الرئيسية » العالم والخليج » التفاهمات الإيرانية الخليجية على ضوء اغتيال سليماني

التفاهمات الإيرانية الخليجية على ضوء اغتيال سليماني

وقع خبر اغتيال قائد قوة القدس الفريق قاسم سليماني على رأس القادة الخليجيين كما الصاعقة، وبالأخص الرياض وأبوظبي اللتان تسعيان منذ أواخر العام الماضي إلى تخفيف حدَّة التوتّر مع طهران.

مساع سعودية عبر الوسيط العراقي وأخرى إماراتية عبر رجال أعمال إيرانيين يستثمرون أموالهم في دبي بالإضافة إلى قنوات مباشرة أثمرت لقاءات أمنية ودبلوماسية مهمة أبرزها زيارة الشيخ طحنون بن زايد مستشارالأمن القومي لوليّ عهد أبو ظبي محمّد بن زايد إلى طهران. زيارة قام بها رجل من رجالات الصف الأول في مراكز صناعة القرار في أبوظبي.

هذه التفاهُمات يبدو جلياً أنها أسفرت عن تقليص القوات الإماراتية في اليمن مقابل أمن المراكز الحيوية والاقتصادية في الإمارات من استهدافات “أنصار الله”.

في المُجمَل مثّلت هذه التفاهُمات استدارة إماراتية تهدف إلى إعادة ترتيب العلاقات مع إيران لعدَّة أسباب أبرزها إخفاق التحالف السعودي في تحقيق نصرٍ حقيقي في حربه ضد اليمن، ناهيك عن الخشية من استهداف الاقتصاد الإماراتي القائم على النفط والاستثمارات الاقتصادية والتداولات المالية والبنوك واجتذاب الأنظار العالمية والسياحة.

أما العامِل الأهم والذي دفع الإمارات لإعادة تقييم علاقتها بإيران هو عدم الثقة مؤخّراً بالإدارة الأميركية الحالية ولا بسلوك ترامب. هذا ما يوضحه مصدر إماراتي رفض الكشف عن اسمه. ويُضيف “لا توجد لدينا ثقة من أن ترامب لن يُضحِّي بالخليجيين مقابل التفاهُم مع إيران”.

يتابع المصدر أيضاً بالقول إن الخطوة الأميركية باغتيال سليماني أثارت استياء بلاده والسعودية على حدٍ سواء، لأنها جاءت في توقيتٍ تجري فيه تفاهُمات ووساطات من أجل الوصول إلى تهدئة في المنطقة مع إيران، مشيراً إلى أنه “لم يجر التنسيق مع القادة الخليجيين ولم يكن لديهم عِلم بعملية الاغتيال”.

لا يبدو المشهد مُختلفاً في السعودية التي سُرعان ما أصدرت بياناً قالت فيه إنه لم تتم مشاورتها بشأن عملية اغتيال سليماني، ودعت إلى ضبط النفس وفي ذلك رسالة إلى طهران.

لا تريد السعودية تعكير مسار التفاهُمات الجارية مع إيران عبر البوابة العراقية. على عكس كل التوقّعات لم يأت الموقف السعودي مُهلِّلاً للخطوة الأميركية وذلك لأسبابٍ عدَّة أولها أن الرياض باتت على قناعةٍ بضرورة الخروج من مستنقع اليمن عبر التفاهُم مع إيران. تريد خروجاً مُشرِّفاً وتفاهُمات تحفظ ماء الوجه، ولم يعد خافياً أن العراق كان ومازال بوابة هذا التفاهُم.

وفي المعلومات من الجانب السعودي أن الوسيط العراقي يُبلي بلاءً حسناً. إلى لحظة اغتيال سليماني، كان الرجل يحمل رسالة إلى الرياض كما قال حسام الدين آشنا مُستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني. ماذا كان فيها؟ هل احترقت وذهبت أدراج الرياح؟ هذا السؤال مازال مُعلَّقاً. ربما قليل من الوقت يوضِح الصورة.

ولكن المؤكَّد أن هناك إجماعاً خليجياً ضد الحرب وضد المواجهة مع إيران. هذه المرة الأولى التي يجمع فيها الخليجيون منذ أزمتهم مع قطر على الأقل حتى هذه اللحظة على موقف موحَّد ضد الحرب مع إيران.

وفي هذا الصَدَد لا يمكن القفز فوق زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد الثاني إلى طهران ولقائه السيِّد خامنئي بعد اغتيال سليماني مباشرة. وهذا يعني أنه بالنسبة إلى الخليجيين الأمن فوق كل اعتبار وأن الحيلولة دون وقوع الحرب بكافة الوسائل ضرورة مُلحَّة. فإذا وقعت الحرب لن تكون اللعبة خارج حدودهم هذه المرة بل ستضعهم في قلب مواجهة ليسوا على استعداد لها عسكرياً ولا اقتصادياً ولا على أي مستوى آخر.

وفاء العم

اعلامية بحرينية

عن جورنال