باشر الحشد الشعبي بمقارعة الصحراء في العراق، للوفاء بوعده للعراقيين ومحافظة المثنى تحديدا، لمؤازرتهم في معيشتهم، والوقوف الى جانبهم في مواجهة التصحر والجفاف الذي يضرب العراق، ويقضم من حياتهم حاضرا ومستقبلا.
وباشرت “شركة المهندس العامة” بتنفيذ مشروعها ل”زراعة مليون نخلة” في صحراء السماوة في محافظة المثنى، وذلك من خلال استصلاح مليوني دونم من الاراضي المهملة أمام ظاهرة التصحر وحقول الالغام المتراكمة من مخلفات الحروب المتعددة التي شهدتها البلاد.
واطلق المشروع برعاية رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وضمن برنامج الامن الغذائي، وبالتزامن مع عيد الشجرة، وذلك بحضور رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض ورئيس اركان هيئة الحشد المحمداوي ابو فدك.
وبحسب المدير التنفيذي للمشروع صلاح مهدي فان الهدف هو زراعة مليون نخلة واشجار الجوجوبا القادرة على الصمود في المناخ القاسي، وذلك بعد استصلاح الاراضي المستهدفة التي تتميز بصعوبة تضاريسها وانتشار عدد كبير من الالغام فيها والتي اشرف الحشد على ازالة كميات كبيرة منها.
وبالاحوال الطبيعية، فان مثل هذا المشروع يتطلب 10 سنوات، لكن مهدي يؤكد ان جهود الحشد ستساهم في “اختصار الوقت، وسيتحقق مثل هذا العمل المستحيل” حيث ان زراعة مليون نخلة هو امر بحد ذاته، يشكل تحديا كبيرا. واكد مهدي “سنغير بيئة السماوة الى بيئة اجمل ونحد من عبء الرياح والاتربة التي تصيب المحافظة العزيزة علينا، وسيكون العمل في مجال التغيير المناخي ملموسا خلال فترة قصيرة”.
اختصر مقدم الحفل ما يجري بالقول “من حرب المصير والسواتر ضد الارهاب التكفيري، الى الملحمة الانسانية لخدمة النازحين ،الى حماية مدن الامنين من خطر السيول الى انقاذ اقتصاد العراق وابار النفط وحمايتها من الفياضانات، الى التصدي لجائحة كورونا والوقوف مع الشعب في تلك الايام العصيبة، الى الخدمات والدخول الى ازقة المدن المظلومة خدماتيا عير جناح الجهد الخدمي الحكومي، والى سوريا الشقيقة لاغاثة المنكوبين من كارثة الزلزال..واليوم شجرة اخرى ترمز الى جهد الحشد عبر مشروع احياء الارض بزراعة مليون نخلة في بادية السماوة”.
وتمتد صحراء السماوة على مساحة اكثر من 90% من مساحة محافظة المثنى البالغة أكثر من 50 ألف كيلومتر مربع، وتربط جنوب العراق بالحدود السعودية. وكانت صور بحيرة “ساوة” الطبيعية وهي تلفظ آخر أنفاسها، اثارت الكثير من الجدل على منصات مواقع التواصل الاجتماعي في العراق. و”ساوة” هي بحيرة مغلقة تقع على بعد 23 كيلومترا من مدينة السماوة، واسمها آرامي ويعني العجوز، وهي تعتبر من اقدم البحيرات في العالم التي تشكلت قبل 10 الاف سنة.
يذكر ان السوداني كان اعلن في 12 اذار/مارس 2023، اطلاق مبادرة تشجير لمكافحة التصحر والعواصف الترابية في كلّ أنحاء البلد التي تعاني من آثار التغيّر المناخي ونقص المياه، علما أن العراق كان يُعرَف بأنّه “بلد الثلاثين مليون نخلة”. واشار السوداني إلى تضرّر “أكثر من سبعة ملايين مواطن عانت مناطقهم من الجفاف، ونزحوا بمئات الألوف لفقدانهم سبل عيشهم المعتمدة على الزراعة والصيد”.
ويعتمد مشروع “المليون نخلة” على استخدام أحدث تقنيات الري وعلى الترشيد باستهلاك المياه ويساهم في مكافحة التصحر ويعزز الأمن الغذائي بتوفير المحاصيل للعراقيين.
وفي مراسم افتتاح المشروع، قال الفياض ان “أبناء الحشد يساهمون في بناء المستقبل للعراق بعد دروس الفداء والتضحية” وان الحشد “حاضر في كل إهتمامات الأمة باقتصادها وآلامها وحروبها”، مؤكدا ان “محافظة المثني لها دين كبير في عنق الحشد” حيث انها “قدمت خيرة ابنائها، وقدمت الشهداء والتضحيات، وان شاء الله، نكون اوفياء لهذه المحافظة ولابنائها وعشائرها، ونسهم ونتمنى أن يكون الحشد قادر على ان يتكفل بكل احتياجات هذه المحافظة، مثل ما وعدهم في توفير الكهرباء للمناطق النائية جنبا الى جنب مع الحكومة المحلية”.
وبحسب الفياض، فانه المشروع الاول بهذا الحجم على مستوى العراق، وقائم على اسس علمية، ويعتمد اساليب جديدة في الزراعة، ويؤمن فرص عمل كثيرةن ويحمي البيئة.
وملعوم ان العراق مصنف الان من جانب الامم المتحدة بأنه احد أكثر دول العالم تأثرا بالتغيير المناخي ،ويخسر سنويا 100 ألف دونم بسبب التصحر والزحف الصحراوي، فيما تعتقد وزارة البيئة ان العراق يحتاج الى زراعة 300 مليون شجرة.
الا ان الفياض تعهد بجعل العراق “واحة كبيرة وخضراء ، وسنظهر للعالم اننا مبدعون كما ابدعنا في الدفاع عن العراق، وسنفتح الافاق امام العلماء والمختصين والخبراء”.
ويكون الحشد الشعبي من خلال هذا المشروع المنفذ من قبل “شركة المهندس العامة” قد اوفى بوعوده بالدخول في ميدان الخدمة العامة والانحياز للفقراء ولكافة العراقيين.
ومن جهته، قال محافظ المثنى أحمد منفي جودة ان رجال الحشد “اثبتوا انهم يد تقاتل لتدافع عن أرض الوطن ويد تبني وتعمر”.