الرئيسية » اراء ودراسات » النفط السعودي بين ملكين .. فيصل وسلمان

النفط السعودي بين ملكين .. فيصل وسلمان

 

الرياض – “جورنال”

 

من واشنطن الى مدينة جدة السعودية، الاف الكيلومترات التي قطعتها طائرة وزير الخارجية الاميركي في سبعينيات القرن الماضي هنزي كيسنجر للقاء الملك السعودي انذاك فيصل بن عبدالعزيز.

كانت ازمة قطع النفط عن الدول الداعمة للعدو الاسرائيلي خلال “حرب اكتوبر” (حرب تشرين) معه، هي الشغل الشاغل لثعلب السياسة الاميركية خلال الساعات الطويلة التي قطعها في تلك الرحلة.

كتب ولازال مئات المقالات التبجيلية بموقف الملك فيصل خلال تلك الفترة، ونقل عنه القليل من الحقيقة والكثير الكثير من المبالغات في تعاطيه مع كيسنجر خلال تلك الزيارة. وقيل انه ذهب  به الى الصحراء وتناول معه التمر واللبن كزهد المملكة بالنفط ازاء قضية فلسطين، وقيل انه صد تلطف كيسنجر عندما قال ان وقود طائرته قد نفذ وسيدفع  له ما يريد مقابل تزويدها بالوقود، فما كان من الملك فيصل الا ان قال له انه شخص عجوز وكل ما يتمنى لقاء ذلك الصلاة لمدة ساعتين في المسجد الاقصى.

من سخرية القدر ان الساعتين بالتحديد هي الفترة التي قطعتها الطائرة الرئاسية للرئيس الاميركي الحالي دونالد ترامب من الرياض الى تل ابيب في اول خط سير مباشر بين الدولتين، ما يعرف بصفقة القرن تطبخ بنار تستعر يوما بعد يوم. النفط السعودي لم يكن خارج اللعبة ايضا، فبعد ان نضبت الاسواق العالمية منه في السبعينات ها هي الاسواق ذاتها تغرق بعد ان كلف ذلك الامر فقط اتصال هاتفي من ترامب بالملك سلمان لزيادة الانتاج الى نحو مليوني برميل لسد نقص النفط الايراني (والفنزويلي) بعد اعادة فرض العقوبات عليهما.

اتفاقيات منظمة “اوبك” بالحفاظ على معدلات الانتاج الحالية لا معنى لها، كذلك الاتفاق بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وولي العهد السعودي محمد بن سلمان على معدلات الانتاج من اجل استمرار تعافي سعر البرميل لا فائدة منها، طالما ان مقبض ضخ شركة “ارامكو” كأنه بين يدي ترامب وليس السعوديين.

زيادة الانتاج السعودي ماهو الا جزء اساسي من “صفقة القرن”، الامر لا يتعلق بخطوة اميركية بوجه الاجماع الاوروبي على الحفاظ على الاتفاق النووي الايراني وحسب، بل انه يتعدى ذلك للمضي بسياسة اميركية جديدة تزداد وقاحة عن سياساتها السابقة على الاطلاق، وهي السيطرة الدينية والاقتصادية والسياسية على مكامن القوى في الشرق الاوسط، وهو ما يبدو ان محمد بن سلمان يراه من زاويته بالضوء الاخضر لاعتلائه عرش الصحراء.

اقتصاديا، مؤشرات زيادة الانتاج السعودية لم تظهر بشكل كامل حتى الان، فالاسعار التي تعتقد الدول المصدرة انها مقبولة حاليا وهي فوق ٧٠ دولار للبرميل، من التوقع ان تشهد انخفاضا دون هذا المستوى مع دخول الزيادة السعودية في الاسواق، وردود الفعل على هذه الخطوة ستتبلور بشكل اكثر مع هذا الانخفاض المتوقع خصوصا من جانب روسيا وايران، فواشنطن تريد  من هذه الزيادة حث الاوروبيين على التوجه للنفط السعودي بدلا من الايراني، في حين ان طهران سبق ان اكتسبت خبرة للحد من اضرار سياسة اغراق الاسواق بالنفط سواء بالتعامل الغير المباشر بعد الخطوة الخليجية الموجهة ضد العراق بعد انتهاء حربه مع ايران ثمانينات القرن الماضي، او بعد الخطة السعودية برفع الانتاج واغراق السوق بعد الاتفاق النووي ٥+١ .

تواضعت القضية الفلسطينية لدى ملوك السعودية مع تعاقبهم على الحكم، فبعد ان ربط فيصل شريان الحياة الرئيسي لبلاده وهو النفط بوقف دعم واشنطن لاسرائيل، ها هو بعض جيل الابناء يقدم معادلة جديدة عنوانها: الاموال مقابل القدس !

 

 

 

 

 

عن جورنال