هل كان لا بد لهذا الموت ان يكون؟ سبع سنوات والموت قد استوى على عرشه. مزهوا بحماقة الضالين، في ان بامكان الخاصرة ان تقتل القلب.. الشام.. ولم يكن.
لملمنا اشلاءنا من الطرقات ومسحنا دمنا عن جدران الخيانة والتخاذل. ودفنا بناتنا واولادنا على عجل، اذ لا حياة بلا شام وروحها، ولو طعنتها “جوبر”.
كم ثائر العجلاني كان فينا ومضى. كم ثائر، انزل علينا آية “صبحناكم بالامل يا سادة”، وكم بندقية أتتك يا شام، تارة باسم العرب، ونفط العرب، وتارة باسم الدين وعمائم التكفير، لتقتلك.
كم خائبا ارتد على اسوار القلوب التي تسيجك؟ وكانوا يأتونك غدرا باسم المال والهوس والدجالين في السياسة والدين والاعلام…ويظنون حقدهم بطولة، وجرائمهم فتح مبين باسم الرب والله.. والنفط المقدس….
ثم كان ان اهلك ظلوا يتصبحون بالامل. يمضون الى يومهم ولا يعلمون ما اذا كانت قذيفة تتربص بهم الان، او بعد دقيقة من الان، او بعد ساعة. ولا احلام للغد. كم رفيقا ودعنا بعد لقاء، ثم نعوه في اليوم التالي، على جدران مدينة مزقها الرصاص والحزن.
هل كان لا بد لهذا الموت ان يكون؟ ودمشق تصرخ ملء الحناجر، لن يحين موتي بعد. من الدير جاءوا، من الساحل، من الجبل أتوا، ونسجوا قصائد من اقحوان.. وقد ازهرت هناك مرات ومرات. وكانت الشام، تصحو، وتنام، وتأكل، وتحتفل، وتزوج اولادها، على وقع قذائف الغدر والضلال.
وكانت الحياة تمضي بما تيسر من حب. سبع سنوات عجاف واله الموت على عرشه مزهوا بالحماقات والخيانات. وكان صوت فيروز في ازقة باب توما وباب شرقي والحميدية، تبعث الحياة في المتعبين وهم كثر يا شام. حتى ضحكات اولادك وصباياك، كان يغمرها حزن المغدورين. وللمقهورين كنت تنسجين لهم ثوبا من أمل، بأن الغد دائما أجمل، حتى وانت تودعين ابنا، ارتقى حبا بك.
لقد أبت ان تذل النفوس الكرام يا شام، وقالوا “لن تمروا”…
والان كيف نمحو وجعنا يا أمنا؟ كيف نسترد “ثائر”، واحمد، وبلال، وسعيد، وروجيه، وعلي وجود وصلاح وفادي…….. كم مرة سنحج اليك لنغتسل من كل هذه الاحزان؟
خليل حرب