الرئيسية » العالم والخليج » التنين الصيني في الاراضي الكويتية

التنين الصيني في الاراضي الكويتية

 

الكويت- “جورنال”

 

جاءت الاتفاقات التي وقعتها الكويت مع الصين مؤخرا لتجعل الباب مواربا ما اذا كانت الامارة الخليجية الصغيرة قد نوعت من خياراتها الدفاعية الاستراتيجية، بعدما كان البيض الكويتي كله في السلة الاميركية التي تتولى الشؤون الدفاعية من قواعد وتسليح منذ حرب تحرير الكويت في العام ١٩٩٠ من غزو النظام العراقي السابق.

ويتردد انه بموجب هذه الاتفاقيات التي رعى توقيعها امير الكويت الشيخ صباح الاحمد والرئيس الصيني شي جين بينغ على هامش حلول الشيخ صباح كضيف شرف على منتدى التعاون العربي الصيني، ستقوم بكين باستثمارات بنحو ٤٠ مليار دولار في الرؤية الاقتصادية للكويت ٢٠٣٥ ومن ضمنها مشروع جزيرة الحرير، كذلك تقوم بايداع وديعة متجددة في البنك المركزي الكويتي بقيمة ٥٠ مليار دولار وهو ما يعزز من من قيمة التأمين على الضمان المالي للكويت في ظل التطورات في المنطقة والتي تجعل من الاقتصاد الكويتي عرضة لتخبط اسعار النفط.

التوجه الكويتي الى الشرق جاء مخالفا لتوجه جارتها الكبرى السعودية، وبالتحديد مع الولايات المتحدة، وما شهدته من توقيع ولي العهد محمد بن سلمان للعديد من الاتفاقيات مع واشنطن بمئات مليارات الدولارات، وهو مادعى بعض وسائل الاعلام الاميركية الى تسليط الضوء على السياسة الكويتية كشكل من اشكال تحريض الرئيس الاميركي دونالد ترامب، ليس على الصعيد الاقتصادي وحسب، بل ايضا فيما يتعلق بموقف الكويت الرافض لما يعرف اعلاميا بصفقة القرن، وهو ما عززه عدم زيارة كبير مستشاري ترامب وصهره جاريد كوشنر الى الكويت خلال زيارته الاخيرة للمنطقة والتي شملت فلسطين المحتلة ومصر والاردن والسعودية وقطر، مع العلم بان الكويت هي البلد العربي الوحيد الذي يتمتع بعضوية غير دائمة في مجلس الامن الدولي للدورة الحالية.

والفتور السياسي في العلاقة الكويتية – الاميركية رافق تقديم الكويت لعدد من مشاريع القوانين المنددة باسرائيل خلال الفترة الماضية على خلفية الاحتجاجات الفلسطينية بعد نقل السفارة الاميركية الى القدس، وهو الامر الذي جاء على اثره لقاء اقل ما يطلق عليه بالعاصف بين السفير الكويتي في واشنطن سالم الصباح وكوشنر الذي اتهمه بمخالفة السياسة العربية في قبول صفق القرن.

ومع بقاء الازمة الخليجية مراوحة في نقاط الخلافات الواسعة بين قطر من جهة والسعودية والامارات والبحرين ومعهم مصر من جهة أخرى، فإن الوساطة الكويتية بقيت مجمدة في الفترة الاخيرة، رغم الخطوات الكبيرة في بداية الازمة والتي نزعت فتيل نشوب اي تدخل عسكري في بداية الازمة من هذه الدول ضد الدوحة، بحسب ما صرح به امير الكويت خلال لقائه ترامب في العام الماضي.

الازمة الخليجية كشفت عددا من الجوانب الاستراتيجية المهمة لأمن الدول الخليجية وبالتحديد الكويت وقطر وذلك بأن السياسة الاميركية تباينت مؤخرا بالتعاطي مع الدول الخليجية، في ظل التقارب الكبير بين الرياض وابوظبي مع واشنطن، فالدوحة استشفت مبكرا خلال الازمة الخليجية ان عرض الامارات لاستضافة قاعدة العديد العسكرية الاميركية سيكون بمثابة انكشاف عسكري امام اي تدخل عسكري ضدها من دول الازمة، وهو الذي دعاها سريعا لتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك مع تركيا واقامة قاعدة عسكرية تعيد من خلالها حسابات الدول الطامعة، في حين  لم يكن الجانب الكويتي بعيدا عن  ذلك ببعض الاتفاقيات مع تركيا ايضا ومؤخرا الصين، هذا بالاضافة الى التأكيد على الدور البريطاني التاريخي والمركزي في استقرار وحماية الكويت .

ويبقى السؤال الاهم في المعادلة الامنية للمنطقة: اذا كانت الولايات المتحدة متكفلة بحماية الخليج مما تسميه “الاخطار الايرانية”، فمن سيحمي الدول الخليجية الكبرى من اخطار سعودية محمد بن سلمان؟ الاجابة ربما تقرأ من بين سطور الاتفاقية الكويتية-الصينية.

 

 

عن جورنال