الرئيسية » العالم والخليج » الأردن والسعودية.. مودّة استراتيجية على صفيح إقليمي ساخن

الأردن والسعودية.. مودّة استراتيجية على صفيح إقليمي ساخن

“جورنال” – رانية الجعبري

 

رغم حدة الشعارات التي رفعها الشارع الأردني ضد المملكة السعودية، ورغم تصريحات رئيس مجلس النواب الأردني نهاية العام 2017 بضرورة توسيع الأردن خياراته وتحالفاته من دون أن يؤثر ذلك على العلاقة مع الأشقاء في دول الخليج العربي والسعودية، إلا أن العلاقات الأردنية السعودية ستواصل دفئها المعهود.

شعارات غير مسبوقة ضد السعودية في الشارع الأردني”يا محمد يا ابن سلمان يا عميل الأميركان” رفعها الشباب المعتصمون أمام السفارة الأميركية احتجاجاً على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل يوم 6 كانون الأول العام 2017، ومنذ ذلك اليوم والشباب والناشطون في الأردن يجعلون من ساحة السفارة الأميركية مكاناً لبث غضبهم حيال القرار.

وفي جلسة مجلس النواب الطارئة التي عقدت صبيحة اليوم التالي للقرار الأميركي، تحدث نواب أردنيون عن دول عربية حليفة للأردن قد تتركه وحده في مواجهة القرار الأميركي الذي يراه كثيرون خطوة نحو تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن. وفي ذات شهر كانون الأول من العام 2017 أقامت نقابة الصحافيين الأردنيين ندوة لمناقشة سبل مواجهة القرار الأميركي، أشار المتحدثون خلالها للسعودية بإشارات فيها نقد واضح، وكان المتحدثان هما أول سفير أردني لدى الكيان الصهيوني مروان المعشر ورئيس الديوان السبق عدنان أبو عودة، الأمر الذي استفز موظفاً في السفارة السعودية لإبداء رأيه محاولاً الدفاع عن الموقف السعودي، لكن تمت مواجهته بدعوات من بعض الصحافيين الحاضرين له بأن يلتزم بطرح سؤال فقط وان لا يقوم بالتعليق أو محاولة التبرير.

ما سبق كان نموذجاً للغة حيال المملكة السعودية لم تكن معهودة في الأردن، فهل يعني ذلك بداية تبدل وتغير المواقف الأردنية حيال حليفتها العربية التقليدية منذ امد، السعودية؟

يشير المحلل السياسي جهاد الرنتيسي في حديثه ل”جورنال” بأنه “لا يمكن التعامل مع المظاهر السابقة باعتبارها مؤشراً لتغيير الموقف الأردني الرسمي حيال السعودية”. ويشرح أكثر بان “التحالف الاستراتيجي بين الأردن والولايات المتحدة، الذي لا ينوي الأردن تغييره، يفرض على الأردن إملاءات من بينها أهمية بقاء العلاقات دافئة بين الأردن والأطراف العربية أو الإقليمية ذات العلاقة مع الولايات المتحدة وهذا ينطبق على السعودية”.

 

رسائل من القيادة الأردنية بضرورة الحفاظ على العلاقة مع السعودية

 

التصريحات التي تصدر من مسؤولين أردنيين سابقين ورد فعل الشارع الأردني على الموقف السعودي من الولايات المتحدة مُتَّخِذَة القرار حول القدس لا تعكس الموقف الرسمي، وذلك حسب عضو البرلمان الأردني خليل عطية الذي أكد ل”جورنال” بأن لديه “معلومات أكيدة على المستوى الرسمي تشير إلى عدم وجود أي تعليمات أو إشارات بتناول الموضوع السعودي بأي سوء”.

ويضيف عطية بأنه “تصلنا رسائل متعددة من القيادة ومن الاتجاه الرسمي والمسؤولين الرسميين بضرورة الحفاظ على هذه العلاقة وعدم الإساءة الها”.

وعن أسباب توتر العلاقة يشير إلى أنه “ذكر في وسائل إعلام عديدة من يحاول المس بهذه العلاقة وتم تلقيها على المستوى الشعبي ولكن في نطاقات محدودة وغير رسمية”، مبيناً أن السبب كان يتعلق “بقضية القدس وتحديدا في ظل الغضب الشعبي” وقد قابل ذلك “عدم وضوح الرؤية السعودية في هذا الموضوع مما ولد حالة من الاحتقان الشعبي لدى أبناء الشعب الأردني”.

 

يضاف إلى ما سبق بحسب عطية أنه “تسرب في وسائل الإعلام بان هنالك استهداف للأردن من السياسة السعودية”.  لكن عطية يعلق بانه “لم نسمع من المسؤولين السعوديين ما ينفي ذلك” مبيناً أن هذه “الحالة الضبابية وغياب تصريحات المسؤولين السعوديين بهذا الشأن كل ذلك اوجد حالة من الغضب الشعبي في هذا الموضوع”.

ورغم ما سبق إلا أنه يؤكد على “مواقف السعودية اتجاه الأردن ووقفة الشعب والقيادة السعودية مع الأردن في السابق”، معتبراً ذلك “مسلمة لا يمكن للأردن ان ينكرها أبداً”.

وثار الحديث في الربع الأخير من السنة الماضية عما عُرف إعلامياً ب”صفقة القرن”، ورغم التكتم الشديد على الصفقة إلا أنه تسرب الحديث عن اطلاع وقبول سعودي عليها، وأنها تتضمن تصفية القضية الفلسطينية. وعندما أعلن ترمب القدس عاصمة لإسرائيل يوم 6 كانون الأول من العام 2017 تم الربط بين هذا الإعلان وصفقة القرن.

وقبل أزمة القدس، كان هنالك ما يشير إلى تباين في وجهات النظر الأردنية – السعودية، فيرى مراقبون ان السعودية حاولت دفع الأردن نحو إدخال الجيش الأردني الى الأراضي السورية عبر الجبهة الجنوبية وهو ما رفضه الأردن، رغم مشاركته وتقديمه العون اللوجستي لأميركا وحلفائها.

كما أن تساؤلات عديدة يطرحها مراقبون ومسؤولون سابقون حول السبب الذي يمنع الأردن من تطبيع علاقاته الاقتصادية مع طهران، رغم أن دولا خليجية يجمعها تعاون اقتصادي كبير مع طهران رغم تدني التمثيل الدبلوماسي، والامارات خير مثال على ذلك وغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي.

ورغم التباين في وجهات النظر هذه، إلا أن تصريحات عطية تأتي وتؤكد موقف الأردن الرسمي من السعودية، ولعل خير مثال يؤكد ذلك، المؤتمر الصحافي السريع الذي جمع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي مع وزير خارجية السعودية عادل الجبير، والذي تلا مؤتمرا صحافيا لكل من الصفدي والأمين العام لجامعة الدول العربية احمد أبو الغيط يوم السبت الماضي في اعقاب الاجتماع الوزاري المصغر الذي عقد لدراسة كيفية التصدي لتداعيات القرار الأميركي حيال القدس.

المؤتمر الذي جمع الصفدي والجبير، لم ينتج عنه عناوين مهمة، ولم يسمح للصحافيين خلاله بطرح أسئلة، كان سريعا وكأن لسان حال القائمين عليه يقول للصحافيين “إنها مجرد رسالة سياسية تلخص علاقات البلدين في قادم الأيام”.

ومهما يكن، فقد ظهرت تقارير غير رسمية تشير الى ان الأردن طلب عقد قمة عربية مصغرة حول القدس، لكن السعودية ومص تحفظتا على الاقتراح.

 

عن جورنال