الرئيسية » اراء ودراسات » جرود عرسال بالعين المجردة .. حزب الله “احطها احط”

جرود عرسال بالعين المجردة .. حزب الله “احطها احط”

ماهر الدنا

 

أحطناها أحط”.. بلهجةٍ بعلبكية محبّبة اختصر لنا سائق آلية في “حزب الله” المشهد بأمّه وأبيه.
مساحاتٌ شاسعة وواسعة من الجرود لم نكن لنحلم بزيارتها في هذه الأيّام، حرّرتها المقاومة بسرعةٍ كبيرة.
من زار هذه المنطقة من ذي قبل يدرك جيّدًاً قوة هذه التنظيمات وقدرتها على تنفيذ مخططاتها، إضافة إلى جرأة مقاتليها العازمين على الموت ونشر القتل بشتّى الطرق. هذه الجرود التي تحتاج لثلاث ساعات وأكثر كي تجتازها بسيارتك، حرّرتها القوّة النارية والصاروخية والبرّية لحزب الله في غضون ساعات، هنا لا وجود لكلمة “مستحيل”.
الإشتراك مع الجيش اللبناني أساسي، وكل من ألتقيه من مسؤولي المقاومة يشدّد على احترام رغبة الجيش والتنسيق معه في كل شيء.
تصل حاجز المقاومة الأوّل الذي يفصل جرد يونين عن جرد عرسال في السلسلة الشرقية لجبال لبنان، هنا “دولة” حزب الله لا بل أكثر: “تفضّلوا ارتاحوا وشربوا مي”، لدرجة أن بوسع هؤلاء قتل زائرهم بكرمهم وحسن ضيافتهم، من التمر إلى أقراص جوز الهند وسواها، وكأنّهم هنا في نزهة، أو كما يُقال على الجانب الآخر من الجرود “كأنّهم في سيران”.
تجتاز الحاجز لتلتقي بمقاتلين منتشرين ولو بشكلٍ مستتر على طول الخط في الجرود، بين أشجار المشمش التي لا يمسّونها أبدًا، ولو اشتهوها، كما فعلنا، فلهذه الكروم أهالي وأصحاب، ومعظمهم من أبناء عرسال الذين مُنعوا من الوصول إلى رزقهم من قبل “النصرة” و”داعش” وفصائل إرهاب الحرب السورية.
نلتفت يسارًا، فنشاهد مشفى ميدانياً يتمركز بداخله عناصر المقاومة، يهبط قلبك وتشعر أنه يدمع بحق عندما تعلم أن في هذه النقطة بالتحديد ذُبح عناصر الجيش اللبناني. تقف لهنيهة، تشعر أن صلاةً خرجت من بين ضلوعك على أرواحهم، وتتابع المسير.
لا يمكن لمن يسلك هذا الطريق بسيارته إلّا أن يُصدم من سرعة حسم المعارك، فالحجارة المتطايرة بين الدواليب والتي ترتطم بين حينٍ وآخر بأسفل السيارة، تصرّ على تذكيرك أن من قطع هذه الجرود سيرًا على الأقدامٍ ليس ببشرٍ كسائر الناس، بل كما قال سيّد هذه الجرود وكل المعارك “هم رجال الله يوم الفتح في الميدان”.
تصل نقطة “القريّة” على طرف وادي الخيل، هنا تطل عليك عرسال بالعين المجرّدة، لتشعر كم ظُلم بعض أهلها، الجغرافيا والتاريخ ومن أتى إليها من خارج التاريخ.
في طريق عودتك يمرّ الى جانب الطريق آليات ثقيلة للمقاومة وكأن غرفة العمليات قد أرسلتها ليتم تصويرها من قبل الصحافيين، هنا نلمس قدرة المقاومين على الإنتصار بالحرب البرية وكذلك بالحرب النفسية، فالدبابات التي أعارها الجيش السوري للمقاومة وجّهت رسالتين أساسيتين:
١-  الجيش السوري شريك بتحرير الأراضي اللبنانية في الجوّ وكذلك على الأرض.
٢- عم بحكي يا كنّة لتسمع يا جنوب
السرد أعلاه يثبت التعاون الوثيق بين الجيش اللبناني والسوري والمقاومة، وبالوصول إلى النقطة الأخيرة، يقدّم أهالي يونين الماء وسواه للزائرين، لتتجسّد بحق معادلة: الجيشان والشعب والمقاومة.

 

 

عن جورنال