الرئيسية » اراء ودراسات » المملكة العربية السلمانية

المملكة العربية السلمانية

المبالغة التي ابداها محمد بن سلمان في عرض تقديره المصور تلفزيونيا لمحمد بن نايف، لا ينم عن امتنان فحسب. ابن عمه وزير الداخلية العتيد وولي العهد، لم يكن ربما حتى أيام قليلة خلت، يتصور في أسوأ كوابيسه، ان تكتب نهاية مسيرته بهذا الشكل.

لاحظ المشهد: ولي العهد الجديد ينحني ليلثم يد ولي العهد المعزول بأوامر ملكية مع ساعات الفجر الأولى، ثم يهم بمحاولة تقبيل قدمه وهو يتمنى له طول العمر عندما يقول بن نايف انه سيستريح تاركا العبء له.

ان هذه المبالغة بالتقبيل تقول بوضوح ان المسألة تتجاوز فكرة التقدير. لم يسبق ان شاهدنا في السعودية ملوكا وولاة عهود وامراء يتبادلون المناصب بمثل هذه المشاعر الفياضة. بن سلمان يدرك بكل بساطة فداحة ما جرى بحق بن نايف.

هذه نقطة لا بد من تذكرها دائما. أولا لان الخلع الرمضاني بهذا الشكل، قد لا ينتهي هنا. علينا ان ننتظر لنرى. وثانيا، لان محمد بن سلمان، وهو بهذا العمر الصغير، قد يبقى بيننا طويلا كملك ثامن .. اذا شاءت السماء.

ملك واحد خلع لمرضه في العام 1964 هو الملك سعود، وهناك اخر قتل هو الملك فيصل في العام 1975. الاخرون ظلوا في العرش حتى وافتهم المنية. الاحتمال المثير هنا، ان محمد بن سلمان قد يظل ملكا لخمسين سنة. لكن أي سعودية واي مملكة ستكون وقتها وهو يتعلم من والده فنون الإطاحة بوليين للعهد هما الأمير مقرن وبن نايف خلال اقل من عامين، ويعدل مرتين وفق اهوائه كوالد، قوانين “هيئة البيعة” التي وضعت أساسا لضبط السلوك الملكي وارضاء العائلة بالتسويات.

لا محمد سيكون ابن سلمان الذي نعرفه الان، ولا لعبة الحكم السعودية ستبقى كما هي. ان “الجزية” – ان صح التعبير – التي دفعت لترامب لتساهم في صعوده الغريب هذا الى العرش، قد تبدو “فراطة”، مقارنة بما يبدو ان المملكة والاقليم كله، سيستنزف منها، اذا قدرت له السماء، هذا الحكم الطويل.

عن خليل حرب

خليل حرب، صحافي لبناني، مدير تحرير في جريدة "السفير" سابقا. يشغل اليوم منصب رئيس تحرير موقع "جورنال".