على بعد حوالى 200 كيلومتر من المعارك العسكررية من العاصمة صنعاء، تدور مواجهة من نوع آخر: بطولة للفروسية في مدينة صنعاء تحت سماء تخترقها الطائرات الحربية.
وعلى مدى خمسة أيام، شارك 180 فارسا هم نخبة النخبة في اليمن في هذه المسابقات التي تجذب بألوانها وأناقتها ومهارات المشاركين فيها أعدادا كبيرة من الرجال والنساء المهتمين.
وتُنظّم هذه البطولة في وقت تحتدم فيه المعارك قرب مدينة الحديدة الساحلية المطلّة على البحر الأحمر.
وجلس المتفرجون على مدرجات ملعب نادي الوحدة الزرقاء والصفراء، تحت سماء مشمسة غالبا ما تعبرها طائرات التحالف العسكري الداعم للقوات الموالية لحكومة عبد ربه منصور هادي، علما أن مدينة صنعاء خاضعة لسيطرة “انصار الله” واللجان الشعبية.
ولم تُنظّم البطولة في مضمار نادي الفروسية في صنعاء “لأنه محاط بمواقع عسكرية يستهدفها الطيران السعودي”، لذلك “نظّمناها في نادي الوحدة على العشب الاصطناعي للمرة الأولى”، بحسب ما يقول نائب رئيس اتحاد الفروسية في اليمن نجيب العذري لوكالة فرانس برس.
ويضيف “لا نشعر بالخوف من إقامة البطولة رغم القصف المستمر على منشآت مدنية. نحن نشعر بأننا نتحمّل مسؤولية استمرار الحياة الطبيعية في صنعاء”.
وجرت السباقات تحت شعار “خيولنا.. عودة على صهوة الوحدة والسلام”، وبمشاركة فرسان في فئات الناشئين والأشبال والبراعم في منافسات الفردي والفرق.
وخاضت البطولةَ فرقٌ عديدة، بينها الكلية الحربية، وكلية الشرطة.
وتعاني صنعاء التي يسكنها مليونا شخص، من مصاعب مالية جمة ومن ازدحام نتيجة نزوح سكان مدن مجاورة طالتها الحرب، وقد تحولت بعض شوارعها إلى ما يشبه المنازل لأطفال يأكلون ويشربون فيها ويتسوّلون المال والطعام.
وقال ناصر الحمادي الذي كان يتابع بطولة الفروسية من على المدرّجات في نادي الوحدة “المشاركة في البطولة تعد تحديا حقيقيا” ولا سيما في ظل استهداف طيران التحالف لأهداف مدنية، بحسب تقارير منظمات دولية.
ولا تتمتع رياضة الفروسية التي يتحكم بها رجال الأعمال وأصحاب الأموال بشعبية رياضات أخرى مثل كرة القدم التي حقق فيها اليمن إنجازا غير مسبوق مؤخرا تمثّل في تأهله إلى نهائيات كأس آسيا لكرة القدم.
وتفنّن الفرسان في قفزاتهم فوق العشب الاصطناعي، ولكن الأحصنة بدت هزيلة.
ويرى الكثيرون أن أهم أهداف هذه البطولة إظهار استمرار الحياة في العاصمة اليمنية رغم أهوال الحرب وغارات التحالف، وما يُنتظر من تطوّرات في مدينة الحُديدة.
لكن البعض الآخر يتساءل عن جدوى إقامة هذه البطولات “في ظل الحصار الشامل والتجويع”، كما يقول الحمادي.
وتقول الأمم المتحدة إن الحرب في اليمن، أفقر دول شبه الجزيرة العربية، تسببت باحدى أسوأ وأكبر الأزمات الانسانية في العالم.
وأسفر النزاع اليمني عن أكثر من عشرة آلاف قتيل و55 ألف جريح وفقا للأمم المتحدة.
وكتب الاتحاد اليمني للفروسية على صفحته على فيسبوك “لا مكان لكلمة مستحيل” في القاموس، و”مهما كانت الصعوبات كبيرة، فإن الإيمان والعزيمة والإصرار كفيلة بالتغلب عليها”.
(عن وكالة الصحافة الفرنسية ا ف ب)