الرئيسية » العالم والخليج » لبنان .. كمكبّ نفايات !

لبنان .. كمكبّ نفايات !

 

يومًا بعد يوم يتحوّل لبنان إلى” مكبّ نفايات” من البحر غربًا، إلى حدوده مع فلسطين جنوبًا، وسوريا شرقًا وشمالًا، في ظلّ غياب شبه تامّ للأجهزة المعنيّة بوضع خطّة استثنائيّة إنقاذيّة نظرًا لاستفحال الأمراض وسرعة تفشّيها بين المواطنين في مختلف المناطق.

وعلى الرّغم من الأزمات الاقتصاديّة وتدهور الأوضاع المعيشيّة التي تزداد سوءًا في لبنان، إلّا أنّ موضوع النّفايات”يطفو” على الواجهة، كونه يمسّ صحّة مختلف المواطنين، ويعرّض الكثيرين منهم إلى الإصابة بأمراض سرطانيّة، فالنّفايات باتت منتشرة في الأحياء السّكنيّة، ومنها ما يُطمَر في أراض زراعيّة، وقرب منابع المياه، ومصبّات الأنهر.

وما يفاقم الوضع مأساويّة التّلوّث المستمرّ لمجاري الأنهر التي يتمّ تحويل مياه الصّرف الصحّي إليها، وما تخلّفه فيها المصانع القريبة منها، ومن ثمّ يتمّ ريّ المزروعات من مياه هذه الأنهار الملوّثة، والسباحة فيها!

ويبقى ثمّة من يتساءل عن ارتفاع نسبة الإصابة بالسّرطان في لبنان، بينما السّؤال البديهي يفترض أن يكون: كيف يعقل أن نجد ناجين من السّرطان في لبنان في ظلّ تلوّث المياه والهواء والتربة والمزروعات وانتشار النّفايات في اليابسة والبحر؟

أمام هذه الأخطار الحقيقيّة المحدقة بالمواطنين لا بدّ من خطّة شاملة تتداعى إليها وزارات متعدّدة ولا سيّما وزارة البيئة والصّحّة والداخليّة والطّاقة والإعلام والبلديّات، فلتتضافر جهودها متّحدّة، وهي حتمًا ستنجح متى كان سعيها جادًّا وممنهجًا.

فضلًا عن اضطلاع المواطن أوّلًا وأخيرًا بدوره فيبدأ بنفسه أوّلًا، ينطلق من دائرته، يحصّنها، ينشر الوعي في محيطه، وصولًا إلى نشْر الوعي في المجتمع في سبيل التّخلّص لا من النّفايات والسّموم الملقاة في الشّوارع فحسب، إنّما للتّخلّص بالدّرجة الأولى من السّموم العالقة في لاوعيه، من الأفكار المسيطرة عليه والتي تعيقه عن التقدّم، تلك الوساوس القهريّة التي تحرّضه على الإساءة إلى صورة مجتمعه ووطنه، ظنًّا منه أنّ رمْي عقب سيجارة في الشارع أو منديلا ورقيًا لن يشوّه البيئة ولن يؤدي إلى توسيع ثقب الأوزون.

لعل “ثقافة الاستهتار” هي التي تودي بالكثيرين إلى ما هم عليه اليوم من غرق في مستنقعات النّفايات التي لا قيامة له منها من دون إعادة” تنظيف اللاوعي الجمعي” عند المواطن اللبناني معيدًا الأهميّة لمواطنيّته.

نازك بدير

عن جورنال