الرئيسية » العالم والخليج » أهداف سياسية في كرة القدم

أهداف سياسية في كرة القدم

 

لغة مشتركة سيتحدث بها ملايين المشاهدين من القارات الخمس، يجمعهم مستطيل أخر وكرة صغيرة واثنان وعشرون لاعبا. هو كأس العالم، الفعالية الاساسية والمنتظرة كل اربع سنوات، والتي تشكل حدثاً ينتظره عشاق الكرة المستديرة والذين منهم من لا يتابع كرة القدم إلا في هذا الحدث الدولي.

ويشكل “المونديال” للدولة المضيفة، فرصة لرفع المستوى الاقتصادي للبلاد وخاصة في مجال السياحة، وليكون صورة مهمة تنقل إلى كل بيت ومقهى في العالم لتعرفهم عن هذا البلد، وليكون مدخلا للتواصل بين مختلف دول العالم عن طريق “سفراء كرة القدم”، وليصبح في لحظات تاريخية معينة بأبعاد خارج حدود الملعب وله نتائج أبعد من كرة القدم، أي بكل وضوح نحن أمام عملية سياسية من نوع مختلف.

شواهد عديدة عن كيفية تحول كرة القدم إلى وسيلة لتمرير الرسائل السياسية التي عبر عنها الكثير من قادة الدول، ومنها، في العام 1934 خلال استضافة إيطاليا كأس العالم، وقد كانت أحد الاهداف الاساسية التي عمل عليها الزعيم الايطالي بينيتو موسيليني مؤسس الحزب الفاشي، هي نشر أفكاره الفاشية حيث كان يطلق على لاعبين المنتخب الايطالي “جنود القضية الوطنية” .

بعد الحرب العالمية الثانية والتي توقفت على أثرها تصفيات كأس العالم، عملت فرنسا وألمانيا على إنشاء الاتحاد الاوروبي لكرة القدم سنة 1954 بهدف تعزيز التقارب بين الشعوب المتحاربة حينها. في العام 1966 وبعد انتصار انكلترا قال رئيس الوزراء هارولد ويلسون “لم تكن انكلترا ستفوز بكأس العالم لو بقيت في ظل حكومة حزب العمال”.

في العام 1969 تواجه منتخبا الهندوراس والسلفادور في مباراة فاصلة للتأهل إلى نهائيات كأس العالم 1970،  فازت بهذه المباراة السلفادور، وقد استغلت الهندوراس الانشغال الشعبي بالاحتفالات فقامت بشن هجمات عسكرية لتصفية مشكلة حدودية بين البلدين كانت من نتائجها 2000 قتيل. وفي العام 2014 في تصفيات بطول اوروبا بين منتخبي صربيا وألبانيا، حدث تشابك بين اللاعبين والجمهوري نتيجة قيام جمهور ألباني برفع علم يمثل خارطة ما يسمى بألبانيا الكبرى. وفي العام 2014 في جنوب أفريقيا كانت بطولة كأس العالم رسالة مهمة من الناحية الانسانية في بلدٍ عانى من نظام حكم التمييز العنصري. ويبقى المشهد المتكرر قيام جمهور في استكلندا برفع العلم الفلسطيني بشكل مستمر للتعبير عن تضامنه مع القضية الفلسطينية.

بعد ايام قليلة تنطلق البطولة على الاراضي الروسية، لتبدأ المواجهات السياسية قبل الرياضية، حيث ارتفعت أصوات حكومات غربية تطالب بمقاطعة المونديال بنسخته الروسية لأسباب مختلفة، فعلى ضوء الاتهامات الموجهة إلى موسكو باتهامها في محاولة اغتيال الجاسوس البريطاني الروسي الأصل سيرجي سكريبال في بريطانيا باستخدام مادة كيميائية، دعت إنكلترا إلى المقاطعة، وقد أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أن الامير ويليام ووزراء حكومته يرفضون الاشتراك في نهائيات كأس العالم، وأعلنت صحف بريطانيا عن إمكانية انضمام كل من بولندا وايسلندا والدنمارك والسويد واستراليا واليابان انضمامها إلى بريطانيا في المقاطعة. كما أن تعمل منظمات دولية على ترويج فكرة المقاطعة تحت شعار “مساعدة الانظمة الدكتاتورية” ويقصد بها بشكل خاصة الدولة السورية نتيجة المشاركة العسكرية الروسية المباشرة في الحرب.

ربما تكون المقاطعة هدفها تشويه الصورة السياسية للدور الروسي، فعلى الارض لا يبدو أن المقاطعة تنسحب على الفرق المشاركة، فوزير الدخلية والرياضة الالماني هورست زيهوفر صرح قائلا “على السياسة لا الرياضة، أن تحل المشاكل السياسية “.

وربما من المفارقات السياسية في مراحل التصفيات المؤهلة لكأس العالم، كان بإمكانية لقاء بين المنتخب السوري والمنتخب الاميركي، في مجموعة الملحق، حينها طرح تساؤل هل سيسمح بمنح تأشيرات سفر للاعبي المنتخب السوري للسفر إلى أميركا؟.

لربما عشاق كرة القدم لن تكون عيونهم على الابعاد السياسية، فهم سيراقبون كيف ومن سيسجل الاهداف الكروية، أما بين الدول والحكومات فعيونهم ستبقى تراقب وتعمل لتحقق أهدافها السياسية، بأي وسيلة كانت حتى لو كانت رياضية.

 

وسام عبدالله

 

عن وسام عبدالله