الرئيسية » Uncategorized » غزة : لماذا تعاملت “حماس” هكذا مع المتظاهرين باسم “بدنا نعيش”؟

غزة : لماذا تعاملت “حماس” هكذا مع المتظاهرين باسم “بدنا نعيش”؟


غزّة – عبد الله أبو كميل 

أقلّ من ساعة بعدما اجتمع الناس وراحوا يهتفون بصوت واحد ضد الغلاء، ورفعوا يافطات خط عليها شعارات كان أبرزها “بدنا نعيش”، “لا للغلاء”، حتى انتشرت قوات الأمن التابع لحركة حماس حاملين العصي الخشبية التي أعتدوا بها على المتظاهرين، بالإضافة للهراوات المطاطية التي كانت تجتاح أكتاف كل هاتف ضد الضرائب المفروضة من الحكومة الفاعلة في غزّة.

وسط نقطة تعدّ الأكثر كثافة للسّكان شمال قطاع غزّة، في مخيم جباليا (الترانس) كانت الشرارة الأولى لاحتشاد المئات من مختلف شرائح المجتمع في حرك  سلمي أطلقوا عليه “بدنا نعيش”  للمطالبة بمعيشة كريمة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وغلاء أسعار السلع الأساسية، وازدياد أعداد البطالة في صفوف الخرجين والعمال.

الحراك الذي انطلق في 14)  أذار/ مارس) من هذا الشهر جاء بفعل الضرائب المفروضة من الحكومة المتنفذة للقطاع وغلاء الاسعار الأمر الذي حمل المواطن اعباء لا طاقة له بها في ظل اعباء الحصار الاسرائيلي القاسية المفروضة عليهم منذ سنوات.

رغم كل ما تعرض له المتظاهرون إلا أنّهم أصرّوا على الخروج في عدّة مناطق في قطاع غزّة، فاحتشدوا في محافظة البريج وسط غزّة وكذلك جنوبها في دير البلح والتي وصفت بالأكبر، إلا أنّ أجهزة الأمن استطاعت تفريقهم من خلال الاعتداء عليهم واعتقال كل من استطاعوا الإمساك به.

ويكفل القانون الفلسطيني حق الحرية والتعبير عن الرأي وضرورة حماية المتظاهرين من قبل أجهزة الأمن استنادًا للمادة ((26/5 من القانون.

وقالت مصادر ل “جورنال” أنّ قوات الأمن التابعة لحماس فرضت طوقًا أمنيًا على سكان دير البلح بعدما أعتدت على المئات من المواطنين السلميين، ونشرت أفراد الأمن الملثمين على كافة المفترقات، بالإضافة لمداهمة العديد من المنازل واعتقال أفرادها دون مراعاة للحالات الإنسانية.

شهود  في الميدان

 خالد أحد المواطنين المعتدى عليه من قبل أجهزة الأمن يقول ل “جورنال”: “خرجنا في حراكنا الشبابي للمطالبة بمعيشة كريمة وتحقيق فرص للعمل بشهاداتنا العلمية التي انجزناها، هتفنا ضد الغلاء والبطالة وضرورة توفير متطلبات الحياة، وعلى حين غفلة دون سابق انذار وجدنا اشخاصا مدنيين يعتدون علينا بالضرب المبرح وهم يحملون الاسلحة واعتقال كل من يطالهم”.

“تفرق الجمع وهربنا من شدة الضرب وعدنا للبيوت، إلا أنّ افراد الأجهزة الأمنيّة اقتحمت منازلنا، واعتقلت كل من يقف أمامها وعبثت بالأثاث المنزلي، بالإضافة لمصادرة الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب وأيّ أداة تقنية تكنولوجية… كنا بالإكراه نفتح الكود الخاص بأجهزتنا المحمولة ليتم مسح كافة البيانات التي تحتويها”، يضيف خالد.

عدة تهديدات أبلغ بها المشاركون في الحراك الشبابي، ومئات الاستدعاءات الأمنيّة طالتهم، على خلفية المشاركة في حراك “بدنا نعيش”.

والتقت “جورنال” الصحافي أحمد زقوت الذي روى لها واقعة اعتقاله: “تم اعتقالي وأنا ذاهب للمنزل مع زوجتي بعد زيارة لأحد الأصدقاء، كنت متوجها من مدينة غزّة الى دير البلح محل سكني، تم توقيفي والتحقيق معي، ثم سمحوا لي بالذهاب للبيت”.

ويضيف: “لحظات وإذا بأجهزة الأمن التابعة لحماس تلاحقني الى المنزل، تم تفتيش المنزل وسحب هاتف زوجتي وتكسير مقتنيات البيت، وبعدها تم اقتيادي لمركز الشرطة، انهالوا علي بالضرب بالعصي والهراوات المطاطية.. استجوبوني، لماذا تتحرك بالشارع؟ ماذا تفعل زوجتك؟ لماذا كنت خارج المنزل بهذه الأوقات؟” وفور الإفراج عني، تم تهديدي بالاعتقال مرة أخرى”.

الأمر لم يقتصر على المشاركين المطالبين بتوفير حياة إنسانيّة طبيعية بل طال كافة الصحافيين الذين حاولوا توثيق ما يقوم به المتظاهرون من خلال التقاط صور عبر هاتف  محمول أو تصوير فيديو من أعلى سطح المنزل رغم التعريف بذاتهم أنّهم صحافيون.

وتعرض أمن حماس لأكثر من 40 صحافيًا بين معتقل ومهدد بالسجن وأخر الضرب كان نصيبه، الأمر الذي دفع التجمعات الحقوقية والصحافية للمطالبة بضرورة الإفراج عن الصحافيين المعتقلين والتوقف عن الاجراءات التي تتخذ بحقهم مندون المراعاة للمهنية.

وكذلك تعرض أمن حماس وأجهزة الشرطة على رجال الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، فصادرت الأجهزة المحمولة لمدير مكتب الهيئة المستقلة جميل سرحان الذي تعرض لكسر في جمجمة الرأس وكذلك منسق الشكاوي لمكتبها المحامي بكر تركمان.

تبريرات وتناقضات لفعلتها

حماس خرجت لتبرير ما فعلته أجهزة الأمن بالقول إنّ المتظاهرين خرجوا من دون الحصول على إذن قانوني من قبل الشرطة الفلسطينية التابعة لها الأمر الذي دفها لضرورة حماية الأمن العام والحفاظ على الممتلكات العامة من العبث.

كما أنّها تمكنت من معرفة المحرك الرئيسي للحراك وهو أحد الأشخاص المترددين للضفة الغربية في زياراته وتم القبض عليه مسبقًا في حادثة افتعال الشغب العام، على حد وصفها.

مبررات حماس تتنافى مع بيان الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان الذي جاء فيه أنّ الحراك الشبابي الذي نظم في قطاع غزّة جاء بدعوة من الشباب عبر منصات التواصل الاجتماعي، للمطالبة بتحسين الوضع الاقتصادي المتعايش في القطاع، وخلق فرص عمل وإلغاء الضرائب المفروضة. وأفادت الهيئة في بيانها أنّ ما تقوم به الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة الموازية مخالف للقوانين الإنسانيّة المتفق عليها.

فصائليًا، طالبت قوى المجتمع الوطني والإسلامي بضرورة ضبط النفس والتصرف بعقلانية مع المتظاهرين الخارجين رفضًا للوضع الاقتصادي المتهالك، داعيةً أجهز الأمن للإفراج عن المعتقلين، رافضة الاجراءات المتخذة في قمع الشبان الذين خرجوا في حراك “بدنا نعيش”.

عن جورنال