الرئيسية » العالم والخليج » “بدون” الكويت : الوطن أولا ولا مكان ل”حرتقة” إسرائيل

“بدون” الكويت : الوطن أولا ولا مكان ل”حرتقة” إسرائيل

الكويت-“جورنال”

 

لاقت الدعوة التي اطلقها الصحافي اسرائيلي ايدي كوهين لعديمي الجنسية في الكويت “البدون” للهجرة الى الكيان الاسرائيلي ردود فعل واسعة في الكويت، فيما اهتمت عدد من وسائل الاعلام العربية والعبرية بهذه الدعوة الفظة، وتفاعل عدد من المغرديين الكويتيين والبدون ايجابا وسلبا معها.
وجاء ذلك بعد اقدام احد معدومي الجنسية “بدون” على محاولة الانتحار امام محكمة الجهراء في الكويت، وهو الامر الذي انتشرت حوله التعليقات في “تويتر” عبر وسم #بدون_يحرق_نفسه.
ورغم ان هذه الدعوة جاءت موجهة في الاساس ضد رئيس البرلمان الكويتي (مجلس الامة) مرزوق الغانم للكشف عن تناقضاته في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين امام المحافل الدولية وبين تأييده المطلق للحكومة في حرمان “البدون” من حقوقهم في المعيشة، الا انها تحولت الى نقاش جدي بين عدد من “بدون” الكويت في قبول الفكرة من عدمها، خصوصا ان هذه الحادثة “اي الهجرة الى اسرائيل” لا تعتبر الاولى من نوعها.
فقبل 10 سنوات طلب احد “البدون” وعبر جريدة “الرأي” الكويتية السماح له بالهجرة الى “إسرائيل”، قبل أن يتم القاء القبض عليه من قبل السطات الكويتية بعد نشر طلبه بأيام قليلة.
ويجرم القانون الكويتي اي تواصل بين الافراد والكيان الاسرائيلي.
ولم يظهر محمد، وهو احد “البدون” في حديثه لـ”جورنال” اي حماسة في تقبل فكرة الهجرة الى “إسرائيل”، الا انه في الوقت ذاته رحب بأي تحرك اعلامي دولي لتسليط الضوء على قضيته.
وقال محمد انه “رغم الاوضاع المأساوية التي نعيشها في الكويت، وسلب جميع حقوقنا المدنية، الا ان مجرد التفكير بالهجرة الى اسرائيل امر مخالف ليس للدين والقومية العربية وحسب، بل للطبيعة الانسانية التي ترفض قبول العيش على أرض مغتصبة”.
ومع ذلك، يضيف محمد ( 27 عاما) انه تابع بسعادة تدوينات الصحافي الاسرائيلي ايدي كوهين عبر موقع “تويتر” ليس شغفا بالهجرة الى تل ابيب بل من اجل تسليط الاضواء الاعلامية في العالم على قضية البدون وهو الامر الذي ربما يشكل ضغطا على حكومة الكويت من اجل حل شامل يحفظ جميع الحقوق المدنية لابناء هذه الفئة.
ويصل عدد البدون في الكويت الى نحو 100 الف نسمة، ورغم اعلان حكومة الكويت أكثر من مرة عن وجود شريحة كبيرة منهم تستحق الحصول على الجنسية الكويتية، الا انها ماطلت كثيرا في اعطائها لهم.
وقد كلفت الحكومة الكويتية في العام 2010 البرلماني السابق صالح الفضالة المعروف بمواقفه المتطرفة تجاه ابناء البدون برئاسة الجهاز المركزي للمقيمين بصورة غير قانونية، وهو الاسم الذي تطلقه حكومة الكويت على “البدون”، قبل تعيد التجديد له في العام 2015 ولمدة سنتين، وهو الامر الذي اعتبره “البدون” بمثابة ضوء اخضر من الحكومة لصالح الفضالة في تشديد الخناق حولهم اكثر.
من جهته، ناشد خالد، حكومة الكويت السماح له بالهجرة الى “إسرائيل”، معللا هذا برغبته بالعيش الكريم حتى لو كان في دولة لم يعرفها منذ الصغر سوى بالعدو.
وقال خالد لـ”جورنال”: نحن محرومون من ابسط الحقوق في المعيشة، لا تعليم ولا طبابة، سأبلغ هذا العام 38 من العمر، والى الان لم احصل على وظيفة، سأقبل العيش في اي مكان في العالم على ان أبقى بهذا الوضع”.
ويرى خالد ان المعني بشكل اساسي باستمرار معاناة “البدون”، هم الحكومة وطبقة التجار التي تنظر لهم بعنصرية، مشيرا الى ان هذه القضية وما تشكله من نقطة سوداء في سجل الكويت لحقوق الانسان الا انها لا تشكل اي اولوية بالنسبة للحكومة في حلها، بل ان الامور ازدات في التضيق عن ذي قبل بعد وضع عراقيل جديدة امام “البدون” وصلت حتى الى حرمانهم من العلاج في المستشفيات.
وفي أوج ما يعرف بـ”الربيع العربي” كان ل”البدون” في الكويت حراك شعبي واسع، وقد نظمت العديد من التظاهرات السلمية والوقفات الاحتجاجية والندوات من اجل قضيتهم، وتخبطت حكومة الكويت ما بين التعامل الايجابي معهم تارة وبين الاعتقال تارة اخرى، وقد صدرت احكام بالحبس على عدد من الناشطين “البدون”.
ويقضي احمد الفضلي احد الناشطين “البدون” عقوبة الحبس لمدة سنة في السجن المركزي على خلفية المشاركة في تظاهرة ل”البدون” في العام 2012، وقد كان سبقه الى ذلك عدد من الناشطين ابرزهم عبدالحكيم الفضلي الذي قضى عددا من الاحكام بالسجن على خلفية دعواته للتظاهر السلمي، وهو الامر الذي استدعى تدخل منظمات حقوق الانسان العالمية للمطالبة بالافراج عنه.
ويرى علي، في حديثه مع “جورنال” أن فكرة الهجرة هي الحل الاخير ل”البدون” لكن هذا لايعني بشكل قاطع التوجه نحو اسرائيل حتى لو فتحت حكومة تل ابيب اذرعها لاستقبال “البدون”، مبديا اسفه أن تظهر حكومة الكيان الصهيوني “إنسانية” ازاء “البدون” من الحكومة الكويتية.
ويشير خالد الى ان البدون لم يأتوا الى الكويت مؤخرا كما تروج له الالة الاعلامية للحكومة، مضيفا انهم متواجدون بالاساس منذ انشاء الدولة الحديثة للكويت، ولا يقل وجودهم عن وجود اي عائلة كويتية، لكن الفرق يكمن في عدم حصولهم على الجنسية في ستينات وخمسينيات القرن الماضي بسبب انشغالهم في اعمالهم التي تقتضي الترحال او بسبب تكاسلهم في التقدم لها.
وشدد خالد على ان تجربة الحكومة الكويتية مع “البدون” توضح ان لاحل يمكن ان تقدمه لهذه القضية، لذلك فان تسليط الاضواء عليها عبر الاعلام العالمي هو الامل الوحيد في تشكيل لوبي ضاغط على الحكومة من اجل الاقدام على الحل.
ولا تعتبر حالة اقدام الشاب “البدون” على الانتحار في الايام الماضية هي الحالة الاولى لابناء هذه الفئة، فقد تم تسجيل أكثر من 15 حالة انتحار او الشروع في الانتحار خلال السنوات ال10 الماضية. وتحظر الصحف الكويتية الورقية “يملكها تجار مقربون من السطلة” تسليط اي ضوء على حالات الانتحار هذه، في حين يستمر اتهام الاشخاص المقدمين عليها بانهم من متعاطي المخدرات واصحاب السوابق الاجرامية.

عن جورنال