الرئيسية » العالم والخليج » البحرين » سلة من عقوبات العار في البحرين

سلة من عقوبات العار في البحرين

 

اعدام، مؤبد، اسقاط جنسية، وترحيل. لعل مملكة البحرين الدولة الوحيدة في العالم التي تطبق سلة العقوبات هذه بمجموعها على مواطنيها. الأنكى من ذلك ان هذه الممارسات تطبق امام صمت دولي شبه كامل.

وبينما تروج سلطات المملكة للبحرين على انها ارض التعايش والوئام الديني، للدرجة التي ترسل فيها وفدا الى فلسطين المحتلة للتعبير عن الرغبة في السلام والانفتاح على إسرائيل، يصبح السكوت عن سلة أدوات القمع، في الحالة البحرينية تحديدا، بمثابة تواطؤ سياسي مكشوف.

ذلك ان الصمت المريب للعالم امام ما يجري في البحرين، دون غيرها من الدول، يطرح تساؤلات عن معايير الحريات المقبولة دوليا لشعب دون اخر، وعما يمثله الحكم البحريني ليتاح له المضي لسنوات في خنق معارضيه بهدوء، مهما تعددت مشاربهم وهوياتهم واهدافهم، وان اتفقوا بغالبيتهم الكبرى على نبذ العنف بالمطلق في حركة المطالبة بإصلاح السلطة دستوريا.

وتقول مصادر معارضة ان الملك حمد بن عيسى الذي كان وعد بإصلاحات سياسية واسعة في مستهل حكمه مقابل تحويل البحرين الى نظام ملكي، تراجع تدريجيا عن وعوده، الى ان اندلعت احتجاجات شعبية قبل نحو سبع سنوات. وتشير المصادر الى ان الغطاء الذي وفرته السعودية، ماليا واعلاميا وسياسيا، للحكم في المنامة، عزز شوكة التيار الأمني المؤيد لقمع الاحتجاجات في مواجهة مؤيدي الحوار البحريني الداخلي.

 

 

فمن إبراهيم شريف وعبدالهادي الخواجة ونبيل رجب وعلي سلمان، الى الشيخ عيسى قاسم، تنوعت العقوبات واحيانا تعددت على الشخص ذاته، بحسب عناده في مواجهة السلطة سلميا. بعض النشطاء المعتقلين، تجري محاولات لالحاق المزيد من الأذى بهم سواء داخل سجونهم، او التضييق على عائلاتهم ومجتمعاتهم، وصولا الى اتهامات بالعمالة للخارج والتآمر ضد السلطة.

في السنوات القليلة الماضية، بلغ عدد المسحوبة جنسيتهم نحو 600. ان الرقم ليس صغيرا في مجتمع كالبحرين، تقوم السلطة فيه في الوقت ذاته، بعمليات تجنيس منظمة لالاف الأشخاص منذ سنوات لتغيير التركيبة الديموغرافية في البلاد.

وهكذا تتوالى العقوبات بالجملة. قبل يومين، حكمت محكمة الجنايات الكبرى في البحرين بالاعدام على اثنين من المتهمين والسجن المؤبد لـ19 ، والسجن لخمس عشر عاما لـ17 اخرين، وعشر سنوات لـ9 ، وخمس سنوات ل11، مع اسقاط الجنسية عن 47 . التهمة: تشكيل خلية إرهابية وقتل شرطي باكستاني مجنس.

 

 

وبالامس، “منظمة العفو الدولية” كشفت إن حكومة المنامة رحّلت أربعة من مواطنيها بعد أن أسقطت جنسيتهم في العام 2012، “في مشهد آخر على تجاهل المملكة بشكل مطرد ومستمر لحقوق مواطنيها، وحقوق الإنسان والقانون الدولي بشكل أعم”.

ورُحّل الأخوان إسماعيل وإبراهيم درويش إلى العراق في يوم 28 يناير/كانون الثاني 2018، ثُمَّ رُحّل عدنان كمال وحبيب درويش  يوم 29 يناير/كانون الثاني 2018. وهناك أربعة آخرون أخبروا بأنهم سيرحلون قسرياً إلى العراق وهم: محمد علي، وعبد الأمير، وعبد النبي الموسوي وزوجته مريم رضا؛ إذ جُرِّدوا من الجنسية البحرينية في السنة ذاتها.

وقالت مديرة بحوث الشرق الأوسط في المنظمة لين معلوف “تستخدم الحكومة البحرينية إسقاط الجنسية – بحيث جعلت العديد من مواطنيها عديمي الجنسية – والترحيل  من البلد، أدوات لقمع جميع أشكال المعارضة، والآراء المخالفة، والأنشطة السلمية”. وأضافت “تتخذ الحكومة البحرينية هذه الإجراءات وهي تدرك أن المجتمع الدولي لن يقوم بشيء يذكر من أجل ردعها عن المضي في تصرفاتها، بما في ذلك حلفاؤها الرئيسيون مثل المملكة المتحدة التي يمكن أن تستخدم نفوذها لإدانة هذه التصرفات علانية”.

والرجال الأربعة الذين رُحّلوا من البلد عبارة عن جزء من مجموعة 31 مواطناً بحرينياً جردوا من جنسيتهم في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 على أساس أنهم تسببوا في “أضرار لأمن الدولة”. ويشمل القرار ناشطين يعيشون حاليا في المنفى، ومحام، ورجال دين شيعة، ونائبين سابقين في البرلمان البحريني، وأفراد آخرين ليس لهم انتماءات سياسية أو دينية.

وبحسب “منظمة العفو الدولية”، جردت السلطات البحرينية منذ العام 2011 أكثر من 550 شخصاً من جنسياتهم، بمن فيهم 150 على الأقل في العام 2017 وحده.

المادة العاشرة من قانون الجنسية :

تنص المادة العاشرة من قانون الجنسية البحرينية وتعديلاته على أن الجنسية يمكن إلغاؤها إذا انخرط الشخص في الخدمة العسكرية لبلد أجنبي؛ أو إذا ساعد بحريني بحرينياً آخر على الانخراط في الخدمة العسكرية لبلد أجنبي أو انخرط في ذلك؛ أو إذا تسبب الشخص في الإضرار بأمن الدولة.

واعتبرت “منظمة العفو” ان هذه الفقرة صيغت بشكل فضفاض جداً، ولا تنطوي على تعريف واضح لما يمكن أن يرقى إلى “الإضرار بأمن الدولة”؛ الأمر الذي أتاح للدولة قمع الممارسة المشروعة والسلمية لحقوق حرية التعبير، وتكوين الجمعيات والانضمام إليها، وحرية التجمع، من خلال إسقاط الجنسية عن البحرينيين حتى لو أصبح الأشخاص عديمي الجنسية.

اما “الفيدراليّة الدوليّة لحقوق الإنسان” فقد نددت بموجة أحكام الإعدام غير المسبوقة في تاريخ البحرين”. واوضحت إنّ “البحرين شهدت زيادة هائلة في إصدار أحكام الإعدام منذ عام 2017، حيث تشكّل أحكام الإعدام الأخيرة عودة خطرة لعقوبة الإعدام بعد توقّف تطبيقها منذ عام 2010”. واعتبرت ان “عقوبة الإعدام تستخدم وتوظف من قبل السلطات كأداة سياسيّة”.

 

وتمثل قرارت الإعدام وسحب الجنسية والنفي والسجن لسنوات طويلة، انتكاسة في مسيرة الحراك المطالب بالتداول السلمي للسلطة. ومقابل هذا الخنق، تؤكد المعارضة على ضرورة العودة للبحث في جذور الازمة الدستورية والعمل من اجل نظام ملكي دستوري، وتشكيل حكومة يحاسبها برلمان منتخب من البحريين مباشرة.

وتأتي هذه التطورات عشية الذكرى السابعة على انطلاق الثورة البحرينية في 14 فبراير/شباط 2011 والإعتصام في دوار اللؤلؤة وسط المنامة والذي استمر شهراً حتى دخول قوات “درع الجزيرة” بقيادة السعودية، وإعلان حالة الطوارئ وفض الإعتصام بالقوة وهدم نصب الدوار.

وفي هذه الاثناء، تلاشت الاخبار عن عبدالهادي الخواجة في غياهب السجن منذ سنوات. الشيخ عيسى القاسم، محاصر فعليا، ومتهم بالعمالة للخارج وسحبت الجنسية منه، ما يعني احتمال طرده من وطنه. نبيل رجب يقضي حكما بالسجن عامين لجرائم مرتبطة بحرية التعبير فقط. ويواجه رجب حكما بـ 15 سنة إضافية في محاكمة منفصلة بتهم تضمنت، تغريدات على “تويتر” تنتقد العملية العسكرية بقيادة السعودية على اليمن. القضاء أيضا حل “جمعية العمل الوطني الديمقراطي” (وعد) اليسارية العلمانية، فقط لان الجمعية ادانت إعدام 3 رجال في يناير/كانون الثاني. أغلقت السلطات أيضا صحيفة “الوسط”، اخر ما كان تبقى من صحف مستقلة في المملكة.

 

خليل حرب

 

 

عن خليل حرب

خليل حرب، صحافي لبناني، مدير تحرير في جريدة "السفير" سابقا. يشغل اليوم منصب رئيس تحرير موقع "جورنال".