الرئيسية » العالم والخليج » من الحصار الى الفن… أسامة يتجهز لدخول “غينيس”

من الحصار الى الفن… أسامة يتجهز لدخول “غينيس”


غزّة – عبد الله أبو كميل

مع أمواج البحر التي باتت ترسل بعضًا من قطراتها على رمال الشاطئ، يحدد أسامة مساحة صغيرة من تلك الرمال التي تضيئها أشعة الشمس الذهبيّة،  متهيبًا للشروع بموهبته، يحرك يديه نحو المساحة المحددة، نظارته الحادة تتجمد للحظات.

بدقة وتركيز يخط أسامة بأصبعه ملامح صورة طبعت في خياله ولبرهة من الزمن عاد لحقيبته الصغيرة مستخرجًا مجرفةً يدوية، لنحت ما خط على الرمال، يتصبب العرق من جبينه، فيلون الصورة التي اكتمل قوامها، إنّها منحوتة اللاعب المصري محمد صلاح.

أسامة محمد سبيتة (27 عامًا) من سكان غزّة، خريج من كلية المحاسبة، تتمثل موهبته في رسم الشخصيات المشهورة، بالإضافة إلى العديد من الإعلانات التجارية المطرزة بخيوط صوفية.

يقول أسامة: “كنت ارسم منذ صغري بألوان على دفاتري المدرسية، وكنت متميزا ًبرسوماتي، لازمني ذلك حتى العام 2012، بعدها بدأت بالخروج لعالم النحت على الرمال”.

ويضيف: “بدأت أتّجه للون إبداعي آخر في طريقة النحت، ففي العام (2012 كانت نقطة الانطلاقة لي عن طريق الرمال، عملت على رسم الراحل الفلسطيني  ياسر عرفات، تلك المحطة شكلت نقطة ارتكاز لنجاحي من خلال الرواج الذي تلقيته”.

بحركة يديّه التي تعمل بدقة مع بحلقة نظراته يتابع أسامة: “رسمت شخصيات فنيّة فلسطينيّة مثل الصحافي ياسر مرتجى، وعربيةّ كالفنان السوري قصي خولي والفنانة نسرين طافش والفنان  تيم حسن، بالإضافة إلى الفنانة اللبنانية  نجوى كرم وعلى المستوى الدولي رسمتُ ذا روك الاميركي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والأمير القطري تميم بن حمد”.

معدات بسيطة تستخدم مقابل ما ينتج من لوحات فنية تتميز بالروعة، يعدُّ أسامة: “استخدم المسطرين -مجرفة حديدية صغيرة- والكريك -آلة مساعدة للحفر-، مع ضرورة وجود بعض المواد الخامة، لتثبيت انسياب الرمال، إلا أنّها باتت مفقودة في الأسواق، بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي من  دخولها”.

وهنا تجدر الإشارة إلا أنّ الاحتلال الإسرائيلي لا زال يفرض حصاره على قطاع غزّة منذ العام 2007.

أسامة حاله مثل الشباب الفلسطيني الذين باتوا يتخرجون من الجامعات  دون أن يحصلوا على فرصة عمل في تخصصاتهم، الأمر الذي دفعه للعودة للاهتمام بموهبته الفنيّة للرسم والتي تشكل مصدر دخله.

ويشار إلى أنّ 30 ألف طالب وطالبة يتخرجون سنويًا من الجامعات الفلسطينية، الأمر الذي جعل نسبة البطالة في صفوفهم (بنسبة54.5%). حسب مركز الإحصاء الفلسطيني لعام 2018.

وبات أسامة متنوعًا في موهبته  فأدخل عليها الفن التشكيلي من اللوحات والرسومات والجداريات، والعمل على إعادة تدوير الأخشاب لإنتاج الديكورات الفنية  والأثاث المنزلي.

أسامة رُشح ليشارك في أربعة مهرجانات دوليّة وعربيّة ممثلًا عن فلسطين، (تونس والمغرب والمملكة السعودية والجمهورية المصرية)، إلا أنّ الجهات الداعية له أخلت مسؤوليتها عن آلية حضوره، بسبب أزمة المعابر التي يعاني منها قطاع غزّة.

وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ معبر رفح يعتبر المتنفس الوحيد أمام حركة المسافرين، إلا أنّ مصر تغلقه بشكل شبه دائم منذ العام 2013، ففي العام 2017 فتح المعبر أمام الحالات الإنسانية 27 يومًا فقط.

رغم كل هذه المعاناة إلا أنّ أسامة يحاول أن يبرز من خلال رسوماته الوطنية والإنسانيّة التي تتعلق بالقضيّة الفلسطينيّة والأحداث اليوميّة، عبر منصات التواصل الاجتماعي، محاولاً في ذلك أن تصل معاناة الفلسطينيين للعالم العربي والدولي.

أسامة أقام أكبر معرض مرسوم في الوطن العربي بعنوان (الأرض بتتكلم)، والذي بلغت مساحة طوله 80) مترًا)، والذي يتكلم عن رواية القضية الفلسطينية ومعاناتها منذ الهجرة الفلسطينية العام 1948 حتى آخر عدوان على غزّة العام 2014.

وعمل على نحت أكبر زخرفة رملية بمساحة 780 متر مربع، بالإضافة إلى خريطة فلسطين التي بلغت مساحتها  800 متر مربع والتي أهداها لصديقه الشهيد أحمد، الأمر الذي جعله جاهزًا للتحدي لدخول مجموعة “غينيس” لتحطيم أكبر رقم قياسي في المنحوتات الرملية.

ويعاني الفنان الفلسطيني أسامة من قلة الرعاية التي أشبه ما تكون معدومة، وعدم وجود حاضنة فنية على المستوى الرسمي من وزارة الشباب والرياضة، على حد تعبيره.

ومن الجدير ذكره أنّ الاتحاد العام للفنانين الفلسطينيين أنشأ في العام 1969 والذي حمل على عاتقه تنظيم المعارض الخارجية والداخلية للفنانين، والمساعدة على تنمية المهارات الفنية، حسب ما ذكر مركز الإحصاء للوكالة الرسمية الفلسطينية “وفا”.

عن عبدالله بوكميل