الرئيسية » العالم والخليج » السعودية » أميرة سعودية.. لها ما ليس لغيرها !

أميرة سعودية.. لها ما ليس لغيرها !

 

قبل ايام، قالت اميرة سعودية ما لا يستطيع كثيرون وكثيرات في العائلة الحاكمة في المملكة، قوله. الأميرة ابنة ملك سعودي سابق، ووالدتها تتحدر من اللاذقية في سوريا، ودرست ما بين بيروت ودمشق ولندن، ولها رأيها المتابع في الشأن العام السعودي، وتكتب مقالات في صحيفة سعودية. صحيح انها تقيم خارج المملكة وقيودها اليومية، الا انها دائمة الزيارة الى بلادها.

فمن هي هذه الاميرة التي يجوز لها ما لا يجوز لكثيرين غيرها؟ والتي بإمكانها ان تتنقد حصار قطر والحرب على اليمن، وتبدي حذرا من الخطوات التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؟ وهل الهامش المتاح لها لانها ابنة ملك، ولها حضورها الخارجي والسعودي، ام لانها تلتزم ضمنيا بالخطوط الحمراء للحكم؟

هي بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز آل سعود. وهي الابنة الى 115 للملك الراحل سعود، وهي من مواليد العام 1964 في الرياض، ووالدتها جميلة مرعي المتحدرة من اللاذقية.

تلقت تعليمها الابتدائي والمتوسط في لبنان وجزء من التعليم الأساسي في مدرسة الراهبات في بيروت، ثم انتقلت إلى بريطانيا في العام 1975 بسبب نشوب الحرب الأهلية اللبنانية. أتمت دراستها الثانوية في بريطانيا، ثم التحقت بجامعة ريتشموند لدراسة العلوم الاجتماعية. وتوقفت عن الدراسة في بريطانيا، ثم انتقلت إلى سويسرا والتحقت  بالجامعة الأميركية في لوزان وأكملت السنة الثانية في العلوم الاجتماعية، لتعود بعد ذلك إلى جوار والدتها. وفي العام 1982 درست الطب العام لمدة سنة، ثم الأدب الإنكليزي لمدة عام في جامعة تشرين في سوريا، ودرست علم النفس لعامين في الجامعة العربية في بيروت.

وللأميرة بسمة كتابات ومؤلفات ونشاط يمتد ما بين السعودية والعالم العربي وأوروبا، وتتابع الشؤون السياسية والاجتماعية والدينية، على الرغم من استقرارها في لندن حيث تدير مجموعة من الشركات والاستثمارات الخاصة.

وكانت قبل عدة سنوات، من بين قلة من افراد العائلة الحاكمة، بانتقادها العلني ل”هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر”، على الرغم من ان والدها الملك سعود هو الذي أسسها.

فما اهم ما قالته في المقابلة المتلفزة مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” قبل أيام؟

وقالت الأميرة بسمة ان “حرب اليمن استمرت أكثر مما يجب”، مشيرة الى ان إطالة الحرب تسببت بكارثة إنسانية، مضيفة “كنت أتمنى أن تنتهي عاصفة الحزم سريعا”. ودعت الى وقف الحرب، التي “استنزفت من المملكة واليمن، ودمرت البنية التحتية”.

اما حول الازمة مع قطر، رفضت بسمة خطوة قطع العلاقات القائم حاليا من جاب السعودية والامارات والبحرين بالإضافة الى مصر، موضحة انها لا تؤيد قطع العلاقات مع أي دولة شقيقة. كما اشارت الى ان “الأزمة مع قطر كانت متوقعة”، بسبب أزمات سابقة بين الدولتين.

 

وعن الشأن الداخلي السعودي، قالت الأميرة بسمة إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عمل على عزل أي أمير لا يوافق على “رؤية 2030″، أو يسعى لإثبات رؤية اقتصادية أخرى على الساحة.

وفي إشارة الى معتقلي فندق “ريتز كارلتون”، قالت بسمة “أنا لا أوافق على الطرق الحادة والمعقدة في التحولات السياسية والاقتصادية في أي بلد ما، أنا أؤمن بالتدرج والدبلوماسية لإحداث أي تغيير”. وتابعت إن للأمير محمد بن سلمان رؤى وخططا طموحة، وضمن ذلك يوجد توجه لعزل كل مَنْ لا يوافق على هذه الرؤية. وأضافت “لا أقول توجد معارضة وإنما هناك رؤى أخرى تحاول أن تثبت وجودها على الساحة”.

وقالت الأميرة السعودية إن كل القرارات التي تم اتخاذها “جاءت بسرعة، دون وضع القواعد اللازمة لها”.

وضربت مثالا لذلك بقيادة المرأة للسيارة، حيث “تم اتخاذ القرار من دون أن تكون هناك استعدادات إدارية أو قانونية، أو حتى تهيئة مجتمعية، فالمجتمع لم تتم تهيئته ليرى ابنته أو أخته أو زوجته أو أمه تقود السيارة وحدها بعد إرث طويل من المنع”، مضيفة انه “كان يجب أن تستبق الخطوة بالتأهيل عن طريق الأنظمة والقوانين”.

 

وفي بداية ما يسمى “الربيع العربي”، قالت الاميرة بسمة انه لا توجد دولة عربية محصنة ضد التغيير وان على الدول ان تعطي شعوبها الحريات قبل ان تجبر على ذلك. وأوضحت “ما من أحد محصن تجاه الرياح الموسمية الجغرافية التي تجتاح امتنا العربية. ومن يقول اننا محصنون فهم مخطئون.”

وحول نشاط “هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر”، قال بسمة ان عملها تغير من هدفها الاصلي من منع الفساد الى ممارسة ضغوط على المجتمع خاصة المرأة مما أوجد مجتمعا يعيش في خوف، موضحة “تأسست هذه الهيئة على عهد والدي الملك سعود بن عبد العزيز وكان سبب تأسيسها واهدافها هي نفسها التي أسسها الخليفة عمر بن الخطاب عليه السلام. فقد اسس لجنة الحسبة وكانت مهمتها ان تنهي عن المنكر وتأمر بالمعروف”.

وأشارت الى ان “المفهوم هنا تغير ما هو النهي عن المنكر وما هو الامر بالمعروف … على وقت الخليفة كانوا ينزلون إلى الاسواق ويراقبون التجار ويراقبون الاسعار ويراقبون الرشاوي والفساد الاداري … وعندما اسسها الوالد فكانت هذه هي اهدافه وهي الرقابة على المجتمع المدني بحيث الرقابة التي تمكن المواطن ان يعيش عيشة كريمة محترمة من غير فساد وافساد ورشاوي.”

واستطردت “تحولت هذه بقدرة قادر إلى ضغط اجتماعي هدفه الاول المرأة السعودية. فانشغلوا في وجهها وقفازيها والاختلاط. وانشغلوا في امور ادت إلى عواقب وخيمة نراها الآن في مجتمعنا بحيث نحن اصبحنا مجتمعا نخاف”.

يذكر ان الملك سعود هو الوحيد الذي قام اخوته بالتعاون مع كبار افراد العائلة والمؤسسة الدينية (المفتي محمد بن إبراهيم ال الشيخ)، بخلعه من الحكم في العام 1964 وعينوا بدلا منه الأمير فيصل ملكا.

وفي الختام يتكرر التساؤل: هل الهامش المتاح للاميرة بسمة لانها ابنة ملك، ولها حضورها الخارجي والسعودي، ام لانها تلتزم ضمنيا بالخطوط الحمراء للحكم؟ خصوصا ان سعوديين قالوا كلاما اقل شأنا مما قالته، وانتهى بهم الامر ملاحقين او .. معتقلين.

 

خليل حرب

 

 

 

 

 

 

 

عن خليل حرب

خليل حرب، صحافي لبناني، مدير تحرير في جريدة "السفير" سابقا. يشغل اليوم منصب رئيس تحرير موقع "جورنال".