تجهيز المؤسسات العسكرية والأمنية بأحدث وسائل التقنيات الحديثة،  واصلاح السجون والتزويد بالبرامج التطويرية والمعلوماتية والتدريية؛

ادراج مادة مكافحة الارهاب الالكتروني في المناهج التعليمية وفي الكليات العسكرية والمعاهد الامنية.

تشجيع البحث العلمي في هذه المواضيع؛

بناء القدرات وتعزيز المهارات القانونية والفنية والتقنية والادارية واللغوية والميدانية (لإداراة الأزمات ومسارح الجريمة المعقدة…)؛

تنظيم ورش عمل متخصصة على الصعيد المحلي والاقليمي والدولي.

 

على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والفكري والثقافي

 

الحفاظ على مقومات الأمن الاقتصادي وحماية الاغتراب اللبناني وتعزيز الدبلوماسية الاقتصادية لتأمين المصالح الاستراتيجية والقومية؛

تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة (وفق اجندة 2030) وضمان التوزيع العادل  للثروات  وتأمين فرص العمل ومكافحة الفساد( بكل أنماطه) وتحفيز الاستثمار في العقول الشابة والإبتكار؛

تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية (لا سيما مكافحة الجهل والفقر والبطالة…) وتعزيز الاحترام المتبادل والتعايش السلمي؛

دور المؤسسات الدينية في مكافحة التطرّف والتعصّب والتزمّت والتمييز العنصري وكذلك المساهمة في تطوير الفكر الديني؛

تعزيز دور المجتمع المدني ووسائل الإعلام والمؤسسات التربوية والثقافية لتوعية وترشيد الرأي العام لزيادة الوعي حول مخاطر الارهاب.

 

قبل الختام تأمل المديرية العامة للأمن العام من هذا المؤتمر تشخيصِ الوضعِ القائمِ وتقديمِ هذه التوصياتِ والمقترحاتِ إلى صانعي القرار حولَ مخاطرِ الإرهابِ بالمنطقةِ والمساعدةِ في دعمِ الاستقرارِ والتعايشِ السلميِّ بين مكوناتِ شعوبِها وإرساءِ استراتيجيةٍ عامةٍ لمكافحَةِ الارهابِ وتعميم ثقافة السلام.

اما ختاما، نختم بما افتتح به سعادة اللواء كلمته “حان الوقت لكي ينتقل العالم الى موقع المبادرة في مواجهة الارهاب”.

 

 

http://www.general-security.gov.lb/ar/activities/details/gm/426

 

 

عن جورنال