الرئيسية » العالم والخليج » كتاب حول “المجنون” ترامب.. والمؤامرات السعودية

كتاب حول “المجنون” ترامب.. والمؤامرات السعودية

كتبت سناء علي

 

عاصفة سياسية تضرب أركان القيادة الاميركية لعلها الأقوى بعد فضيحة “ووترغيت” الشهيرة، وبعد فشل الرئيس دونالد ترامب بقمعه، ومنعه من الوصول إلى المكتبات، تصدر كتاب “نار وغضب داخل بيت ترامب الأبيض” مبيعات المكتبات بعد يوم ونصف فقط من إطلاقه.

ومع الوصول غير العادي للرئيس ترامب إلى البيت الأبيض، يروي مايكل وولف قصة الرئاسة الأكثر إثارة للجدل في عصرنا هذا من داخل مقر الرئاسة بحسب الشهادات التي ادعى الكاتب اعتماده عليها عبر كتاب من 336 صفحة.

 

كانت الأشهر التسعة الأولى من عهد دونالد ترامب عاصفة، شنيعة، وباهرة جداً بحسب وصف مؤلف “نار وغضب داخل البيت الأبيض” مايكل وولف، والآن، وبفضل وصوله العميق إلى الجناح الغربي، يروي وولف كيف بدأ ترامب فترة حكمه بطريقة متقلبة وناريه تشبه الرجل نفسه.

لم يحدث من قبل أن انقسم الشعب الاميركي هكذا بسبب الرئاسة، ببراعة وبشكل مذهل، “نار وغضب” لمايكل وولف يبيّن لنا كيف ولماذا أصبح دونالد ترامب ملك الخلاف والانقسام، والأمر المختلف أو الذي شكل صدمة في أوساط البيت البيض ليس أن أحد المساعدين السابقين للرئيس وهو ستيف بانون، هو من سيتكلم وإنما لكون ذلك سيحدث في وقت مبكر جداً من حكم ترامب، فمعظم الكتب من هذا النوع تظهر في وقت لاحق، أو حتى بعد نهاية فترة الرئاسة، وليس قبل الذكرى السنوية الأولى.

وقد رفض ترامب الكتاب واصفاً إياه بأنه “مليء بالأكاذيب، وسوء العرض” وقال في تغريدة له عبر حسابه في موقع تويتر: “لم أعطِ أي إذن بدخول البيت الأبيض (بل إنني رفضت كثيرا) لمؤلف هذا الكتاب المزيف! لم أتكلَّم معه قط لتأليف كتاب، مليء بالأكاذيب وسوء العرض والمصادر غير الموجودة. انظروا إلى تاريخ هذا الشخص وشاهدوا ما حدث له ولسلوبي ستيف!”

لكنَّ وولف شَكَرَ الرئيس الاميركي الجمعة، 5 كانون الأول، على زيادة مبيعات الكتاب، بعد أن وصل الكتاب إلى المكتبات قبل  4 أيام من موعده المقرر وسط موجة من عناوين الأخبار المثيرة والإعلانات، وفق ما ذكر تقرير لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني.

في هذا الكتاب “المتفجر”، يقدم وولف ثروة من التفاصيل الجديدة حول الفوضى داخل مكاتب البيت الأبيض من خلال الكشف عما يفكر به موظفو الرئيس ترامب حقاً، وما هي الأسباب التي دفعت ترامب للادعاء بأنه  تعرض للاستغلال من قبل الرئيس أوباما، ولماذا قام بإقالة مدير مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي، ولما لم يستطع كبير الاستراتيجيين ستيف بانون وصهر ترامب، جاريد كوشنر أن يكونا فى نفس الموقع، ومن كان حقاً يقود استراتيجية إدارة ترامب عقب إقالة بانون، وما هو سر التواصل مع ترامب، بالإضافة لشرح وافر حول رؤية ترامب للشرق الأوسط، بدءاً من إعطائه الأمر بشنِّ ضربة صاروخية على قاعدة جوية سورية، وصولاً إلى الطريقة التي أصبح بها الأمير محمد بن سلمان “رجل أميركا على رأس السلطة”، إلى جانب المعارك الداخلية التي حدَّدَت هذه الرؤية في بعض الأحيان.

ويروي الكتاب تفاصيل التحالف الذي جمع زعيم البيت الأبيض بالسلطة الملكية في السعودية، وخفايا الإذن الذي أعطاه ترامب لولي عهد السعودية “للتنمُّر على قطر” وبدء حملته التطهيرية للأسرة المالكة السعودية والنخبة التجارية”. وكتب وولف: “أومأ الرئيس للسعوديين بالتخطيط للتنمر على قطر، متجاهلاً بذلك نصيحة السياسة الخارجية، إن لم يكن متحدياً إياها. وكانت رؤية ترامب أنَّ قطر تُوفِّر الدعم للجماعات الإرهابية، ولا تهتم بالقصة السعودية المشابهة. (ويقول هذا المنطق إنَّ بعض الأسرة السعودية الحاكمة فقط هم من قدموا مثل هذا الدعم”. وأخبر ترامب أصدقاءه، بعد أسابيع من زيارته الرياض، أنه وكوشنر هما من دبَّرا صعود محمد بن سلمان إلى السلطة ليصبح ولي العهد السعودي والوريث الواضح للعرش السعودي.

بعد شهر واحد فقط من زيارة ترامب للمملكة السعودية في أول رحلة له في الخارج، وتوقيعه صفقة أسلحة بقيمة 110 مليار دولار مع قادة المملكة، قام الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بالإطاحة بابن أخيه محمد بن نايف ولي العهد ليحل محله ابنه محمد بن سلمان البالغ من العمر 31 عاماً، مخالفاً بذلك نهج “الخلافة” المتعارف عليه منذ عقود داخل الأسرة الملكية.

هذه الخطوة جاءت في سياق مخطط صعود بن سلمان إلى السلطة في المملكة خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد عزل الملك لابن نايف من منصبه كوزير للداخلية، مع العلم أنه شخصية قوية في جهاز أمن البلاد، وعندما عيّن بن سلمان وليّ العهد، دعاه ترامب إلى البيت الأبيض وهنأه شخصياً على “الترقية”.

في آذار، دعا ترامب بن سلمان إلى البيت الأبيض، وهذا ما وصفه وولف بأنه كان “قدراً كبيراً من الدبلوماسية”، وكان ولي العهد السعودي “يستخدم هذا الاحتفال من قبل ترامب كجزء من اللعبة الدائرة في المملكة الأمر الذي كان بيت ترامب الأبيض ينكره على الإطلاق، في المقابل، كتب وولف: “لقد عرض بن سلمان سلة من الصفقات والإعلانات التي تزامنت مع زيارة ترامب للمملكة العربية السعودية، مما يعطي الرئيس “فوزاً”.

ويقال إن صهر الرئيس ومستشاره الموثوق به جاريد كوشنر قريب من بن سلمان، إذ تقول صحيفة “واشنطن بوست” إن كوشنر زار السعودية في تشرين الأول والتقى بولي العهد حتى الساعة الرابعة فجراً، وبعد بضعة أيام، اعتقل بن سلمان ما يقارب عشرة أعضاء من النخبة الحاكمة في السعودية.

وهل تكون مصادفة أن تقطع السعودية العلاقات الدبلوماسية مع قطر وتشنّ حصاراً على شبه الجزيرة المجاورة لها، قبل بضعة أسابيع من تولي بن سلمان دور ولي العهد، الخطة التي باركها ترامب أيضاً بتغريدة على حسابه في تويتر قال فيها إنه: “خلال زيارتي للشرق الأوسط أشرت إلى أنه لا يمكن أن يستمر تمويل العقائد المتطرفة أكثر من لك، وها هم القادة يشيرون إلى قطر.. انظروا!”

يذكر أن بن سلمان لعب دوراً قيادياً في حرب المملكة المستمرة منذ عامين على اليمن، ومنذ تشرين الثاني، كان يقود حملة ضد خصومه السياسيين والنخب السعودية الأخرى، وهو يقوم فعلياً باحتجاز العشرات منهم في “فندق ريتز كارلتون” في الرياض منذ ذلك الحين.

عن جورنال