عندما قال جو بايدن، قبل أيّام من انسحابه من السباق الرئاسيّ، “أنا صهيوني”، لم يكن يبالغ.
وعندما قال بنيامين نتنياهو له في البيت الأبيض الخميس الماضي: “من يهوديّ صهيونيّ فخور، إلى أميركيّ أيرلنديّ صهيونيّ (بايدن)، أودّ أن أشكرك على 50 عامًا من الخدمة العامّة و50 عامًا من الدعم لإسرائيل”، لم يكن يبالغ أيضًا.
بعدما مضى شهران على المذبحة الإسرائيليّة في غزّة، كان بايدن لا يزال يقول وقتها أنّ وقف الحرب غير مطروح. لم يكن يرى حاجة لذلك. كان هناك نحو 40 ألف قتيل وجريح وقتها.
ولم يكن يرى هذا “الانتقام” كافيًا.
“صهيونيّة” بايدن لم تكن يومًا محلّ شك. بايدن لمن نسي:
– أيّد قانون “تحرير العراق” العام 1998
– أيّد غزو العراق العام 2003
– ثمّ طرح مشروع تقسيم العراق إلى 3 دويلات طائفيّة
– بايدن كان مؤيّدًا لنقل السفارة الأميركيّة إلى القدس المحتلّة عندما كان سيناتورًا، قبل عقود من قيام الرئيس ترامب بذلك
وعندما حاول الرئيس الأسبق جورج بوش دفع إسرائيل إلى التفاوض مع الفلسطينيّين، انبرى بايدن لمهاجمته. وعندما حاول الرئيس الأسبق باراك اوباما ذلك أيضًا، كان نائبه بايدن معارضًا.
“صهيونية” بايدن متجذّرة. هوسه الدائم بالحديث عن أهوال “المحرقة النازيّة”. اللقاء الأوّل مع رئيسة وزراء العدوّ غولدا مائير العام 1973. اللقاء الأوّل مع نتنياهو العام 1982، نفس عام غزو لبنان الذي سانده بايدن، مثلما فعل بلقائه مع رئيس حكومة إسرائيل في زمن هذا الغزو مناحيم بيغن الذي انبهر بانحياز وحماسة هذا السيناتور الديمقراطي الشاب وقتها، وتحدّث عنها للصحافة الإسرائيليّة.
امام “ايباك” صرخ وتوعّد وتحمّس وهو يدافع عن إسرائيل في وجه محاولة جورج بوش الأب إجبار إسرائيل على التفاوض مع العرب. قناعة بايدن ملخّصها أنّ العرب عندما يدركون مدى تطابق أميركا وإسرائيل، فإنّ “السلام” معهم يمكن أن يتحقّق.
في بداية عهد أوباما، وفّر بايدن بصفته نائب الرئيس، كلّ الحماية الممكنة لنتنياهو في وجه ضغوط الإدارة الأميركيّة لإجباره على عدم إجهاض خيار قيام الدولة الفلسطينيّة.
في غزّة الآن، وبدلًا من الدفع باتّجاه وقف الحرب، “الصهيونيّ بايدن” فتح مخازن أسلحته بالكامل للجيش الإسرائيليّ الذي محا أحياء بأكملها.
(عن موقع المرفأ)