الرئيسية » العالم والخليج » الامارت » محكمة العدل الدولية : الغلبة لمن؟ الامارات ام قطر؟

محكمة العدل الدولية : الغلبة لمن؟ الامارات ام قطر؟

 

احتدمت المواجهة القانونية بين الامارات العربية المتحدة وبين دولة قطر في اروقة محكمة العدل الدولية التي يفترض ان تتخذ قرارا خلال ايام بشأن الدعوى القطرية ضد أبوظبي حول تطبيق الاتفاقية الدولية للقضاء على اشكال “التمييز العنصري” التي تقول الدوحة ان الامارات تمارسها ضد مواطنيها القطريين.

وكانت المداولات في محكمة العدل في لاهاي انتهت يوم الجمعة الماضي، بعدما استمرت ثلاثة ايام، واعلنت بعدها المحكمة انها ستتخذ قرارها حول الطلب القطري خلال جلسة علنية قريبا.

وبطبيعة الحال، لم تظهر الامارات ارتياحا للخطوة القطرية. وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات أنور قرقاش قال في تغريدة السبت المرافعات القطرية في المحكمة الدولية بـ “البكائيات”، معتبرا ان اتهام قطر للإمارات بـ “التمييز العنصري” ضد مواطنيها، مناف للواقع وفيه تزييف للحقائق.

كما أصدرت بعثة الإمارات في لاهاي بيانا بشأن الأزمة الخليجية، تحدثت  فيه عن الحل الوحيد لإنهاء أزمة قطر مع “دول المقاطعة” (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، معتبرة “إن ما تقوم به قطر من إساءة استخدام المنظمات والجهات الدولية هو عبارة عن محاولة لصرف الأنظار عن الأسباب الحقيقية للمقاطعة المتمثلة في دعم الإرهاب وإيواء المتطرفين والمطلوبين دوليا، والتدخل في شؤون الدول الأخرى، ودعم خطاب الكراهية والتحريض”.

واعتبر البيان الإماراتي “موقف الدولة الواضح من الشعب القطري الذي أقحمته حكومته في ممارسات أدت إلى معاناته دون أن يكون له يد في ذلك، وأن خروج قطر من الأزمة ليس عن طريق اللجوء إلى المنظمات الدولية وتقديم شكاوى لا أساس لها، بل عن طريق وفاء قطر بالالتزامات التي قطعتها على نفسها”.

وكان المحامي البريطاني البارز بيتر غولدسميث، الذي يمثّل الدوحة أمام المحكمة، اتهم في مرافعته ضد الإمارات، الجمعة، أبوظبي بإشاعة “اجواء الخوف” لدى القطريين المقيمين في اراضيها خلال المقاطعة المستمرة منذ سنة ما ادى الى فصل عائلات تعاني من “آلام كبيرة”.

ونقلت وكالة “فرانس برس” عن غولدسميث قوله أمام المحكمة، إن “العديد من القطريين الذين لا زالوا يقيمون في الامارات العربية المتحدة، يعيشون في خوف دائم، تخيم عليهم اوامر الطرد من جانب دولة الامارات”.

وقال غولدسميث لقضاة محكمة العدل، إن الخطوط الساخنة التي خصصتها دولة الامارات لمساعدة القطريين على فهم القيود المفروضة عليهم، هي في الواقع متصلة بشرطة ابو ظبي. وأضاف ان القطريين لهذا السبب “يخشون كثيرا الاتصال بالخطوط الساخنة لتسجيل تواجدهم او تواجد عائلاتهم خشية اعمال انتقامية”.

وتابع غولدسميث ان كل “رحلة (مقترحة) لقطري الى الامارات العربية المتحدة تتطلب موافقة منفصلة أيا كانت الظروف”. وبالتالي، فاذا كانت امرأة قطرية مثلا تحتاج لعلاج طبي منتظم في بيروت، ففي كل مرة تغادر فيها “تجازف بعدم التمكن من العودة” إلى اسرتها في الامارات.

وكان طلاب قطريون في جامعات اماراتية، قد تلقوا رسائل الكترونية تبلغهم بأنه تم سحب تسجيلهم من تلك الجامعات. وترك العديد منهم دراساتهم العليا. وقال غولدسميث ان مخاوف اثارتها في الاشهر الماضية منظمتا “هيومن رايتس ووتش”، والعفو الدولية أظهرت “أدلة قاطعة على ما يحصل، ما يتسبب بآلام كبيرة”.

وقال المبعوث القطري لدى محكمة العدل الدولية محمد عبد العزيز الخليفي، “أن إجراءات الإمارات التمييزية ضد القطريين دفعت بلاده لرفع القضية للمحكمة”، مضيفا “لم نكن تتمنى في قطر أن تصل الأمور إلى المحكمة، فنحن جيران ولكن معاملات الإمارات أجبرتنا على ذلك”.

واعتبر الفريق القطري أن الإمارات وإجراءاتها في الخامس من يونيو 2017 كان له أثر “منعي وطرد القطريين وحظرهم من العودة إلى أراضيها”. واعتبرت قطر أن “هذه الإجراءات لها تأثير على حقوق القطريين في الحصول على عناية طبية وتعليم وإدارة ممتلكاتهم التي قطعت عنهم كنتيجة لهذه الإجراءات الإماراتية”.

وقالت عضو الفريق القطري كاترين أميرفا، أن “الحقوق التي تطالب بها دولة قطر هي حقوق أصيلة”. وأضافت أنه من غير المسموح التمييز بين المواطن وغير المواطن بما في ذلك التمييز على أساس الأصول الوطنية.

وأشار فريق الادعاء إلى أن الإمارات “ألحقت الضرر بشريحة كبيرة من القطريين، وإننا نعتبر هذه الاجراءات متواصلة ومستمرة ضد القطريين”. وخلص فريق الادعاء الى إن إعلان سياسات الخامس من يونيو/حزيران 2017 يبين إعطاء القطريين مهلة لمغادرة البلاد وهو “طرد جماعي”.

وقال الخليفي في الرد القطري على المرافعة الإماراتية، إن الإمارات تستخدم المزاعم الملفقة من أجل تبرير إجراءاتها التمييزية ضد القطريين، ونفى مزاعم أبوظبي حول أن الدوحة لم تكن جاهزة للتفاوض من أجل إنهاء الأزمة الخليجية.

وقال الفريق القطري إن الدوحة استمرت في إثبات رغبتها في التفاوض، مشيرا إلى أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ذهب إلى قمة مجلس التعاون الخليجي بالكويت في ديسمبر/كانون الأول 2017 رغبة في التفاوض، لكن زعماء دول الحصار الخليجية لم يحضروا.

وأضاف الفريق القطري أن ممثل دولة قطر حضر القمة العربية في الظهران في السعودية في أبريل/نيسان الماضي، لكن لم يدرج موضوع النزاع في جدول القمة. وأكد الجانب القطري أن الدوحة بعثت خطابات رسمية إلى أبو ظبي طلبا لبدء التفاوض، لكن أبو ظبي تجاهلت الرد تماما على طلبات قطر.

 

الرد الاماراتي

 

الا ان الإمارات ردت على ادعاءات قطر معتبرة انه لا أساس لها من الصحة، وتعد “جزءا من محاولاتها المستمرة لصرف الانتباه عن دعمها الإرهاب والتحريض على الكراهية والعنف وتدخلها في شؤون دول آخرى ذات سيادة”، حسب وكالة الأنباء الإماراتية.

وعبرت الإمارات عن امتثالها امتثالا كاملا للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.

وقال سفير الدولة لدى المملكة الهولندية سعيد علي النويس، إن بلاده ترفض تماما مزاعم قطر التي لم تقدم أي أدلة موثوقة لإثبات أي من ادعاءاتها.

واوضح النويس أن قطر “فشلت في المعايير التي تطلبها المحاكمة”، مضيفا “فشلت قطر في تقديم أي دليل على عمليات الطرد الجماعي أو الترحيل أو اتخاذ إجراءات محددة للتدخل في تمتع القطريين بممتلكاتهم المدنية أو حقوقهم التجارية بموجب قانون دولة الإمارات العربية المتحدة”.

وأضاف “لسوء الحظ كما فعلت قطر وغيرها من المؤسسات الدولية، فقد رفعت مطالبها في هذه المحكمة لصرف الانتباه عن سلوكها غير القانوني ولغرض إقامة حملة علاقات عامة ضد هذه الدول التي كانت تنتقد سياساتها”.

 

 

دعوى مضادة ؟

 

ومقابل الدعوى القطرية ضد الامارات، قررت الدول الاربع رفع قضية المجال الجوي السيادي مع قطر إلى محكمة العدل الدولية، بعدما كانت القضية مطروحة امام منظمة الطيران المدني الدولي “إيكاو”.

وكان مجلس المنظمة تناول أثناء دورته الاعتيادية الـ214 طلبين قدمتهما قطر إلى المجلس تطلب فيهما تفعيل المادة 84 (تسوية النزاعات) من اتفاقية الطيران المدني الدولي (شيكاغو 1944) في شأن تسوية الخلاف على تفسير وتطبيق الاتفاقية وملاحقها مع البلدان الأربعة خصوصاً في شأن إغلاق المجال الجوي السيادي لهذه الدول أمام الطائرات المسجلة في قطر، وكذلك منعها من الهبوط والإقلاع من وإلى مطاراتها، وتفعيل البند الثاني من المادة الثانية في شأن تسوية الخلاف على تفسير وتطبيق “اتفاق خدمات العبور الدولية” ضد كل من الإمارات والبحرين ومصر.

ويأتي هذا الإجراء من الدول الأربع بإحالة القضية على محكمة العدل الدولية نظراً إلى صدور قرار مجلس منظمة “إيكاو” بمنح قطر فرصة للاستماع إلى مطالبها والذي لم يتضمن تأييد تلك المطالب أو مطالبة الدول الأربع بأي إجراء.

وقررت الدول الأربع الاعتراض على هذا القرار لأنها ترى أن المنظمة مارست اختصاصها الفني في شكل كامل من خلال تعاون هذه الدول مع المكتب الإقليمي للمنظمة في القاهرة، في وضع خطوط طيران دولية بديلة للطائرات القطرية في الأجواء الدولية، مع مراعاة أعلى معايير الأمن والسلامة الجوية وفقاً لخطة الطوارىء التي نوقشت في جلسة مجلس المنظمة، وفي حضور الوزراء المعنيين في الدول الخمس، وذلك في جلسة مجلس المنظمة المنعقدة في 31 تموز/يوليو 2017، كما جاء في بيان للمنظمة آنذاك.

وترى الدول الأربع أن جوهر القضية هو أن قطر تمارس انتهاكات مستمرة وجسيمة للحقوق السيادية للدول الأربع، بما في ذلك تدخلها في شؤونها الداخلية ودعم الإرهاب، ما يجعل هذا النزاع سياسياً أمنياً بالدرجة الأولى، وبالتالي فإن قبول مجلس المنظمة درس المطالب القطرية غير قانوني لخروجه عن اختصاص المنظمة الفني.

وسيكون اعتراض الدول الأربع على قرار “إيكاو” من خلال الاستئناف أمام محكمة العدل الدولية التي يحق التظلم أمامها، بناء على الاتفاقيتين المذكورتين.

ولفت بيان صدر عن الدول الأربع الى أن منظمة الطيران المدني الدولي ستتوقف عن درس المطالب القطرية إلى حين صدور حكم محكمة العدل الدولية في هذا الشأن، ويتزامن مع ذلك استمرار الدول في تمتعها بممارسة حقها السيادي في إغلاق الأجواء أمام الطائرات القطرية بموجب القانون الدولي. وهدف الدول الأربع من الاستئناف هو الحصول على حكم من المحكمة يؤكد أن القرار الصادر عن مجلس المنظمة، خالف القانون الدولي.

 

 

(جورنال)

عن جورنال